ما يجمع الصين وروسيا أكبر مما يفرقهما.. وبكين لا يمكنها لعب دور الوسيط لوقف الحرب

ما يجمع الصين وروسيا أكبر مما يفرقهما.. وبكين لا يمكنها لعب دور الوسيط لوقف الحرب

علقت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها على العلاقة الروسية- الصينية، وأن غزو موسكو لأوكرانيا وضعها في موقف محرج لكن هذا لا يعني أن بكين ستبعد نفسها عن حليفتها الروسية فالمشترك بينهما أكبر من خلافاتهما. وتساءلت إن كانت الصين صانعة سلام؟
وتجيب: “هذا أمل ضعيف لم يقم قادة الغرب اليائسين بوقف حمام الدم في أوكرانيا باستغلاله”. وقال مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل: “يجب أن تكون الصين”. وقال وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا إن “الصين مهتمة بوقف الحرب”.

ويوم الثلاثاء، أصدر الرئيس شي جين بينغ أقوى تصريح له عن الحرب بعد لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز عبر الفيديو، ودعا فيه إلى ممارسة “أقصى ضبط للنفس” وأن “الصين تشعر بالمعاناة من الحرب التي اشتعلت نيرانها من جديد في أوروبا”، لكن ما لم يقله الرئيس الصيني هو أن الحرب في أوكرانيا هي غزو وتتحمل روسيا مسؤوليتها. وتعتبر العلاقات بين البلدين في أقوى حالاتها منذ الانقسام الصيني- السوفيتي قبل 7 عقود. وقبل الغزو بأسابيع، أعلن شي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الصداقة بين البلدين “لا حد لها”، وجاء اللقاء على هامش دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي كان بوتين من قلة حضروها وسط مقاطعة غربية لها.
وشجبت الصين ما ورد في تقارير عن طلبها من روسيا عدم غزو أوكرانيا أثناء الألعاب الأولمبية واعتبرتها “مضللة”. وحتى لو عرف شي بالخطط الروسية، إلا أنه لم يتوقع المقاومة الشديدة أو رد الفعل الدولي. وشراكته الشخصية تعقّد مهمته لكي يصحح المسار.

وترى الصحيفة أن محاولات الأوروبيين الاستعانة بالصين كوسيط هو انعكاس لقلة الخيارات الأخرى، وكذا فهم أنها تحمل مصالحة 3 عناصر لا يمكن الجمع بينها: علاقة الصين القريبة مع روسيا واعتقادها بوحدة التراب والسيادة الوطنية وسياسة عدم التدخل وحاجتها لكي تخفف من تداعيات العقوبات المفروضة على روسيا. وهذه التحولات الأساسية تكشف الغموض في المواقف الصينية منذ 24 شباط/ فبراير، فبدلا من التصويت لصالح روسيا في مجلس الأمن، امتنعت عن التصويت.

وتظل العلاقات الثنائية مبنية على المصالح لا الحب. فالبلدان كانا في الماضي عدوين وصديقين. ويتشابه شي وبوتين بنفس الأسلوب، وهو استخدام القمع في الداخل، ومتابعة سياسة خارجية حاسمة، بالإضافة لإضفاء فكرة العظمة التاريخية على بلديهما في خطابهما. وفوق كل هذا فما يجمع بينهما هو اعتقادهما أن الولايات المتحدة والغرب بشكل عام هو التهديد الأكبر الذي يواجهانه.

وربما لم ترحب الصين بالغزو، ولكنها حملت الولايات المتحدة والناتو مسؤولية الأزمة. ووصفت سياسة الولايات المتحدة في منطقة إندو- باسيفيك على أنها محاولة أمريكية لخلق حلف مماثل للناتو وشجبت العقوبات على روسيا بغير الشرعية.

وضخمت وزارة الخارجية الصينية عمليات التضليل عن الحرب التي نشرتها موسكو. وبلا شك، فالرئيس الصيني يشعر بالامتنان لبوتين، وأنه حرف اهتمام إدارة بايدن عن الصين. كما لا ترحب بكين بالتقارب الجديد بين أمريكا وأوروبا بما فيها وسط وشرق أوروبا، وهي الدول التي تحاول الصين التقرب منها. وزاد التبادل التجاري بين الصين وروسيا إلى معدلات عالية وصلت في العام الماضي إلى 146.9 مليار دولار، وهو نصف تجارة الصين مع الاتحاد الأوروبي، وجزء صغير من تجارتها مع الولايات المتحدة، مما يعطي فكرة عن الأهداف الاستراتيجية. فالتعبيرات الغامضة عن آمال خفض التوتر تختلف عن التحرك للمساعدة وتحقيقه.

وهناك شكوك في أن التعليقات هذه هي محاولة من بكين لتخفيف النقد لها بسبب دعمها لروسيا وليست تعبيرا عن تحول في تفكيرها. ويظهر هذا على الأقل أنها تدفع هي الأخرى ثمن الغزو، سياسيا واقتصاديا. وهي نقطة يجب على قادة أوروبا التأكيد عليها. ومع أن التوقعات من لعب الصين دور الوسيط يجب أن تكون منخفضة إلا أنه يجب الضغط عليها حتى لا تعمل المزيد لدعم روسيا وفرض حدود على الصداقة التي من المفترض أن تكون بدونهم.

القدس العربي