تساؤلات إسرائيلية حول الثغرات الأمنية التي سمحت بعملية تل أبيب وانتقادات للشرطة وقائدها

تساؤلات إسرائيلية حول الثغرات الأمنية التي سمحت بعملية تل أبيب وانتقادات للشرطة وقائدها


تعالت الانتقادات في إسرائيل للمؤسسة الأمنية بعد نجاح الشاب رعد فتحي حازم (29 عاما) من مخيم جنين، بتنفيذ عملية في قلب تل أبيب رغم تدابير وإجراءات الأمن الاستباقية، والفشل في وقفه إلا بعد تسع ساعات، رغم مشاركة أكثر من ألف جندي من مختلف الوحدات البوليسية والعسكرية والاستخباراتية ومن الوحدات الخاصة.

وكان الشهيد رعد، وهو نجل ضابط أمن في السلطة الفلسطينية، قد وصل للشارع المركزي في قلب تل أبيب، شارع ديزنغوف، ليلة الخميس في ساعة عادة ما تمتلئ فيها المطاعم والمقاهي بالرواد، وأطلق النار عليهم ولاذ بالفرار. وهرعت قوات أمن إسرائيلية كبيرة جدا للمكان. ونقلت قنوات التلفزة ومنتديات التواصل الاجتماعي عمليات البحث عن منفذ العملية، وبدت فيها مشاهد درامية تكاد تكون غير مسبوقة، تعكس حالة فوضى وهلع بلغت حد الهستيريا.

طيلة ساعات، لم تعلم قوات الأمن الإسرائيلية هوية المنفذ ومكان اختبائه، وكانت تداهم كل زاوية وبيت يشتبه بتواجده فيه. وقد ظهر المئات من الجنود وعناصر الأمن يشهرون البنادق والمسدسات في كل الاتجاهات ومعهم عدد غير قليل من المارة ممن حملوا السلاح، ومن خلفهم طواقم صحافية ومصورون نقلوا كل ما يجري لحظة بلحظة بما في ذلك نقل الجرحى العشرة وجثماني القتيلين في العملية.

“الشاباك”: نقل مشاهد الرعب والفوضى في صفوف الإسرائيليين يهدد المناعة النفسية ويضعف الحصانة الاجتماعية

ووجّه عدد كبير من المراقبين انتقادات لقوات الشرطة الإسرايلية وقائدها في تل أبيب تحديدا، لعدم إغلاق مسرح العملية والسماح للمصورين بالتدخل مع الجنود ونقل صور الفوضى والفزع في شوارع تل أبيب، علاوة على صور عناصر القوات الأمنية وبعضهم ينتمون لوحدات سرية. وقال مسؤول سابق في جهاز المخابرات العامة (الشاباك) للقناة العبرية 13، إن نقل مشاهد الرعب والفوضى يصب الماء على طاحونة “الإرهاب الفلسطيني” بحسب وصفه، كونه يترك مفاعيل نفسية خطيرة في نفوس المتلقين ويضرب المناعة النفسية والحصانة الاجتماعية لدى الكثيرين ممن يشاهدون مثل هذه الصور التي تظهر إسرائيل بصورة ارتباك وخوف وعجز عن تأمين الحماية وهي تقول ليهود العالم منذ عقود إنها الملجأ الآمن لهم.

وقد اشتدت مشاعر الضغط والهلع كلما مرّ الوقت دون أن يلقى القبض على المنفذ أو المنفذين، وسط أنباء وشائعات عن إطلاق رصاص في مواقع أخرى منها ميناء تل أبيب مما فاقم حالة الفوضى والحيرة والخوف، ودفع السلطات الإسرائيلية لوقف حركة الحافلات في المدينة التي يسكنها مليون شخص.

