بغداد – أثارت استضافة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأربعاء في النجف لوفد من تحالف الفتح، الذراع السياسية للميليشيات الموالية لإيران، إلى جانب رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، الكثير من التساؤلات لاسيما وأن الدعوة لم تشمل باقي ممثلي الإطار التنسيقي وبخاصة رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
وضمّ وفد تحالف الفتح الذي استقبله الصدر في مقر إقامته رئيس التحالف هادي العامري وقيس الخزعلي الأمين العام لعصائب أهل الحق، إحدى أكثر الفصائل الموالية لإيران تشدداً، إلى جانب فياض، فيما لم يكن هناك أي من ممثلي باقي قوى الإطار التنسيقي.
ولم تخل استضافة الصدر للقيادات الموالية لإيران في “الحنانة” من رسائل لعل أهمها أنه يريد تأكيد أنه “مايسترو” العملية السياسية في العراق، وأنه لن يقبل بمزاحمة أي طرف في الإنجاز الانتخابي الذي حققه، إلا وفق ما يحدده هو أو يسمح به.
وعزز انتهاء اللقاء دون صدور بيان مشترك عن الجانبين، واقتصار الصدر على تغريدة نشرها على حسابه في تويتر وجدد من خلالها التأكيد على تشكيل “حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية”، حالة الغموض خلف المغزى من هذا اللقاء الذي يأتي بعد يومين فقط من مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في العاشر من أكتوبر الماضي، وأفضت إلى تصدر التيار الصدري الاستحقاق.
ويرى مراقبون أن استضافة الزعيم الشيعي لوفد من تحالف الفتح تبدو الغاية الأساسية منها هي إثارة المزيد من الشكوك داخل الإطار التنسيقي الذي تشكل عقب الانتخابات وضم القوى الرافضة لنتائج الاستحقاق، وفي مقدمتها ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وتحالف الفتح الموالي لإيران.
ويرجح المراقبون أن يكون الصدر قد عرض خلال اللقاء مقترحا يقضي بمشاركة تحالف الفتح في حكومة يكون التيار الصدري هو من يشكلها ويضع برنامجها ويتحكم في إدارة دفتها، وهو عرض يحقق للصدر جملة من الأهداف لعل أهمها عزل غريمه نوري المالكي وتفكيك الإطار التنسيقي الذي يمكن أن يتحول إلى قوة معارضة تسبب له الكثير من المشاكل خلال إدارته للمرحلة المقبلة في العراق، فضلا عن تجنب خطر الصدام مع الميليشيات الموالية لطهران والتي ورغم إعلانها عن قبولها بنتائج الانتخابات وفض الاعتصام أمام بوابات المنطقة الخضراء إلا أنها من غير الوارد أن تستكين.
دعوة زعيم التيار الصدري لم تشمل باقي ممثلي الإطار التنسيقي وبخاصة رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي
ويقول المراقبون إن فرضية قبول تحالف الفتح بالانخراط في حكومة يقودها التيار الصدري من عدمه غير واضحة، حيث أن لكلا الخيارين نتائج إيجابية وأخرى سلبية، ولعل من إيجابيات المشاركة تلافي صدام مع التيار الصدري الذي إلى جانب امتلاكه للقوة السياسية التي مكنته منها نتائج الانتخابات يملك حيثية شعبية كبيرة داخل الوسط الشيعي، كما أن له أيضا ميليشيات مسلحة.
ولا تخلو المشاركة كذلك من نتائج سلبية حيث أنها ستحوّل تحالف الفتح الذي كان احتل المرتبة الثانية في الانتخابات الماضية إلى لعب دور ثانوي في العملية السياسية مجردا من قوة القرار أمام التيار الصدري.
ووصف رئيس تحالف الفتح هادي العامري الاجتماع مع زعيم التيار الصدري بالإيجابي. وقال العامري في بيان صحافي إن “اللقاء كان إيجابيا ومسؤولا ومنطلقا من تغليب مصلحة الدولة القوية، والنجاح في المرحلة القادمة”.
وأضاف “سيتم استكمال بحث ضمانات النجاح في بناء الدولة وفي الأيام القريبة المقبلة ستكون لنا عودة مرة أخرى للنجف” للاجتماع مع الصدر.
وكان قيادي في تحالف الفتح قد رجح في وقت سابق أن يكون الصدر قد قام بدعوة كل من العامري والخزعلي والفياض إلى النجف لـ”زرع قنبلة موقوتة داخل الإطار التنسيقي”، تمهيدا لعزل رئيس ائتلاف دولة القانون.
ونقلت شبكة رووداو الإعلامية عن القيادي الذي فضل عدم الكشف عن هويته قوله إنه ما كان ليجتمع كل من القادة الثلاثة في آن واحد في منزل الصدر دون “دعوة رسمية” من الأخير، معتبرا أنه لو كان القرار صادرا عن الإطار التنسيقي “لكان ممثل المالكي موجودا ضمن الاجتماع” الذي حصل في الحنانة.
وقال المصدر إن الصدر هو من “طلب دعوة هؤلاء الثلاثة بعيدا عن المالكي وحيدر العبادي وعمار الحكيم”، لاعتقاد زعيم التيار الصدري أن العامري والخزعلي والفياض هم “الأكثر قوة في الإطار التنسيقي”.
صحيفة العرب