بينما عبّرت أوكرانيا عن انزعاجها من استضافة تركيا رجال أعمال روساً فرضت عليهم عقوبات غربية، وطالبتها بالانضمام إلى العقوبات على روسيا، اعتبر رئيس حزب «الحركة القومية» التركي، دولت بهشلي، وهو شريك حزب «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان في «تحالف الشعب»، أن جهود تركيا للعب دور الوساطة في أوكرانيا تزعج الولايات المتحدة، منتقداً أطرافاً اتهمها بمحاولة إطالة أمد الحرب في أوكرانيا.
وقال بهشلي إن تركيا تلعب «دوراً محورياً فريداً» على مستوى العالم في الوساطة بين أوكرانيا وروسيا، وتتعامل من منطلقات مبدئية من أجل إحلال السلام والاستقرار هناك. وأضاف بهشلي، خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه، أمس (الثلاثاء)، أن «زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى كييف، ولقاءه الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي وممارسة كل الضغوط عليه، ومنها النفسية، مثير جداً للانتباه»، معتبراً أن هناك كثيراً من الدول والأطراف تريد إطالة أمد الحرب في أوكرانيا.
وتسعى أنقرة التي تربطها علاقات جيدة مع البلدين المجاورين لها في البحر الأسود، إلى استضافة لقاء يجمع الرئيسين: الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأوكراني، وذلك بعدما استضافت مؤخراً لقاء بين وزيري خارجية البلدين، ثم إحدى جولات المفاوضات بينهما؛ لكن الجهود التي تبذلها في هذا الصدد لم تحرز أي تقدم.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الأسبوع الماضي، إنه من الممكن أن يعقد اجتماع ثانٍ لوزيري الخارجية الروسي والأوكراني في تركيا، على غرار اجتماعهما في أنطاليا، جنوب البلاد، في مارس (آذار) الماضي.
وتعتبر أنقرة أن «المذبحة» التي تم الكشف عنها في منطقة بوتشا الأوكرانية، أثّرت سلباً على المفاوضات بين الجانبين الروسي والأوكراني؛ لكنها أكدت ضرورة عدم التخلي عن محاولاتها للعب دور الوساطة.
في الوقت ذاته، عبّر سفير أوكرانيا في أنقرة، واسيل بودنار، عن انزعاج بلاده من تحول تركيا إلى ملاذ آمن للأثرياء الروس، المطبقة عليهم عقوبات غربية بسبب قربهم من الرئيس فلاديمير بوتين. وقال بودنار، في مقابلة مع موقع «تي 24» التركي، إنهم يريدون أن تنضم تركيا إلى العقوبات المفروضة على موسكو، وأن تحد من تعاونها مع روسيا، معتبراً أن تعاون حلفاء أوكرانيا مع روسيا يتيح للكرملين مواصلة الحرب.
وأكد بودنار أن السلطات الأوكرانية أعربت عن هذه المطالب على جميع المستويات، مضيفاً: «لكن في النهاية تركيا دولة ذات سيادة، وسنحترم القرار الذي ستتخذه».
وأعلنت تركيا أنها ستلتزم فقط بالعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على روسيا؛ لكنها لن تكون جزءاً من أي عقوبات أخرى مفروضة من الغرب. وقال مولود جاويش أوغلو، بشأن ما إذا كان بإمكان الأوليغارشية الروسية (طبقة رجال الأعمال المقربين من بوتين) الذين يواجهون عقوبات من الدول الغربية، القيام بأعمال تجارية في تركيا: «بالطبع يمكن، إن لم تكن هناك مخالفة للقانون الدولي، أما إذا كان الأمر مخالفاً للقانون الدولي فهذه قصة أخرى… سنسمح بأي أنشطة قانونية ومشروعة فقط في تركيا».
وخلال الشهر الماضي، وصل الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش إلى إسطنبول، قادماً من إسرائيل، وشارك مؤخراً في جولة المفاوضات بين الوفدين الروسي والأوكراني في إسطنبول، كما نقل إليها أحد أغلى ممتلكاته، يخته الفاخر «سولاريس» الذي تقدر قيمته بنحو 545 مليون يورو، لتفادي العقوبات الغربية، بعد حجز عديد من اليخوت المملوكة لأثرياء روس. وكشفت تقارير صحافية تركية عن أن أبراموفيتش يتفاوض لشراء نادي غوزتبه بعد عرضه نادي تشيلسي الإنجليزي للبيع. ويلعب غوزتبه الذي مقره بمدينة إزمير غرب تركيا، في الدوري التركي الممتاز.
وأبراموفيتش من بين 7 مليارديرات روس أضيفوا إلى قائمة العقوبات البريطانية، في محاولة لفرض عزلة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب الحرب على أوكرانيا. وينفي رجل الأعمال الروسي الذي يحمل أيضاً جنسيتي إسرائيل والبرتغال، أنه على علاقة وثيقة ببوتين.
وتقدر ثروة أبراموفيتش، البالغ 55 عاماً، بأكثر من 12 مليار يورو، واستحوذ على تشيلسي عام 2003 وقاده للتتويج بعديد الألقاب، قبل أن يضطر لعرضه للبيع مع تصاعد الضغوط عليه بسبب أزمة أوكرانيا، غير أن عملية البيع عُلقت بقرار حكومي فرض عقوبات على أبراموفيتش، وسمح للنادي اللندني بالاستمرار في العمل وفق رخصة مؤقتة.
الشرق الأوسط