جيوش ست دول تتصارع في سورية، لكن إنهاء الحرب ممكن

جيوش ست دول تتصارع في سورية، لكن إنهاء الحرب ممكن

واشنطن- اجتذبت الحرب السورية الجيوش الأميركية، والإسرائيلية والتركية، وما يزال خطر وقوع اشتباكات بينها وبين القوات الإيرانية، والروسية والسورية، حقيقياً للغاية.

وتنظر واشنطن إلى “قوات سورية الديمقراطية” على أنها حليف مهم ضد تنظيم “داعش”، لكن أنقرة تنظر إلى هذا التنظيم الكردي على أنه يشكل تهديداً إرهابياً.

وتتعامل الولايات المتحدة مع الحرب في سورية على أنها شيء لا يدخل ضمن نطاق أولوياتها على ما يبدو، على الرغم مما يمثله الوضع هناك من تحديات إقليمية خطيرة إذا تُرك من دون حل قاطع.

وقال جيمس جيفري، الممثل الأميركي الخاص إلى سورية والمبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم “داعش”.

والذي يعمل حالياً مديراً لبرنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون، في تقرير نشرته مجلة “فورين أفيرز” إنه في الوقت الذي يركز فيه الرئيس الأميركي جو بايدن وفريقه على الملف النووي الإيراني، ما تزال الحرب في سورية جرحا مفتوحا في قلب الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن الإدارة الحالية لم تخرج بشكل ملحوظ عن نهج الإدارات السابقة، إلا أن قرارها بنزع صفة الأولوية عن الصراع في سورية يأتي في وقت سيئ للغاية.

ويرى جيفري أن الفرص المتاحة لإيجاد حل للأزمة السورية بدأت تظهر الآن، وينبغي على الولايات المتحدة أن تكرس الطاقة الدبلوماسية اللازمة لاغتنامها.

ولا تشمل مفاتيح النجاح بعد سنوات من الفشل المشاركة رفيعة المستوى فحسب، بل تشمل أيضا تقييما واقعيا لما يمكن تحقيقه في أي اتفاق.

ويضيف جيفري أن هناك مخاطر كبيرة لعدم إيلاء سورية الاهتمام الواجب.

ويفرض الصراع بالفعل تحديات جمّة، فقد تسبب في تهديدات جيوسياسية، من صعود تنظيم “داعش”، إلى نشر صواريخ إيرانية دقيقة تستهدف إسرائيل، إلى تدفقات اللاجئين الهائلة التي تهدد بزعزعة استقرار الدول المجاورة وأوروبا.

ويقول جيفري إنه يتعين أن يأتي إبرام أي اتفاق رسمي لوقف الحرب في سورية ضمن قرار جديد لمجلس الأمن الدولي وإرساء الرقابة على التزامات كل طرف.

والنتيجة النهائية هي عودة سورية كدولة “طبيعية” وعضو كامل العضوية في جامعة الدول العربية.

وبالنسبة للسوريين أنفسهم، أسفرت الحرب الأهلية التي دامت عقدا عن خسائر فادحة في الأرواح، وشردت نصف السكان من ديارهم، وتركت معظم المواطنين فقراء.

وإذا تُركت هذه الديناميات من دون معالجة، فإنها ستهدد بزعزعة استقرار الشرق الأوسط لسنوات مقبلة.

هناك استفزازان جاءا مؤخرا، هما انتهاك الحكومة في تموز (يوليو) لوقف إطلاق النار في الجنوب الغربي للعام 2017 الذي تم التفاوض عليه بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهجوم شنه مقاتلون مدعومون من إيران في تشرينن الأول (أكتوبر) ضد القوات الأميركية في قاعدة التنف في جنوب سورية، من دون رد أميركي ملحوظ.

ويمكن أن يشجع ذلك قوات الحكومة أو الإيرانيين على التصعيد في المناطق التي تقوم القوات التركية أو الأميركية بدوريات فيها، وفقا لجيفري.

وأشار مسؤولون كبار في إدارة بايدن مرارا إلى أنهم غير مهتمين ببذل جهد كبير لحل النزاع السوري. ومع تغير الحالة وتبلور حل وسط محتمل، ينبغي لهم أن يعيدوا تقييم ذلك القرار.

وعلى الرغم من أن اهتمام الولايات المتحدة بإيران تهيمن عليه مفاوضات البرنامج النووي الحاسمة بدلا من الإجراءات الإقليمية التي تتخذها طهران، فإنه بمجرد أن يكون لدى الإدارة الأميركية المزيد من الوضوح حول الاتجاه الذي ستؤول إليه لأمور بشأن تلك المحادثات، يجب عليها أن تشارك بجدية في سورية. هناك مخاطر تترتب على تجاهل الصراع، ولذلك لا ينبغي تفويت فرصة الفوائد المحتملة للتوصل إلى اتفاق.

ويرى جيفري أنه يجب على الولايات المتحدة أن تقود أي جهد دبلوماسي متجدد للتوصل إلى حل للصراع السوري.

وعلى الرغم من أن أي اتفاق يجب أن يكون متسقا مع الدور الرسمي للأمم المتحدة، فإن واشنطن وحدها هي التي يمكنها تنسيق عمل العديد من أعضاء التحالف المناهض للنظام السوري. والطرف الوحيد الذي يمكن للولايات المتحدة التحدث معه في هذه المفاوضات هو روسيا.

أما أولئك الذين حاولوا إبرام صفقات مباشرة مع النظام منذ العام 2011 فقد خاب أملهم باستمرار، وترفض إيران عادة المناقشات حول تصرفاتها في الدول المجاورة مع دول خارج المنطقة. ولا تملك موسكو السيطرة الكاملة على النظام السوري وتتنافس على النفوذ مع إيران، لكنها تظل الشريك الأكبر في التحالف الروسي السوري الإيراني.

كما أن طموحات موسكو محدودة أكثر من دمشق أو طهران، ما يجعلها أكثر قابلية للحل التفاوضي للصراع.

وينبغي على إدارة بايدن أن تسعى إلى خفض التصعيد خطوة بخطوة من قبل الجانبين. وهذا يشبه الاستراتيجية التي اعتمدتها الإدارتان الأميركيتان السابقتان، لكن القضايا المحددة التي يجب تحديد أولوياتها ستعتمد على تفضيلات إدارة بايدن وتفضيلات شركائها والجانب الآخر.

وفي المقابل، من المرجح أن تضغط روسيا من أجل انسحاب الجيوش الأميركية والإسرائيلية والتركية من سورية. ومن المرجح أيضا أن تطالب موسكو بتعاون الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب في سورية ضد تنظيم “داعش”، الذي تبدو الحكومة السورية غير قادرة على هزيمته، إلى جانب تخفيف العقوبات وعودة اللاجئين من تركيا والأردن ولبنان إلى بلداتهم ومدنهم الأصلية.

وقد تأمل روسيا، ربما بشكل غير واقعي، في أن تطلق هذه الخطوات العنان للاستثمار الأجنبي في سورية، وبالتالي تحرير موسكو من محاولة دعم اقتصاد البلاد المنهار.

الغد