في الأسابيع المقبلة، سيسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفقاً لبعض التقارير، إلى كسب التأييد لإجراء تغييرات تنظيمية تهدف إلى كسر الجمود السياسي الذي ألقى بظلاله على القصة الإخبارية الجيدة في البلاد في السنوات القليلة الماضية ألا وهي: اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي في البحر. وإذا كانت قد تمت الموافقة على التغييرات، المعروفة باسم “الإطار”، فبإمكان إسرائيل أن تشهد طفرة مغرية في الاستثمار الأجنبي من شأنها أن تعزز المكانة الاقتصادية للفرد الواحد وتجلعها مماثلة لتلك القائمة في ألمانيا أو بريطانيا. وفي الوقت الحاضر، يرفض وزير الاقتصاد أرييه درعي استخدام صلاحياته للسماح باتخاذ القرار حول التغييرات لأسباب تتعلق بالأمن الوطني، لكنه عرض تقديم استقالته للسماح بالمضي قدماً في الاتفاق.
إن الغاز من حقل “تالمار”، الذي يقع تحت أعماق البحر المتوسط على بعد 80 – 90 كيلومتراً إلى الغرب من حيفا، ينتج حالياً نحو 60 في المائة من الكهرباء [الذي تحتاجه] إسرائيل. ورغم كون “ليفياثان” أكبر نطاقاً وأكثر بعداً من “تمار” في عمق البحر، إلا أنه لم يتم بعد تطويره ولكن بإمكانه أن يساعد إسرائيل على أن تصبح دولة مصدرة للغاز في المنطقة. وتشكل الأردن ومصر إثنان من الزبائن المحتملين، كما من الممكن أن تصبح تركيا زبونة في المستقبل – وقد حظيت جميع هذه الخيارات بتشجيعات كبيرة من خلال تفعيل الدبلوماسية الأمريكية على مستوى منخفض بل مستمر. بيد، في شباط/فبراير، تم تأجيل تطوير حقل “ليفياثان” وكذلك إجراء المزيد من أعمال التوسع في حقل “تامار”، من قبل صاحب الترخيص الرئيسي، شركة “نوبل إينرجي” (“نوبل للطاقة”) التي مقرها في ولاية تكساس الأمريكية، بعد أن تراجع “رئيس هيئة منع الاحتكار” الإسرائيلي عن صفقة تبيع بموجبها “نوبل إينرجي” وشريكتها الإسرائيلية، “ديليك”، حصصهما في الحقول غير المستغلة الأصغر حجماً لتجنب تصنيفهما كشركتان محتكرتان.
وخلال تحدثه في واشنطن في الأسبوع الماضي قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز إن إبرام اتفاق إطاري جديد كان من أولى أولوياته، لكنه أشار أيضاً إلى أنه كان يعمل بجد لإقناع المزيد من الشركات الأجنبية على الاستثمار في “المنطقة الاقتصادية الحصرية” لإسرائيل (“المنطقة الاقتصادية الخالصة”). ووفقاً للوزير، تعتقد الحكومة الإسرائيلية أنه من المحتمل جداً أن يتم في المستقبل اكتشاف العديد من حقول الغاز الأخرى بحجم “لفياثان” و”تمار”، ويمكن العثور كذلك على النفط في الطبقات العميقة تحت قاع البحر. ولتحديد ما إذا كان هذا صحيحاً، فإن ذلك سيعتمد على تشجيع الشركات الأجنبية التي تمتلك التكنولوجيا اللازمة للقدوم إلى إسرائيل والقيام بعمليات الإستكشاف – وهو اقتراح مكلف لأن حفر كل حفرة استكشافية يستغرق ثلاثة أشهر بتكلفة لا تقل عن 100 مليون دولار. وبعد تجربتها المريرة حتى الآن، قد لا تكون شركة “نوبل للطاقة” مهتمة في مواصلة توسيع أعمالها، حتى إذا اقتنعت بأن هناك المزيد من الغاز الذي يمكن اكتشافه. ويجدر بالذكر أن شركة إيطالية كانت قد اكتشفت حقل جديد للغاز في “المنطقة الاقتصادية الخالصة” المجاورة لمصر في آب/أغسطس، مع مؤشرات أولية بأن هذا الحقل هو حتى أكبر من “ليفياثان”.
