تساءلت صحيفة “الغارديان” عن السبب الذي دفع وكالة التنصت البريطانية “جي سي أتش كيو” للقول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يتلقى المعلومات الصحيحة حول مسار الحملة في أوكرانيا. وقالت في تقرير أعده محرر شؤون الأمن والدفاع دان صباغ إن مدير الوكالة سير جيرمي فيليمنغ زعم قائلا “نعتقد أن مستشاري الرئيس بوتين خائفون من إخباره بالحقيقة”.
وكان المسؤول يتحدث وبثقة في جامعة أسترالية. ولم يقدم أية أدلة لدعم كلامه الذي قدمه بصورة الواثق، مما ترك انطباعا لدى المراقبين أن ما قاله هو جزء من الحرب النفسية ويعني “أننا نعرف وضع الكرملين وأنه ليس جيدا”. ونفس الأمر يصدق على الكلام الذي زعم أن بوتين معزول، فقبل ساعات كان المسؤولون الأمريكيون يسيرون على نفس الطريق مما يكشف عن جهود منسقة. وقال المسؤولون الأمريكيون “لدينا معلومات أن بوتين يشعر بأن الجيش الروسي ضلله”، وأشار مسؤول إلى أن الزعيم الروسي لم يكن يعرف في البداية اعتماد الجيش على المجندين في الحرب.
وفي ظل فشل الجيش الروسي بتحقيق انتصار سريع في أوكرانيا فمزاعم كهذه ليست مثيرة للدهشة. كما أن هيمنة الرئيس على الكرملين والشخصيات البارزة ليست مثار دهشة أيضا.
وكان القصد من تصريحات فيليمنغ تذكير الرأي العام بالطريقة التي عامل فيها بوتين سيرغي نارشكين، مدير المخابرات الأجنبية “أس في أر” في لقاء قصد منه إظهار دعم المؤسسات الروسية لاستقلال الجمهوريات المنفصلة عن أوكرانيا. وطلب بوتين من نارشكين أن يتحدث بوضوح بطريقة قصد منها نشر الخوف في قلوب المسؤولين المتشددين الذين يعرفهم منذ التسعينات على الأقل. ورفض المسؤولون في جي سي أتش كيو الدخول في التفاصيل وتحديد الوقت المناسب للحديث عن هذا. ولكن الانطباع من تصريحات فيليمنغ أنها دعائية ولا تهتم بالحقيقة، خاصة عندما يتم إدخالها في خطاب لرئيس مؤسسة استخباراتية واهتم بكلامه الإعلام.
واحتوى خطاب فيليمنغ على مزاعم لم تدعم بحقائق أخرى وهي أن القوات الروسية “أطقت النار بالخطأ وأسقطت طائرات روسية” والتي قصد منها أن الخطأ حدث عدة مرات، وهو كلام قصد منه إخبار الكرملين عما يعرفه الغرب وخاف عليه.
وقالت الصحيفة إن المسؤولين السابقين في الحكومة البريطانية انقسموا حول حكمة إطلاق مسؤول وكالة استخباراتية تصريحات بدون أي أدلة. وقال مسؤول استخباراتي سابق “رأيي هو أنه كان على فيليمنغ التحدث بناء على معلومات استخباراتية وإلا فإنه سيخاطر بتضليل الغرب”.
إلا أن لورد ريكتس، مستشار الأمن القومي السابق علق قائلا إنه من الواضح أن بوتين أصبح “معزولا ولا يتسامح مع النقد” وإن ما قام به فيليمنغ “هو استمرارية لممارسة ما قبل الحرب من وضع معلومات أمنية بدون الكشف عن مصادرها”. ومن الواضح أن تكهنات الغرب قبل الحرب لم تكن صحيحة، مثل الحديث عن انتصار سريع لبوتين وقواته ومحاصرة كييف.
ولكن فيليمنغ يبدو أنه يحاول شخصنة المسؤولية عن الحرب حيث قال “يبدو أن بوتين أساء تقدير الوضع”، وهو تصريح واضح ولكنه غير دبلوماسي لأن أي وقف لإطلاق النار أو تسوية يجب أن يشارك فيها بوتين.
وهناك مخاطر من أن الغرب أصبح واثقا بنفسه بدرجة زائدة حول الخلافات والمصاعب الروسية، ويحاول المبالغة بمزاعمه كما حدث في مراحل التحضير لحرب العراق. وقال المسؤول السابق “صحيح أن العراق كان لديه وحدة كيماوية لديها استعداد للتجميع خلال 45 دقيقة، لكن هذا لا يعكس ما قيل في البرلمان ونشره الإعلام”.
الشرق الأوسط