لم تبدد الاتصالات التي تلقاها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من نظيره الأميركي جو بايدن ولا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المخاوف الكبيرة من غزو روسي محتمل لأوكرانيا وسط حشود كبرى من اتجاهات مختلفة تضع أوكرانيا في موقع الكماشة.
وتحدث بايدن وبوتين هاتفيا السبت بعد أن حذرت واشنطن وحلفاؤها من أن القوات الروسية قد تغزو أوكرانيا في أيّ لحظة. واستمرت المكالمة أكثر من ساعة بقليل، على ما أعلن البيت الأبيض.
وقال البيت الأبيض إن المكالمة انتهت بالتأكيد على وجود معلومات استخباراتية بشأن غزو قريب لأوكرانيا.
جيك ساليفان: لا نزال نرى مؤشرات إلى تصعيد روسي
وفيما كرر الرئيس الفرنسي خلال مكالمة هاتفية السبت “عزم” الدول الغربية “على الرد” إذا نفذت موسكو عملية عسكرية، فإن الرئيس الروسي أعلن أن اتهام روسيا بالتخطيط لغزو اوكرانيا هو بمثابة “تكهنات استفزازية” دون أن يبدي أيّ موقف واضح بشأن قبول الوساطة الفرنسية من عدمه خاصة بعد فشل لقائه الأخير بماكرون وما تبعه من تأويلات سلبية.
وقالت تقارير أمنية إن روسيا نشرت حوالي أوكرانيا 75 كتيبة من اتجاهات مختلفة وخاصة من بيلاروسيا، وسط توقعات بأن الضربة الروسية الأولى سيكون هدفها قطع أوكرانيا عن الغرب، فيما يستمر الأميركيون بالحشد ويتمركزون في رومانيا كأبعد نقطة عن حركة الروس.
ونقلت وكالة أنباء إنترفاكس الروسية عن وزارة الدفاع قولها السبت إن سفينة حربية روسية طاردت غواصة أميركية في المياه الروسية في المحيط الهادي بعد أن تجاهلت الغواصة الأمر الروسي بالصعود إلى سطح المياه.
وذكرت الوكالة أن الوزارة استدعت الملحق العسكري الأميركي بعد أن شكت من انتهاك الغواصة الأميركية لمياهها الإقليمية. ويتصاعد التوتر حاليا بين موسكو وواشنطن بسبب الحشد العسكري الروسي بالقرب من حدود أوكرانيا.
ونُقل عن الوزارة قولها إنه تم رصد الغواصة بالقرب من جزر كوريل في ساعة مبكرة من صباح السبت أثناء قيام روسيا بإجراء مناورات بحرية باستخدام أسطولها في المحيط الهادي، ثم جرى توجيه أمر للغواصة بالظهور فورا على سطح المياه.
ونُقل عن وزارة الدفاع قولها “الغواصة الأميركية… غادرت المياه الإقليمية الروسية بأقصى سرعة”.
ووجهت واشنطن الجمعة أشد تحذيراتها قائلة إن روسيا حشدت ما يكفي من القوات لشن هجوم خطير.
اقرأ أيضا: روسيا تغزو أوكرانيا بعد خمس دقائق
وحذر مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي جيك ساليفان قائلا “لا نزال نرى مؤشرات إلى تصعيد روسي، ويشمل ذلك وصول قوات جديدة إلى الحدود الأوكرانية”.
وأضاف أن هذا الغزو يمكن “أن يحصل في أيّ وقت”، حتى قبل موعد انتهاء الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين.
وكانت التوقعات العسكرية الأميركية قد أشارت إلى احتمال انتظار الكرملين لما بعد انتهاء ألعاب بكين في العشرين من فبراير، قبل شن هجوم مراعاة للحليف الصيني.
وسعى القادة الأوكرانيون للتقليل من احتمالات نشوب حرب شاملة لما تلحقه من ضرر بالاقتصاد المتعثر وبمعنويات الرأي العام. غير أن المزاج في أنحاء البلاد لا يزال متوترا.
وأعلن مكتب رئيس بلدية كييف أنه أعد خطة إجلاء في حال الطوارئ لسكان العاصمة البالغ عددهم ثلاثة ملايين، على سبيل الوقاية.
ولم يعلن ساليفان الجمعة ما إذا كانت الولايات المتحدة توصلت إلى أن بوتين اتخذ قرارا بشن هجوم.
غير أن بعض وسائل الإعلام الأميركية والألمانية نقلت عن مصادر استخبارات ومسؤولين قولهم إن حربا يمكن أن تندلع في مرحلة ما بعد انتهاء محادثات بوتين مع المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثاء.
أولاف شولتس: الهدف هو منع وقوع حرب في أوروبا
ويتوجه المستشار إلى كييف الاثنين ثم يزور بوتين في إطار جهود أوروبية لإبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع موسكو.
وتطالب روسيا بضمانات أمنية ملزمة من الغرب، تتضمن تعهدا بسحب قوات حلف شمال الأطلسي من شرق أوروبا وعدم التوسع بضم أوكرانيا، وهو الأمر الذي رفضته واشنطن بشكل قاطع.
وعمدت روسيا إلى سحب عدد من موظفيها الدبلوماسيين من أوكرانيا.
وقالت وزارة الخارجية في موسكو إن قرارها يعود إلى مخاوف من “استفزازات محتملة من جانب نظام كييف”.
وكذلك، طلبت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية من دبلوماسييها ومواطنيها مغادرة أوكرانيا في أقرب وقت مشيرة إلى التهديد المتزايد بغزو روسي.
وانضمت ألمانيا وبلجيكا وهولندا إلى دول أوروبية نصحت رعاياها بمغادرة أوكرانيا، فيما طلبت السفارة الأميركية من “معظم” موظفيها في كييف المغادرة.
ودفع احتمال مسارعة مواطنين غربيين لمغادرة أوكرانيا، بوزارة الخارجية الأوكرانية إلى الطلب من المواطنين “التحلي بالهدوء”.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارة تفقدية للقوات المنتشرة قرب شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا “الآن، أكبر عدوّ للناس هو الهلع”، في الوقت الذي احتشد فيه عدة آلاف من الأوكرانيين في كييف لإظهار الوحدة.
وأعلن البنتاغون أنّ الولايات المتّحدة بصدد إرسال ثلاثة آلاف عسكري إضافيين إلى بولندا من أجل “طمأنة الحلفاء في حلف شمال الأطلسي”.
صحيفة العرب