بيّن إستطلاع رأي نادر أجرِيَ في أيلول/سبتمبر في المملكة العربية السعودية أن الشعب السعودي ينظر نظرة سلبية جدًا تجاه مختلف القوى الإقليمية والخارجية المتنافسة. وخلافًا لذلك، جاءت الإحصاءات عن كل من مصروخصمها حركة “حماس” إيجابية إلى حدٍ ما، حتى أن جماعة “الإخوان المسلمين” لاقت تأييدًا من ثلث المواطنين السعوديين.
أجرت هذه الإستطلاع شركة عربية تجارية رائدة في مجال الإحصاءات وقد شمل هذا الإستطلاع مقابلات أجراها موظفون محليون مع عينة إحتمالية جغرافية تمثيلية تتألف من 1000 شخص من الراشدين السعوديين ضُمنت فيها السرية التامة. وأخذت عينات من جميع المناطق السعودية والأقسام الديموغرافية في البلاد بما يتناسب مع حصتها من إجمالي عدد السكان. فعلى سبيل المثال، كان نصف المستجيبين في الاستطلاع دون سن الـ35 وأكمل 28 بالمائة منهم فقط الدراسة الثانوية أو التعليم العالي. وهم موزعون جغرافيًا بين المدن الكبرى والمناطق السكنية الصغيرة في جميع أنحاء البلاد. الرياض (23 بالمائة)، مكة المكرمة/جدة (22 بالمائة)، الدمام (16 بالمائة)، والمحافظات الأخرى (39 بالمائة)، حيث الغالبية العظمى عرّفت عن نفسها بـ”مسلمين سُّنَّة” (86 بالمائة)، أما الأقليات فعرّفت عن نفسها بـ”مسلمين” (8 بالمائة) أو “مسلمين شيعة” على وجه التحديد (6 بالمائة).
وفي ما يتعلق بالقوى الخارجية، تعادلت روسيا مع الولايات المتحدة تقريبًا من حيث مدى سلبية آراء السعوديين. بهما إذ سجّلت الأولى 85 بالمائة والثانية 81 بالمائة من الآراء السلبية بسبب “سياساتهما الأخيرة.” وحصل كلا البلدين على النسبة ذاتها من النظرة الـ”سلبية جدًا،” وهي 42 بالمائة. حققت الصين وفرنسا نتائجَ أفضل نسبيًا، إذ تفاوتت آراء السعوديين حولهما بين “سلبية إلى حدٍ ما” و”سلبية جدًا” بنسبة منخفضة في التصنيف وصلت إلى 60 بالمائة . والمدهش أن سياسات باكستان الأخيرة حصدت أيضًا 63 بالمائة من الآراء السلبية، ويعود ذلك ربما إلى رفض حكومة إسلام آباد طلب السعودية بمشاركتها التكنولوجيا النووية أورفضها الانضمام إلى تحالف المملكة العسكري لمناهضة الحوثيين في اليمن.
كذلك، ينظرالسعوديون إلى إيران بطريقة سلبية للغاية. فرأى معظم السعوديون أن سياسات طهران الأخيرة هي”سلبية إلى حدٍ ما” (42 بالمائة) أو حتى “سلبية جدًا” (49 بالمائة)، و12 بالمائة فقط ذكروا أنهم يتوقعون تحسنًا في العلاقات العربية الإيرانية في السنوات القليلة المقبلة. غير أن المواقف تجاه الإتفاق النووي الإيراني انقسمت بشكل غير متوقع حيث قال 42 بالمائة إنها صفقة سيئة، بينما رأى 39 بالمائة على الأقل أن الإتفاق “جيد إلى حد ما.”
أما نظام الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق وحليفه “حزب الله” فحصدا آراءً غير مؤاتية للغاية من الرأي العام السعودي، حيث تعادلت هذه الآراء بين نسبتي 84 و85 بالمائة. بالإضافة إلى ذلك، أيّد حوالي ثلث الشعب السعودي المعارضة السورية، ومنهم (4 في المائة) من أيّد تدخلًا عسكريًا سعوديًا مباشرًا ومنهم (17 في المئة) من لم يؤيده. أما البقية ففضلت اتباع مقاربات دبلوماسية متنوعة فيما يتعلق بهذا الموضوع، و20 بالمائة فقط فضّلت “عدم تدخل المملكة العربية السعودية بالأزمة السورية نهائيًا.”
من بين كافة الأطراف المذكورة في الاستطلاع، سجّل تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) السمعة الأسوأ لدى الرأي العام السعودي، حيث نظر 78 بالمائة من السعوديين إلى التنظيم نظرة “سلبية جدًا” و14 بالمائة نظرة “سلبية إلى حدٍ ما.” هذه النتيجة هي مماثلة تقريبًا لنتيجة الإستطلاع الذي أجريناه العام الماضي. والاستنتاج المهم الذي يمكن استخلاصه هو أنه على الرغم من ادعاءات “داعش” الإعلامية التي تسعى إلى إثارة الدهشة والقائلة إن التنظيم يمثل المسلمين السنة، لا تزال “داعش” لا تلقى أي دعم شعبي تقريبًا في المملكة العربية السعودية التي هي من معاقل الأصولية السنية.
في تناقض حاد، تحتفظ بعض الحركات الأصولية السنية الأخرى بتعاطف شعبي كبير في المملكة العربية السعودية. فبرزت حركة “حماس” مع نسبة تأييد تبلغ 53 بالمائة وهي نسبة أعلى من تلك التي حصدتها السلطة الفلسطينية التي حظيت بتأييد بنسبة 41 بالمائة. وحظيت جماعة “الإخوان المسلمون” بتأييد 35 بالمائة من الرأي العام السعودي، ما يساعد على تفسير تحول الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى سياسة أكثر تساهلًا تجاه هذه المجموعة.
منتدى فكرة