تمسّك الأكراد بالقوات الأميركية في العراق: خطر “داعش” والمليشيات

تمسّك الأكراد بالقوات الأميركية في العراق: خطر “داعش” والمليشيات

قبيل أسبوعين فقط على الموعد المقرر لانسحاب القوات الأجنبية القتالية من العراق، المقرر في 31 من شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي، تتمسك القوى السياسية الكردية في إقليم كردستان العراق بموقفها الثابت لجهة حاجتها إلى قوات التحالف الدولي عموماً، والقوات الأميركية على وجه الخصوص، لمواجهة خطر فلول تنظيم “داعش”، الذي شنّ أخيراً هجمات أوقعت قتلى وجرحى من قوات البشمركة.

شنّ تنظيم “داعش” أخيراً هجمات أوقعت قتلى وجرحى من قوات البشمركة

ويأتي هذا الموقف مقابل إصرار القوى والجماعات المسلحة في العراق المدعومة من إيران، على مطلب إخراج القوات الأجنبية من البلاد، مع تلويحها مجدداً باستخدام السلاح لمقاومة القوات الأميركية في حال عدم مغادرتها الأراضي العراقية مع نهاية العام الحالي.

الأكراد يخشون خطر “داعش”
ويؤكد مسؤولون وسياسيون في إقليم كردستان، من خلال بيانات وتصريحات متكررة، على تمسّكهم بوجود القوات الأجنبية، خصوصاً الأميركية، في العراق، للحيلولة دون تواصل هجمات “داعش”، وكذلك هجمات الجماعات المسلحة المتهمة باستهداف مطار أربيل في وقت سابق، بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

تقارير عربية
تشكيك بانسحاب القوات الأميركية من العراق: عودة المواجهة؟
وأكد القيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن لا تغيير في موقف القوى الكردية الرافض لخروج القوات الأجنبية من العراق في الوقت الحالي، عازياً ذلك إلى أن “خطر داعش لم ينته”.

وأشار شنكالي إلى أن مسلحي التنظيم “لا يزالون قادرين على مهاجمة قوات البشمركة وتهديد الإقليم، وكذلك مهاجمة الجيش العراقي”، مبيناً أن وجود القوات الأميركية “يمكن أن يساهم في درء خطرهم”.

واعتبر القيادي الكردي المطالبة بإخراج القوات الاجنبية بأنه مطلب “غير مبرر”، وأن “من يصر على إخراج هذه القوات، لديه بالتأكيد أجندات أخرى، ويريد استغلال الفراغ الذي يمكن أن يتركه خروج هذه القوات”.

ورجح شنكالي بقاء جزء من القوات الأجنبية في إقليم كردستان بعد تحوّل مهامها إلى استشارية. وقال: “نحن بحاجة إلى القوات الأميركية في ظلّ الظروف الراهنة التي تشهد أوضاعاً أمنية وسياسية وإقليمية غير مستقرة”.

وتوقع القيادي الكردي احتمال استغلال “داعش” خروج القوات الأميركية، لزيادة هجماته، خصوصاً أن التحالف الدولي كان له الدور الكبير في تحرير الأراضي من التنظيم الإرهابي، مشدداً على أهمية وجود القوات الاستشارية والقوات الجوية الأجنبية للحد من تحركاته.

رسائل هجمات الكاتيوشا والمسيّرات
وبشأن احتمال تعرّض أربيل إلى هجمات جديدة بصواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيّرة بعد خروج القوات الأجنبية، ذكّر شنكالي بأن “هذه الهجمات حدثت في ظل وجود القوات الأميركية”، معتبراً أنها “تمثل رسائل من قبل بعض الجهات بأنها قادرة على زعزعة الأمن والاستقرار في إقليم كردستان”.

ويعوّل إقليم كردستان العراق على دعم التحالف الدولي، لتقديم المساعدة في التصدي لهجمات “داعش” ضد قوات البشمركة الكردية في مناطق متنازع عليها بين بغداد وأربيل.

وبعث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في وقت سابق من الشهر الحالي، رسالة إلى رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، أكد فيها أن “بلاده ستواصل مساندة البشمركة في مكافحة داعش، وأن الولايات المتحدة تجمعها مع إقليم كردستان علاقة خاصة وشراكة مهمة”.

