أبوظبي – حمل استهداف قوات أميركية في قواعد بالإمارات رسالة واضحة من إيران إلى الولايات المتحدة مفادها أن المقصود ليس الإماراتيين والسعوديين فقط، وإنما أيضا الأميركيون ومصالحهم وقواتهم الموجودة في الخليج، وأن الحوثيين الذين أطلقوا تلك الصواريخ ليسوا سوى سعاة بريد مهمتهم إيصال تلك الرسالة.
ويمثل استهداف القوات الأميركية بشكل مباشر إحراجا لإدارة الرئيس جو بايدن التي سعت للنأي بنفسها عن استهداف دول الخليج بصواريخ إيرانية، واكتفت بإصدار بيانات التنديد والحث على التوصل إلى حل تفاوضي بشأن أزمة اليمن، رغم أن الأمر خرج عن نطاق اليمن وتحول إلى قضية إقليمية.
ويشار إلى أن الصواريخ المستخدمة في الهجمات الحوثية على أبوظبي من طراز “قيام” الإيرانية، وهي نفسها التي استخدمت في مهاجمة قاعدة “عين الأسد” التي تستضيف قوات أميركية في العراق للرد على تصفية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، وأن الاختلاف الوحيد يكمن في أن الحوثيين أعادوا تسميتها “ذو الفقار” بهدف التمويه.
وتم رصد إطلاق الصواريخ والتصدي لها في عملية مشتركة إماراتية – أميركية، كما أعلن عن ذلك السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة. وجاء الرد الإماراتي خلال فترة قصيرة بتدمير منصات الإطلاق.
عبدالخالق عبدالله: الإمارات حريصة على أمن المواطن والمقيم على أرضها
وقال العتيبة في تغريدة على تويتر إن إسقاط الصواريخ التي أطلقتها حركة الحوثي اليمنية على أبوظبي الاثنين تم بفضل “تعاون وثيق بين الإمارات والولايات المتحدة”.
وأضاف العتيبة أن “الخطوة التالية هي وقف التدفقات المالية وتدفقات الأسلحة من داعميهم”، مجددا دعوته إدارةَ بايدن لإعادة الحوثيين المتحالفين مع إيران إلى قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
ويقول مراقبون إن إيران تحاول من خلال حث الحوثي على استهداف الإمارات توسيع رقعة الحرب وخلق توتر واسع النطاق في المنطقة يجبر الولايات المتحدة على الدخول في عملية تفاوض حول الملف النووي، وهي رسالة واضحة بالنسبة إلى الأميركيين الذين لا يعرف إلى حد الآن كيف سيردون سواء على الحوثي أو على إيران، وهل سيقابلون استهداف وجودهم العسكري في الخليج بالمزيد من الصمت وبيانات التنديد؟
وقلل المراقبون من مزاعم الحوثيين بشأن ربط هذه الهجمات بما يجري في اليمن، مشيرين إلى أن التطورات الميدانية في شبوة ومأرب وهزائم الحوثي أمام ألوية العمالقة حدثت خلال الشهر الجاري، في حين أن حملة استهداف الإمارات بالصواريخ والمسيّرات من الواضح أنه تم الاستعداد لها مبكرا بتجهيز صواريخ بعيدة المدى، وهو ما يؤكد أن الخطوة مرتبطة بأجندة إيرانية مباشرة تتبنى الضغط على الأميركيين لتسريع الاتفاق بشأن الملف النووي ورفع ما تبقى من العقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني وخاصة على قطاع النفط.
في مقابل ذلك يبدو من الواضح أن الإمارات ستواجه الموقف اعتمادا على نفسها. وذكرت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان الاثنين أن “دولة الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية وهذا التصعيد الإجرامي الآثم”، واصفة تلك الهجمات بأنها “جريمة نكراء أقدمت عليها ميليشيات الحوثي الإرهابية خارج القوانين الدولية والإنسانية”.
ويعتقد محللون ومراقبون سياسيون أن الهجوم الحوثي الذي استهدف مواقع حيوية في الإمارات والسعودية سيدفع إلى تجاوز الكثير من المحاذير، وأن الخليجيين الذين دأبوا على ضبط النفس لن يصبروا أكثر سواء تحركت واشنطن أم لم تتحرك في منطقة ذات أهمية بالغة بالنسبة إلى العالم.
وقالت كارين يانج المديرة في برنامج الاقتصاد والطاقة في ميدل إيست إنستيتيوت “هذا تصعيد بالتأكيد وسيغيّر الحراك الإقليمي”.
الهجوم الحوثي الذي استهدف مواقع حيوية في الإمارات والسعودية سيدفع إلى تجاوز الكثير من المحاذير
وأضافت “أمن مجلس التعاون الخليجي له الآن حسابات للمخاطر تقترب مما نعرفه في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط”، مشيرة إلى مخاطر محتملة على خطوط أنابيب الطاقة والمنشآت والطيران المدني.
ويمتلك الإماراتيون إمكانيات دفاعية متطورة تساعد على وقف الهجمات التي تنفذها إيران بأيدي حلفائها. ويعتقد المحللون أن التريث هدفه ترك فرص للتحركات الدبلوماسية للضغط على الحوثيين وإيران، وأنه ليس هناك شك في أن أبوظبي قادرة على تأمين نفسها ومجالها الجوي، وهو أمر يقتنع به مواطنو الإمارات كما يقتنع به المقيمون على أراضيها.
وكتب المحلل السياسي الإماراتي عبدالخالق عبدالله على موقع تويتر لمتابعيه الذين يزيد عددهم عن 200 ألف أن الإمارات “واثقة من دفاعاتها وقدراتها وحريصة على أمن المواطن والمقيم على أرضها”.
وقالت شايناز جوفيندا (31 عاما)، وهي خبيرة تصوير بالموجات فوق الصوتية من جنوب أفريقيا وتعيش في الإمارات منذ ثلاث سنوات، أثناء تجولها في أحد مراكز التسوق في أبوظبي “بالتأكيد نحن منزعجون… لكن لدينا ثقة كاملة في قادة الإمارات. أنا واثقة من أن لديهم نظاما دفاعيا جيدا”.
وقالت راندا رزق، وهي مصرية تبلغ من العمر 35 عاما وتعمل في مجال المبيعات والتسويق، إنها شعرت “ببعض القلق” لكنها أعربت أيضا عن ثقتها في قدرة الحكومة الإماراتية على الاستمرار في توفير مكان آمن لعائلتها.
العرب