وقد أشار شتاينتز أيضاً إلى أن أمن الطاقة في إسرائيل يعتبر ضعيفاً بسبب اعتماده على حقل إنتاج واحد فقط (“تمار”)، وأن البلاد بحاجة إلى الإيرادات الهائلة الكامنة في بدء الإنتاج في “ليفياثان”. وبعد تأمين الاتفاق الإطاري، يأمل الوزير في جذب 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية الإضافية إلى إسرائيل ومواجهة التباطؤ الاقتصادي الأخير، مشيراً إلى انه “على مدى العامين الماضيين، شهدت إسرائيل نمواً سنوياً قدره 2.5 في المائة فقط، بينما كان ذلك ما بين 4 و 5 في المائة قبل ثلاث سنوات”. وقال إن نصيب الفرد الواحد من النمو، وهو مقياس أكثر أهمية، كان حوالي 0.6 في المائة عندما كان من الضروري أن يكون 2 في المائة.
إن هذا التأخير في تطوير الغاز في إسرائيل الذي دام عاماً واحداً تقريباً قد تزامن مع انهيار أسعار النفط العالمية والضعف الموازي في أسعار الغاز الطبيعي. فعلى مدى الإثني عشر شهراً الماضية، انخفض سعر سهم “نوبل” من ما يقارب من 60 دولاراً للسهم الواحد إلى نحو 36 دولاراً، الأمر الذي تسبب في قيام الشركة بمراجعة محفظتها الاستثمارية في جميع أنحاء العالم. وتدّعي “نوبل” بأنها ملتزمة باستثماراتها في إسرائيل، ولكن إذا لن يكن من الممكن إبرام اتفاق الإطار، تفيذ بعض التقاير بأن الشركة تنظر باللجوء إلى التحكيم التجاري لاسترداد مليارات الدولارات التي استثمرتها حتى الآن، فضلاً عن الأرباح المتوقع تحقيقها من “ليفياثان”. ويتم إحراء عمليات الشركة في شرق البحر المتوسط من خلال شركة مسجلة في قبرص، وقد أبرمت إسرائيل وقبرص اتفاقاً للتحكيم [في أي نزاع قد ينشأً بينهما]. ويقدر عاملون في هذه الصناعة أن من الممكن أن تُمنح “نوبل” ما مقداره 16 مليار دولار إذا ما صدر حكم لصالحها.
وستكون لمثل هذه النتيجة عواقب وخيمة على جاذبية إسرائيل للاستثمار الأجنبي، وتطوير مواردها من الغاز، ونموها الاقتصادي. وفي حين أنه من الواضح أن إيجاد حل سريع للإطار الجديد هو أمراً مهماً لشتاينتز، ولنتنياهو أيضاً – وفقاً لبعض التقارير، إلا أن افتقار الحكومة للأغلبية في الكنيست يجعل القرار عرضة حتى لاعتراضات سياسية صغيرة. وقد ناقش شتاينتز هذا الموضوع مع وزير الطاقة الأمريكي إرنست مونيز كجزء من حوار الطاقة الأوسع، لذلك يجب على واشنطن أن تكون مستعدة جيداً للتوسط بحكمة وبصورة منتجة إذا تم مواجهة المزيد من العقبات السياسية الإسرائيلية. وفي حين أن المشاكل الأمنية هي التي تسيطر على جدول الأعمال السياسي الإسرائيلي في الوقت الحاضر، إلا أن التوقعات الاقتصادية في البلاد على المدى القريب ستكون في خطر ما لم تسعى جميع الأطراف إلى اتخاذ قرار إيجابي في وقت مبكر فيما يتعلق بالاتفاق الإطاري حول موضوع الغاز.
سايمون هندرسون
معهد واشنطن