اضطرابات رمضان تتم في باب العامود وأعمال إحباط العنف تنفذ في الضفة، لكن العيون تصبو إلى قطاع غزة.
توجد أوجه شبه بين أجواء التصعيد الحالية وتلك التي كانت عشية حملة حارس الأسوار. لكنه توجد أيضا غير قليل من العوامل المهمة المختلفة في الواقع الذي نشأ في القطاع في ما بعد الحملة الأخيرة. في الأيام التي سبقت حارس الأسوار رسمت قيادة حماس خطا مباشرا بين ما يجري في القدس وبين الرد العسكري من القطاع. كمنظمة تدعي قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني خارج غزة أيضا، طرحت حماس معادلة ملزمة حين قررت نفسها كـ “حرس القدس”.
هذه المرة أيضا كان الخط الرفيع – الذي يفصل بين العقلانية التي ينسبوها في إسرائيل لخيار حماس عدم تصعيد الوضع في القطاع لخيار معاكس وغير عقلاني في عيون غربية لأن تحرر على الأقل اللجام وتعطي ضوءا أخضر لمنظمات أخرى لتنفيذ النار من القطاع – هو جزء لا يتجزأ من تقويم الوضع الحالي. يدور الحديث عن سيناريو معقول يمكنه أن يتحقق، وذلك رغم عناصر لجم مهمة أكثر توجد اليوم مقارنة بالوضع ما قبل نحو سنة.
سبعة صواريخ أطلقت من القطاع منذ حارس الأسوار في أيار، واكثر من أربعة أشهر مرت منذ إطلاق الصاروخين الأخيرين اللذين تفجرا أمام شواطئ غوش دان. كل صاروخ هو واحد أكثر مما ينبغي، بالطبع. ولكن يوم الأرض الأخير كاد يمر دون أن يشعر به أحد، وحتى بعد تصفية خمسة من الجهاد الإسلامي في الأيام الأخيرة لم تطلق حاليا صواريخ من القطاع.
مفهوم أنه ليست محبة إسرائيل هي التي توجه في هذا الوقت خطى حماس. فللقصة الاقتصادية تأثيرات كبرى على سياستها. مع عدد غير مسبوق يبلغ 20 ألف عامل يدخلون إلى إسرائيل، ترتيب آلية إدخال المال والمساعدة من قطر والمساعدة المصرية في إعمار وإعادة بناء بعد الهدم في الحملة الأخيرة – يوجد لحماس الكثير مما تخسره. ومع ذلك، مثلما تعلمنا على جلدتنا، فإنه عندما يدور الحديث عن منظمات فإن الاعتبار العقلاني الاقتصادي لا يقف وحده. في إسرائيل يعتقدون أن لحماس توجد مصالح أخرى. فالمنظمة لم تستكمل بعد ترميم قدراتها العسكرية منذ الحملة الأخيرة، وهي تستغل فترة الهدوء للاستثمار في تعظيم القوة العسكرية.
في هذه المرحلة ما تزال حماس بعيدة عن القدرات العسكرية التي تتطلع إليها ويمكن الافتراض أن المنظمة تفهم جيدا أن جولة قتالية أخرى، فضلا عن الآثار الاقتصادية والسياسية الجسيمة التي ستكون لها على القطاع فإنها ستأخذ بها إلى الوراء مرة أخرى في قدراتها العسكرية.
ليس صدفة أن مسؤولي حماس حاولوا أيضا إطلاق رسالة أن ضريبتهم للقتال ضد إسرائيليين سبق أن دفعوها في حارس الأسوار. وقد كانت سلسلة الأحداث الأخيرة كافية لأن تشعل تصعيدا في القطاع لكن الحقيقة هي أن هذا لم يحصل حتى الآن بسبب هوامش واسعة أكثر ومصالح جلية لكل الأطراف.
لكن كل هذا يجب أن يؤخذ بشكل محدود الضمان، إذ إن استمرار المواجهات في القدس وتفاقمها تزيدان من يوم إلى يوم احتمالات أن يصل الاحتدام الأمني إلى قطاع غزة أيضا.
القدس العربي