يأتي انعقاد جلسة مجلس النواب العراقي يوم غدا – السبت – الخامس من اذار/مارس وسط أجواء من الصراعات السياسية والمناكفات الحزبية التي أصبحت إحدى سمات المشهد السياسي العراقي، إذ تعقد جلسة مجلس النواب لفتح باب الترشح لرئاسة جمهورية العراق وتكون لمرة واحدة فقط وذلك انسجاما مع قرار المحكمة الاتحادية المستند على الدستور.
وتتسم هذه الجلسة انها تلامس حقيقة الأوضاع القائمة في العراق وتعكس ظاهرة التباعد والافتراق بين الأحزاب والكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية والتي أصبحت تشكل حالة من عدم وجود قواسم مشتركة بين الفرقاء السياسيين للاتفاق على صيغة واضحة ومحددة لكيفية قيادة البلاد في المرحلة القادمة في ضوء التطورات والأحداث الدولية والإقليمية التي يعيشها العالم وتنعكس آثارها على العديد من أقطار المعمورة ومنها العراق ، وهذا ما يلقي على عاتق السياسيين العراقيين مسؤولية وطنية تراعي مصلحة أبناء الشعب العراقي وتساهم في تعزيز الوحدة الوطنية بعيدا عن الافتراق والاختلاف الذي يؤذي الجبهة الداخلية ويعطي لأعداء الوطن المجال للتدخل والتأثير على حالة الأمن والاستقرار المجتمعي.
يتحقق انعقاد جلسة مجلس النواب بوجود (٢٢٠) عضوا من الأعضاء المنتخبين للموافقة على الترشيح الخاص برئاسة الجمهورية وهذا يتطلب توافقا سياسيا من جميع الأحزاب وإعطاء أهمية واضحة للخروج من المأزق السياسي الذي تعيشه الأوساط السياسية وأصبح يشكل عقبة واضحة في اختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة العراقية المقبلة بعد مضي (١٢٢) يوم على إجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الاول /أكتوبر عام ٢٠٢١ ، وإذا لم يتحقق النصاب المطلوب سنكون أمام أزمة سياسية أخرى تتطلب انتظار ثلاثون يوما واذا لم تتفق قيادات الأحزاب فالبلاد ماضية إلى انتخابات أخرى حسب قرار المحكمة الاتحادية الذي يعتبر ذو صيغة سياسية أكثر منها قانونية لتحديد مسارات ميدانية جديدة. إن الاختلاف بين حزب الاتحاد الوطني وحزب الديمقراطي الكوردستاني في تحديد هوية المرشح لمنصب رئيس جمهورية العراق قد يخلق حالة من العداء الكردي – الكردي و سيكون له تداعياته السلبية على واقع ومستقبل الكردي في الاقليم وكذلك تداعياته في علاقته مع الحكومة العراقية في بغداد.
تتشابك الأحداث وتتطور الوقائع لنكون أمام طرق مسدودة واختبارات غير معبدة تكون نتائجها وعواقبها وخيمة على مجمل الأوضاع القائمة في العراق بحيث أصبحت الأطراف الدولية والإقليمية الراعية للمشهد السياسي العراقي والمتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية والنظام الإيراني تعيش حالة من القلق والتوجس من الوصول لمنعطف سياسي نتيجة الخلافات والصراعات القائمة وعدم وجود قاعدة ترتكز عليها هذه الأطراف لسد الهوة بين الفرقاء السياسيين وتجنب حالة الافتراق والابتعاد الذي من الممكن أن ينقل العراق ليكون شبيها بالمازق والمشهد الأفغاني وصولا إلى صراعات داخلية ومواجهات ميدانية وقتال بين الأطراف السياسية في وضع لا يحمد عقباه ويؤثر على حياة ومستقبل أبناء الشعب العراقي ، ولهذا جاء التحرك الميداني لجميع الجهات والبلدان التي تهتم بالشأن العراقي لمحاورة ولقاء المسؤولين الإيرانيين لوضع لمسات واضحة لتهدئة الأوضاع بين القيادات السياسية الحزبية العراقية ، ومنها قيام النظام الإيراني بزيارات متعددة ومكوكية لمسؤوليه السياسين والامنيين ولقاءهم بأعضاء في قيادات التيار الصدري والإطار التنسيقي ولكنهم توصلوا إلى قناعة بعدم وجود رؤية مشتركة لاتفاق سياسي بين هاتين الكتلتين، وانعكس الواقع السياسي أيضا على وجود مؤشرات عن خلافات سياسية داخل كتلة السيادة بين قيادي تقدم وعزم حول طبيعة المنهاج الميداني والنظرة المستقبلية لقيادة البلاد وتشكل هذه المنعطفات تأثيرات واضحة عكس ما نراه في الاعلام واللقاءات والبيانات الصحفية الصادرة عن كتلة السيادة، في وقت يتزامن مع قرار المحكمة الاتحادية بتاريخ ١٦ شباط ٢٠٢٢ بعدم دستورية قانون النفط والغاز الذي ينظم صناعة النفط في إقليم كردستان العراق ومطالبة السلطات الكردية بتسليم امداداتها من الخام ، ويرى الجانب الكردي في هذا القرار تعسفا واجحافا كونه لا يلبي طموحات الشعب الكردي بنسبة ١% وينعكس سلبيا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الإقليم خاصة بعد قرار الحكومة الاتحادية ببغداد بإجراء مفاوضات بين وزارتي النفط والمالية حول تنفيذ قرار المحكمة والتي ترى فيها القيادة الكردية انها ( فخا سياسيا) ضدها .
تبقى حقيقة العلاقات بين قطبي السياسة العراقية، الإطار التنسيقي وما يعانيه من خلافات داخلية تنعكس على طبيعة القرار السياسي الذي يراه البعض أن يكون موحدة بعد فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي الأطراف السياسية المتحالفة في الإطار ومن يرغب بالذهاب للتحالف مع التيار الصدري وتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، والهواجس السياسية في التحالف الثلاثي حيث يرى السياسيون السنة والإدراك أنهم أكثر استهداف وتهديدا من التيار الصدري الذي يبتعد كثيرا عن هذه الأساليب ضده بسبب قوته ونفوذه الميداني.
تابع مركز الروابط للدراسات الإستراتيجية التطورات السياسية وتأثيراتها على المشهد السياسي العراقي ويرى ضرورة أن يكون هناك اتفاق سياسي ورؤية موحدة تأخذ بالاعتبار التهديدات التي تتعرض لها الجبهة الداخلية وطبيعة الأحداث المحيطة بالبلاد والتطورات الدولية والأزمات السياسية التي يعيشها العالم وضرورة الحفاظ على المصالح العليا البلاد ومستقبل الشعب العراقي وتحقيق أفضل السبل للعيش الكريم والخروج من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإسراع بتشكيل الحكومة القادمة منعا التدخلات الدولية والإقليمية.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية