تأجيل المصادقة على نتائج الانتخابات يخدم القوى الخاسرة في العراق

تأجيل المصادقة على نتائج الانتخابات يخدم القوى الخاسرة في العراق

أرجأت المحكمة الاتحادية العليا في العراق مجددا النظر في دعوى قضائية قدمها تحالف “الفتح”، الواجهة السياسية الممثلة للميليشيات الموالية لإيران، لإلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي.

ويثير التأجيل المتكرر في حسم قضية الانتخابات تباينات بين القوى السياسية في العراق، ففيما يرى تحالف الفتح بأنه من الضروري عدم الاستعجال في إصدار أحكام قبل استيفاء النظر في كامل تفاصيل العملية الانتخابية والأدلة التي قدمها بشأن مزاعم وقوع عمليات تزوير، يعتبر التيار الصدري الفائز في الاستحقاق بأن تأخر المحكمة الاتحادية في إصدار قرارها يصب في سياق تعميق الأزمة.

ويرى مراقبون أن هذه التباينات بشأن موقف المحكمة الاتحادية أمر بديهي حيث أن تحالف الفتح صاحب الدعوى القضائية يعتبر أن من مصلحته عدم صدور قرار قضائي في الظرف الحالي، لإنضاج الترتيبات الجاري بحثها خلف الكواليس بشأن حضوره في المشهد السياسي المقبل، وهو يحاول استغلال هذا الهامش من الوقت لاستقطاب المزيد من القوى لتعزيز أوراقه التفاوضية، وللإبقاء على حالة من الضغط على القوى الفائزة.

في المقابل فإن التيار الصدري الذي تصدر المشهد الانتخابي بواقع 73 مقعدا، يجد في إطالة المحكمة الحسم في القضايا الانتخابية المعروضة أمامها تكبيلا لتحركاته في بناء تحالف واسع يستطيع من خلاله فرض أجندته القائمة على تشكيل حكومة أغلبية، خاصة وأن بعض القوى الكبرى (السنية والكردية) لا تريد حسم موقفها من التحالفات إلى حين صدور القرار القضائي.

محمد مهدي البياتي: تسريع المحكمة حسم قضية الانتخابات سيخدم جهة معينة

وكان تحالف الفتح الذي تكبّد خسارة انتخابية قاسية في الاستحقاق، رفع قبل أسابيع قضية أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات التي أعلنتها المفوضية العليا بزعم امتلاكه لأدلة على حصول عمليات تزوير واسعة لها.

وقال القاضي جاسم محمد عبود في ختام جلسة الاثنين لقد “قررت المحكمة تأجيل موعد المرافعة إلى يوم الثاني والعشرين من ديسمبر لغرض إمهال وكلاء المدعي تقديم آخر دفوعهم”، وإكمال المحكمة النظر بالدعوى “وفقا لما جاء في اللوائح المقدمة في هذه الجلسة”.

وهذه هي المرة الثانية التي تقوم فيها المحكمة بتأجيل النظر في الدعوى.

وأكد المحامي محمد مجيد الساعدي، ممثل الأطراف المقدّمة للشكوى، أن الهدف من الدعوى هو “إلغاء نتائج الانتخابات”. وأوضح الساعدي “اتضح وجود مخالفات جسيمة وكبيرة جدا من شأنها إحداث تغيير بالنتيجة العامة” بعد الاطلاع على خلاصات تقارير خبراء طلبتها المفوضية الانتخابية.

ويرى مراقبون أن هناك تعمدا من محامي المدعين لإطالة أمد القضية، وقد يكون الغرض أيضا من ذلك انتظار اتضاح الرؤية بشأن ما ستؤول إليه المفاوضات الأميركية – الإيرانية غير المباشرة في فيينا، على أمل أن تشمل صفقة جديدة تشمل الإبقاء على التوازنات الحالية القائمة في العراق.

وكان القيادي في تحالف الفتح محمد مهدي البياتي رجّح في وقت سابق تأجيل المحكمة لقرارها بشأن الدعوى القضائية.

واعتبر البياتي في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن “أوراقا كثيرة قدمت إلى المحكمة الاتحادية بخصوص الانتخابات لا يمكن النظر بها خلال أيام قليلة”. ورأى أن تسريع المحكمة الحسم في القضية سيخدم جهة معينة، فيما بدا إشارة إلى التيار الصدري.

Thumbnail
وينبغي على المحكمة الاتحادية حسم الشكاوى قبل أن تصادق على النتائج النهائية للانتخابات ليتمكن البرلمان الجديد من الانعقاد، ولإطلاق مفاوضات الاتفاق على الرئاسات الثلاث (الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية).

وكان المسؤولون في تحالف الفتح قد قدموا في مؤتمر صحافي عقد مؤخراً شرحا للنقاط التي يرتكزون عليها في دعوتهم بشأن النتائج مشيرين إلى حصول أعطال في التصويت الإلكتروني.

وقالوا إن البصمات الإلكترونية لبعض الناخبين لم تتم قراءتها، متسائلين كذلك عن أسباب استقدام جهاز إلكتروني جديد يسمّى “سي 1000” قبل أيام من الانتخابات والإخفاقات التي حصلت في استخدامه.

وإلى جانب تحالف الفتح قدمت أطراف أخرى كذلك شكاوى أمام المحكمة الاتحادية اعتراضاً على النتائج.

وفي نوفمبر، دافعت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت عن عمل المفوضية الانتخابية، معتبرةً أنه لا توجد دلائل “على حصول تزوير ممنهج”.

وجددت المبعوثة خلال لقاء جمعها قبل أيام مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التأكيد على نزاهة العملية الانتخابية، مشددة على أن تأجيل المحكمة الاتحادية لحسم نتائج الاستحقاق “غير مناسب”.

صحيفة العربي