مدريد – أكدت السلطات الإسبانية التمسك بمتانة العلاقات الدبلوماسية بين مدريد والرباط من أجل تجاوز الخلاف السياسي الحالي، فضلا عن أهمية إعادة تحديد العلاقة القائمة بين البلدين والتشبث بموقفها حيال قضية الصحراء المغربية، عبر دعم حوار أممي بشأنها.
وذكرت المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل رودريغيز أن “الحكومة تشاطر بشكل كامل تصريحات الملك فيليبي السادس” عندما طالب الرباط ومدريد بالعمل من أجل علاقات جديدة ومتينة، خاصة في القرن الحادي والعشرين، وتجاوز الأزمة الحالية.
محمد لكريني: تدخل العاهل الإسباني في ملف الصحراء يدعم مبادرة الحكم الذاتي
وتعد هذه المرة الأولى، منذ اندلاع الأزمة الثنائية المستمرة، التي يدلي فيها الملك فيليبي السادس بتصريحات من هذا النوع ويتطرق إلى الحديث عن العلاقات الثنائية مع المغرب التي تمر بحالة قطيعة شبه دبلوماسية.
وقال خلال استقبال خص به السلك الدبلوماسي المعتمد في إسبانيا، وفي غياب السفيرة المغربية كريمة بنيعيش، “الآن ينبغي على الأمتين السير معا من أجل الشروع في تجسيد هذه العلاقة بدءا من الآن”.
ويعتقد محمد لكريني أستاذ القانون الدولي أن “تدخل العاهل الإسباني في ملف الصحراء قد يسهم في تغيير موقف الحكومة الإسبانية والسير قدما نحو دعم مبادرة الحكم الذاتي”.
وأكدت المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية أن “المغرب يعتبر بلدا جارا، وبلدا استراتيجيا بالنسبة إلى مصالح إسبانيا”، مشيرة إلى أنه “انطلاقا من هذه الحقيقة تحدو البلدين رغبة في إقامة علاقات جيدة”، وشدّدت على أهمية “العمل سويا في هذا الاتجاه خلال الأشهر والسنوات المقبلة”.
وتعقد مدريد الآمال على الملك فيليبي لنزع فتيل الأزمة مع الرباط، نظرا لعلاقاته المتينة مع القصر الملكي المغربي، خصوصا بعد استمرار حالة الجمود في العلاقات الثنائية بسبب استقبال إسبانيا لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي في أبريل من العام 2021 سرا وبهوية مزورة، علاوة على موقفها غير الواضح من الصحراء المغربية ومبادرة الحكم الذاتي.
ولم تعد السفيرة المغربية بمدريد كريمة بنيعيش بعد إلى منصبها، وفي السياق ذاته كشفت صحيفة “الكونفيدونسيال” الإسبانية أن الحكومة لجأت إلى الملك فيليبي السادس لحل الأزمة مع المغرب المستمرة لأكثر من ثلاثة عشر شهرا، وجاء هذا التحرك من طرف حكومة بيدرو سانشيز لأول مرة نحو الرمز الرئيسي فيليبي السادس لإنهاء الأزمة الدبلوماسية بين البلدين عن طريق حوار مباشر مع العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وسجلت الصحيفة الإسبانية أن “السلطة التنفيذية الإسبانية قاومت اللجوء إلى الملك، إلا أن تمسك الرباط بالشروط المطروحة لإعادة العلاقات بين البلدين وعودة السفيرة المغربية إلى مدريد، ومنها ما يتعلق بملف الصحراء، جعلها تلجأ الى الملك فيليبي أملا في إيجاد حل توافقي مع ملك المغرب لما يجمع الأخيرين من علاقات تفاهم وتقدير متبادل”.
السلطات الإسبانية تأكد تمسكها بمتانة العلاقات الدبلوماسية بين مدريد والرباط من أجل تجاوز الخلاف السياسي الحالي
وعلق إسبينوزا دي لوس مونتيروس، المتحدث باسم نواب حزب “فوكس” اليميني في الغرفة السفلى من البرلمان الإسباني، على الخطاب الودي للملك فيليبي تجاه الرباط، مؤكدا أن “إسبانيا في حاجة إلى إعادة العلاقات مع المغرب”، وأبرز أن الأمر يتعلق “ببلد قريب جغرافيّا وله روابط هائلة مع إسبانيا التي حافظت معه على ميزان تجاري مهم جدا طيلة عقود”.
وقال محمد لكريني في تصريح لـ”العرب”، إن “العاهل الإسباني يعتبر قناة دبلوماسية مهمة في حل هذا النزاع الذي طال أمده، واستثمر استقباله السلك الدبلوماسي المعتمد في مدريد ليمهد الطريق نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتمتينها مع ضرورة دعم مشروع الحكم الذاتي الذي اعتبره المغرب أقصى ما يمكن أن يقدمه في هذا الملف”.
وإثر نجاح برلين في إصلاح علاقاتها مع الرباط بعد القطيعة الدبلوماسية التي دامت عدة أشهر أكد رئيس الحكومة الإسبانية، خلال ندوة صحافية مشتركة جمعته بالمستشار الألماني أولاف شولتز أثناء زيارة له إلى إسبانيا، أنه يؤيد كلام الملك فيليبي السادس، “وبالنسبة إلى إسبانيا يعد المغرب شريكا استراتيجيا ينبغي أن نمضي معه قدما”، مجددا التأكيد على أن “إسبانيا والمغرب يجمعهما تعاون استراتيجي في جميع المجالات”.
وقبل زيارة المسؤول الألماني إلى مدريد كان الرئيس الألماني قد أرسل رسالة سياسية واضحة إلى المغرب أكد فيها على أن برلين تؤيد مقترح الحكم الذاتي لحل النزاع حول الصحراء المغربية، وهو الطريق الذي من المتوقع أن تذهب فيه إسبانيا كشرط مغربي أساسي حتى تستعيد العلاقات الثنائية توازنها.
العرب