وقبيل صلاة الفجر، وعند الساعة الخامسة تقريبا، أطلق عناصر من المخابرات العامة “الشاباك” النار على منفذ العملية في جوار مسجد في يافا. وحسب الرواية الإسرائيلية الرسمية، فقد دعا عنصران من “الشاباك” الشاب رعد حازم للتوقف ورفع يديه فوق رأسه وهو يستتر خلف سيارة قريبا من المسجد المحمودي غربي دوار الساعة الشهير في يافا، لكنه تظاهر برفع يديه وارتد للخلف وما لبث أن أطلق عشر رصاصات عليهما في اشتباك دام عدة دقائق انتهى باستشهاده. وطبقا لبيان الشرطة الإسرائيلية، كان رعد، من مخيم جنين، يعمل في منطقة تل أبيب بدون تصريح عمل، ولم يعتقل في الماضي وهو محسوب على كتائب شهداء الأقصى.

رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت، الذي تواجد داخل مقر وزارة الحرب القريب من مسرح العملية طيلة ساعات تزامنا مع ملاحقة منفذها، قال إنه “يبارك قواتنا التي نجحت في العثور على المخرّب الهارب وتصفيته ونحن نحافظ على جاهزية عليا في تل أبيب وسائر البلاد خشية عمليات أخرى أو الاقتداء بها”. وأضاف أن الإسرائيليين يشاطرون العائلات الثكلى وعائلات الجرحى وجعها وحزنها، وقال: “حربنا ضد الإرهاب طويلة وقاسية ونحن سننتصر فيها”.

وقال وزير الجيش، بيني غانتس، في تغريدة إن العملية انتهت ولم تكتمل، وتابع: “ألقينا القبض على المخرب. وسنوسع دائرة عملياتنا ضد موجة الإرهاب بالهجوم والدفاع والمخابرات”. وانضم غانتس للتهديدات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين بقوله: “سيكون الثمن الذي سنجبيه من منفذي العمليات ومرسليهم باهظا. وسنستمر في العمل في أي مكان تكون فيه حاجة إلى ذلك”.

وقال وزير خارجية الاحتلال، يائير لابيد في تعقيبه: “سنحارب الإرهاب معا، وسنوجه ضربات للمخربين في أي مكان يختبئون فيه، وسنعثر على مرسليهم والمتعاونين معهم في أي مكان، ولن نرتاح حتى يعود الهدوء إلى الشوارع”. مفتش عام شرطة الاحتلال يعقوب شبتاي قال إنه بعد ليلة طويلة وبعد ساعات طويلة من العمل بالتعاون بين الشرطة والمخابرات والجيش، نجح عناصر الأمن بإغلاق الدائرة على منفذ العملية وقتله في تبادل إطلاق نار معه.

وعلى خلفية الانتقادات الموجهة للشرطة ولقوات الأمن، قال شبتاي: “سبق وشددنا أنه مهما استغرق الأمر وقتا سنصل للمخرب حيا أو ميتا وفعلا هذا ما حصل بفضل تصميم القوات وردها السريع”. رئيس مجلس الأمن القومي السابق مئير بن شبات دعا الى وقف إدخال العمال الفلسطينيين بالكامل لإسرائيل؛ لأن عملية جديدة كهذه ستترك أضرارا خطيرة ومختلفة منها اقتصادية.

يشار إلى أن عملية مشابهة جدا وقعت في المكان ذاته عام 2016 عندما قام نشأت ملحم وهو شاب من بلدة عارة داخل أراضي 48 بدخول مطعم وأطلق النار على إسرائيليين فقتل اثنين وأصاب عشرة وفرّ من المكان. لاحقا استقل حافلة وعاد إلى بلدته. وبعد أسبوع، داهمت قوات الأمن الإسرائيلية بيتا قريبا من بيته وقُتل خلال اشتباك.

وعملية تل أبيب ليلة أمس هي الخامسة منذ مطلع آذار/ مارس الذي يعرف إسرائيليا بـ”آذار الأسود” إذ سبقتها أربع عمليات في بئر السبع، والخضيرة، وبني براك، وفي منطقة بيت لحم أسفرت مجتمعة عن مقتل 11 شخصا، بينهم عناصر أمن. كما شهد شارع ديزنغوف المركزي في قلب تل أبيب عملية استشهادية نفذها رامز عبيد وتسببت في قتل 13 إسرائيليا في آذار/ مارس 1996.