الأزمة في أوكرانيا سيناريو رعب وهي خبر سيئ لتل أبيب

الأزمة في أوكرانيا سيناريو رعب وهي خبر سيئ لتل أبيب

يرى باحثان إسرائيليان أن ما يجري على حدود روسيا وأوكرانيا ينطوي على سيناريو رعب ويحمل أخبارا سيئة لإسرائيل خاصة من ناحية تبعاته على الشرق الأوسط ويسديان نصائح لها حول التحرك المفضل في المستقبل القريب.

ويقول عاموس يادلين مدير معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب وعودي أفينتال المحاضر في جامعة ريخمان في مقال مشترك نشره موقع القناة العبرية 12 إن الأزمة بين روسيا والولايات المتحدة تقترب من ذروتها وبحسب المعلومات الاستخباراتية التفصيلية من الإدارة الأمريكية، روسيا أسرعت في إنهاء انتشارها العسكري غير المسبوق على الحدود الأوكرانية.

وبالإضافة إلى الانتشار العسكري الكثيف (أكثر من 100 ألف جندي) وقدرات مختلفة (طائرات حربية متطورة في بيلاروسيا، وسفن حربية في البحر الأسود، ومدفعية وصواريخ وقوات خاصة، وقتال إلكتروني وسيبراني) نشر الروس قدرات تدل على استكمال الإعداد للقتال، مثل وحدات لوجستية ووحدات تابعة للهندسة الحربية، ومساعدة جوية ومعدات طبية ميدانية.

ويقولان إنه في المقابل، التقديرات في الولايات المتحدة والغرب أن الغزو الروسي لأوكرانيا محتمل، وأيضاً معقول في المدى الزمني المباشر.

حرب دامية

ويوضح الباحثان الإسرائيليان أنه إذا فشلت كل الجهود الدبلوماسية وقرر الرئيس بوتين القيام بالغزو، فليس واضحاً أي مخطط سيختار. ويقولان إن القوات التي جمعها حول أوكرانيا تمنحه مرونة ومجموعة واسعة من الاحتمالات وإنه في السيناريو الأخطر، يمكنه استخدام كامل القوات التي نُشرت، وتوجيه ضربة جوية إلى مراكز السلطة، وفرض حصار إلكتروني، وشنّ هجمات سيبرانية تشل القدرة الأوكرانية على السيطرة والعمل.

وبرأيهما يمكن أن تجري عمليات برية للالتفاف على القوات الأوكرانية في شرق البلاد في مواجهة قطاع دونباس والسيطرة السريعة من اتجاه بيلاروسيا على العاصمة كييف على أن يكون الهدف المباشر إزاحة الحكومة الحالية واعتقال القيادتين السياسية والعسكرية.

ويشيران إلى تحذير واشنطن من أنه في مثل هذا السيناريو سيسقط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وستنشأ أزمة إنسانية وسياسية خطِرة. من جهة ثانية يرجحان أيضا أن تكون روسيا غير راغبة في الاحتفاظ بمناطق واسعة ومواجهة ثورة محلية وحرب عصابات، وخصوصاً في منطقة آهلة، وهي تفضل مخططاً محدوداً يشمل إطلاقاً كثيفاً للنار وهجمات سيبرانية واسعة، وسيطرة برية على المحافظات الانفصالية الموالية للروس في شرق أوكرانيا ودونتيسك ولوغانسك.

هزة أرضية

وبرأي الباحثين الإسرائيليين فإن الغزو الروسي لأوكرانيا، إذا حدث، سيكون عملية عسكرية-برية هجومية هي الأكبر على أراضٍ أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، ومن المتوقع أن تحدث “هزة أرضية” في ميزان القوى، وفي هندسة نظام الأولويات على المستوى العالمي، وفي الاقتصاد العالمي، وفي سوق الطاقة. ويقولان إن الارتفاع في أسعار النفط والهبوط في أسهم البورصة يشيران إلى ما هو منتظر إذا جرى توجيه الضربة الروسية بكل قوتها: الاضطرابات والأصداء الثانوية المتوقعة لن توفر الشرق الأوسط، وستطرح على إسرائيل سلسلة تحديات، بالإضافة إلى فرص.

تبعات الأزمة في الشرق الأوسط

وعلى المستوى الاستراتيجي، من المتوقع أن تقلص الأزمة أكثر اهتمام الولايات المتحدة بتحديات الشرق الأوسط، بينما تسعى الولايات المتحدة لتقليص تدخُّلها في المنطقة من أجل التفرغ لآسيا والمنافسة الاستراتيجية مع الصين، والتي تعتبرها الولايات المتحدة تهديداً تاريخياً للنظام العالمي.

لكنهما يريان أنه مع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تشكل القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية المهيمنة في الشرق الأوسط ولديها حلف مع إسرائيل وعلاقات استراتيجية مع الدول العربية، وهي ملتزمة بالدفاع عن أمنها في مواجهة التهديد الإيراني. ويوضحان أن الولايات المتحدة هي التي تضمن حرية تدفُّق النفط من الخليج، ومنه إلى آسيا، ولديها قواعد بحرية وجوية مهمة ووجود واسع في المنطقة، وهي المزود الأساسي بالسلاح لكن سجلّ هذه القوة تضاءل، في ضوء التحفظات الواضحة عن استخدام القوة في مواجهة الهجمات عليها وعلى حلفائها.

أخبار سيئة لإسرائيل

وطبقا للباحثين الإسرائيليين فإنه في مثل هذه الظروف هناك ضرر إضافي يمكن أن يلحق بصورة قوة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتقليص وجودها ونفوذها وهذه هي أخبار سيئة، بالنسبة إلى إسرائيل. ويعللان ذلك بالقول إن مثل هذا الواقع قد ينعكس سلبياً على الاستقرار في المنطقة، وعلى مسعى لجم توسُّع إيران، وبصورة غير مباشرة على استقرار إسرائيل وقوتها الردعية في المنطقة.

الساحة السورية

وينبهان أن ساحة أُخرى يمكن أن يسوء فيها الواقع، في نظر إسرائيل، هي سوريا، في حال أرادت روسيا توجيه رسائل إلى الولايات المتحدة على حساب إسرائيل بصورة قد تهدد حرية عمل الجيش الإسرائيلي.

ويؤكدان أن هناك خطرا مهما آخر يتعين على إسرائيل مواجهته، يتعلق بالعلاقات الثنائية مع الدولتين الكبيرتين: فهي من دون شك ستضطر إلى المناورة بين “الدب الروسي” و”الذئب الأمريكي” في ظل أزمة عالمية خطِرة، إذ من المتوقع أن تطلب الولايات المتحدة من إسرائيل تأييداً واضحاً لمواقفها، وسيكون عليها إعطاء الأولوية لعلاقاتها مع حليفتها الكبيرة والوحيدة، والتصرف مع واشنطن بشفافية مطلقة فيما يتعلق بعلاقاتها الضرورية والعملية مع روسيا (من أجل المحافظة على حرية العمل لكبح إيران)، وأن تحاذر من إظهار علاقات “قريبة جداً” مع موسكو (زيارات مع تغطية إعلامية والمشاركة في مناسبات)، وهو ما يمكن اعتباره مشكلة، في نظر الولايات المتحدة.

القدس العربي