أضفى قرار المحكمة الاتحادية العليا بإجازة فتح باب الترشح مجددا لرئاسة الجمهورية بقرار من مجلس النواب المزيد من التعقيد على المشهد العراقي، وسط تحذيرات من شلل سياسي قد يدوم طويلا.
بغداد – قالت أوساط سياسية عراقية إن قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن الطعن المقدم حول إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية سيعمق الأزمة السياسية في العراق، ويفتح المجال لتعقيدات إضافية داخل البرلمان.
وأوضحت الأوساط أن رمي الكرة إلى البرلمان يمثل مشكلة حقيقية، حيث يمنح ذلك أطرافا سياسية ورقة ضغط قوية من خلال التهديد بمنع انعقاد جلسة فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية في حال لم تحصل على مرادها من المشاركة في العملية السياسية، وهذا قد ينتهي بالبلاد إلى حالة من الشلل السياسي الطويل.
ويعد اختيار رئيس للجمهورية ممرا إلزاميا لتشكيل الحكومة في العراق، حيث أن الرئيس، وفق الدستور، هو من يتولى تكليف رئيس للوزراء بعملية التأليف.
واعتبرت الأوساط أن قرار المحكمة الاتحادية من شأنه أيضا أن يزيد من إحراج بعض القوى ولاسيما التيار الصدري صاحب الأغلبية النيابية، والذي كان يأمل في أن تحسم المحكمة نهائيا بعدم دستورية فتح باب الترشح لتفادي الحرج مع حليفه الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأيضا لحسم الرئاستين سريعا.
عبدالسلام برواري: قرار المحكمة لا يؤدي إلى مشكلة بل يقود إلى حل دستوري
وأعلنت المحكمة الاتحادية، وهي أعلى هيئة قضائية في العراق، أن قرار إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية يتم بقرار من مجلس النواب وليس من قبل هيئة رئاسته.
وقالت المحكمة خلال جلسة عقدت الثلاثاء إنه “يجوز إعادة فتح باب الترشح مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية لكن بقرار من مجلس النواب وليس من رئاسة المجلس”.
وأوضحت أنه “لا يوجد نص دستوري أو قانوني يمنح رئاسة مجلس النواب صلاحية إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية”.
وكان النائب المستقل باسم خشان تقدم بطعن في قرار رئاسة البرلمان بشأن فتح باب الترشح مجددا لرئاسة العراق، بعد أن تم سحب اسم مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري على إثر حكم قضائي صادر بعدم أهليته الدستورية للترشح لهذا المنصب أو لغيره من المناصب على خلفية شبهات فساد تحيط به.
وفي أول تعليق له على موقف المحكمة قال خشان إن القرار ألغى كل إجراءات الترشح السابقة، مشيرا إلى إمكانية عقد جلسة خاصة بالبرلمان لتمرير قرار فتح باب الترشح من جديد.
وأوضح النائب بأن “قرارات المحكمة بإعادة فتح باب الترشح يجوز بقرار من مجلس النواب وليس من رئاسة المجلس، وهذا يعني أن البرلمان وبعد اتفاق جميع الأطراف سيحدد جلسة خاصة لذلك كون كل إجراءات الترشح السابقة تعد ملغاة بعد قرار المحكمة الاتحادية”. وأضاف أنه “إذا ما تم تحديد جلسة فإنها ستمر دون اعتراض أو تعطيل”.
وتقول الأوساط السياسية إن قرار المحكمة الاتحادية من شأنه أن يدفع الحزب الديمقراطي نحو التشدد أكثر في تمرير مرشحه لرئاسة العراق، وسيضع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في وضع صعب بين دعم الرئيس برهم صالح الذي يتقاطع معه في برنامجه الإصلاحي الذي سبق وأن أعلن عنه، وبين مسايرة حليفه الحزب الديمقراطي الذي يصر على احتكار كل المناصب العليا المخصصة للجانب الكردي.
وكان الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود بارزاني قد أعلن في وقت سابق عن ترشيح وزير الداخلية في إقليم كردستان ريبر أحمد لمنصب رئاسة الجمهورية، ليدخل في تنافس مع مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني الرئيس برهم صالح.
وتلفت الأوساط إلى أن مشكلة الصدر لا تنحصر فقط في حليفه الحزب الديمقراطي، بل وأيضا في إمكانية واردة لتعرضه للابتزاز من خصومه في الإطار التنسيقي بشأن عقد جلسة نيابية للاتفاق على فتح باب الترشح.
وترجح الأوساط أن يقدم الإطار الذي يمثل القوى الموالية لإيران على مساومة التيار بين القبول بانخراط كافة أعضائه بما في ذلك ائتلاف دولة القانون في تحالف معه ينتج اتفاقا على رئاستي الجمهورية والحكومة، أو أن الإطار سيحرص على عدم عقد جلسة نيابية وبالتالي بقاء الأزمة مفتوحة.
ويرفض زعيم التيار الصدري بشدة أن يكون لائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي أي دور في العملية السياسية في المرحلة المقبلة، في مقابل ذلك تتمسك قوى الإطار التنسيقي بمشاركة المالكي أو تعطيل العملية السياسية.
وترى الأوساط بأن الحل الأقل كلفة بالنسبة إلى التيار الصدري يكمن في إقناع الحزب الديمقراطي بضرورة التوصل إلى توافق مع الاتحاد الوطني الكردستاني، خلاف ذلك فإن الأمور بالنسبة إلى التيار ستتعقد أكثر فأكثر.
وسارع الحزب الديمقراطي إلى إبداء ارتياحه لقرار المحكمة الاتحادية في موقف لا يخلو من انتهازية، ذلك أن الحزب سبق وأن اتهم المحكمة بـ”التسييس” على خلفية قرارها باستبعاد مرشحه زيباري.
وقال عضو الحزب الديمقراطي عبدالسلام برواري الثلاثاء إن قرار المحكمة الاتحادية لا يؤدي إلى مشكلة بل يقود إلى حل دستوري، مؤكداً أن بإمكان مرشحي القائمة الثانية التنافس مجدداً على المنصب.
وأضاف برواري في تصريحات صحافية “يمكن بحسب هذا القرار رفض قائمة المرشحين لرئاسة الجمهورية الثانية، لكن يمكن لمجلس النواب عقد جلسة وبحضور أغلبية مطلقة من 165 نائباً وأن يطرح مشروع قرار لإعادة فتح باب الترشح ويمكن تمريره بسهولة وبذلك يمكن للمرشحين الذين تم الطعن بدستورية ترشيحهم في المرة الثانية أن يعاد ترشيحهم ولن تتغير النتيجة”.
وأوضح “بمعنى أدق يمكن إعادة طرح أسماء المرشحين في القائمة الثانية مجددا تحت يافطة دستورية وشرعية، وفي النهاية سنصل إلى نفس النتيجة طالما هناك إمكانية لمجلس النواب للتصويت على فتح باب الترشح، ما يعني أن المرشحين ذاتهم سيقدمون مرة أخرى وأعتقد أنه سيعاد ترشيح ريبر أحمد مرة أخرى”.
العرب