وفي هذا السياق، شدّد القيادي في “الحزب الديمقراطي الكردستاني” عرفات كرم، في وقت سابق من الشهر الحالي، على أهمية دور التحالف الدولي في التصدي لفلول “داعش”، موضحا أن قرار البرلمان العراقي الذي صدر مطلع عام 2020 بإخراج القوات الأجنبية كان قراراً سياسياً وليس وطنياً.

في المقابل، تصر قوى وفصائل مقربة من طهران على خروج القوات الأميركية من العراق في الموعد المحدد نهاية ديسمبر.

شنكالي: من يصر على إخراج القوات الأجنبية، يريد استغلال الفراغ الذي ستتركه مغادرتها

واعتبر العضو في تحالف “الفتح” (الجناح السياسي لـ”الحشد الشعبي”) جبار المعموري، أن خروج القوات الأميركية “يمثل ركيزة مهمة للأمن القومي العراقي”، متهماً في تصريح صحافي الأميركيين بـ”التورط في نزيف الدم العراقي”.

كما اتهم واشنطن بـ”الوقوف وراء حالة عدم الاستقرار الأمني في البلاد”، مبيناً أنها تقف “وراء تعطيل الكثير من المشاريع في مختلف المجالات”.

وسبق أن هددت مليشيات عراقية مسلحة باستخدام السلاح ضد القوات الأميركية ما لم تغادر البلاد بحلول نهاية 2021.

جدل وجود القوات الأجنبية في العراق
وتوقع عضو البرلمان السابق صادق المحنا، تراجع الصراعات واستخدام السلاح بعد خروج القوات الأميركية، معتبراً في حديث لـ”العربي الجديد”، أن بعض الأطراف تتذرع بالوجود الأجنبي لشنّ الهجمات.

وشدّد المحنا على أن العراقيين سئموا استخدام السلاح لحلّ المشاكل، متوقعاً أيضاً أن يؤدي تشكيل الحكومة الجديدة إلى تهدئة الأوضاع، وعدم معاودة الهجمات بالكاتيوشا وبالطائرات المسيّرة ضد أربيل. وذكّر بأن السلطات العراقية كانت استعانت بالتحالف الدولي، لأن الجيش العراقي لم يكن بالجهوزية الكاملة للقضاء على “داعش”.

وبالنسبة إلى خطر التنظيم، رأى المحنا أن “داعش تراجع في الفترة الماضية، لكن هجماته لا تزال مستمرة، كما أن تحركاته تتسبب في خسائر بالأرواح في صفوف الجيش والبشمركة”، لذلك فإن القوى الكردية تنتظر برأيه “جهوزية الجيش والبشمركة تسليحاً وتجهيزاً وإعداداً، ومن ثم خروج القوات الأميركية”.

وفيما أشار إلى “وجهة النظر المختلفة للأطراف الأخرى حول الوجود الأميركي، لاعتقادهم بأن القوات الأميركية قد سببت لهم مشاكل”، لفت المحنا إلى أن إقليم كردستان لديه رأي مختلف “قد يترتب عليه بقاء قوات أميركية في أربيل”، محذراً من احتمال استغلال “داعش” للانسحاب الأميركي لشنّ هجمات، كما أن التنظيم قد ينشط في عدد من المناطق المحاذية لحدود إقليم كردستان.

وأخيراً، رأى عضو سابق في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، طلب عدم ذكر اسمه، أن جدل القوات الأجنبية سيستمر في ظلّ وجود مؤيدين ورافضين للانسحاب، مؤكداً في حديث لـ”العربي الجديد” أن القوى الكردية قد تثير هذه القضية في البرلمان المقبل، المؤمل استئناف جلساته بعد المصادقة على نتائج الانتخابات.

ولفت المصدر إلى أن الطرف الكردي “لن يقبل بخروج القوات الأجنبية، خصوصاً الأميركية من البلاد لسببين: أولهما الخشية من تصاعد هجمات داعش. والثاني الذي يتمثل في الخوف من احتمال استغلال مليشيات مسلحة الانسحاب والعودة إلى مهاجمة مطار أربيل وقاعدة حرير التي تتواجد فيها قوات أجنبية”.

وفي هذا الإطار، أشار المصدر إلى أن تمسّك الأكراد بالقوات الأجنبية “قد يجعلهم في مواجهة مباشرة مع القوى والفصائل المقربة من إيران، التي تصر على خروج هذه القوات التي تصفها بالمحتلة”، مشدداً على أن هذا الملف يتطلب تسوية سياسية للتخلص من تبعاته.

العربي الجديد