بين إيران و”الجهاد”.. إسرائيل: كيف تهدأ غزة وتثور جنين؟

بين إيران و”الجهاد”.. إسرائيل: كيف تهدأ غزة وتثور جنين؟

الإرهاب المستشري في هذه الأيام في شمال السامرة، والذي يتركز في جنين يثير أسئلة عديدة: لماذا الآن؟ من يقف خلف هذه الموجة؟

كلما تعمقنا في الموضوع، يتبين أن هذا لا ينبع فقط من فقدان سيطرة السلطة الفلسطينية على المنطقة، ولا ينبع من ضائقة اقتصادية، مثلما ادعى الخبراء غير مرة.

جنين ومحيطها يتمتعان بازدهار اقتصادي في التجارة والصناعة والزراعة. معبر الجلمة المفتوح يجلب إلى المنطقة أسبوعياً نحو 20 ألف من عرب إسرائيل ممن يأتون لإجراء مشتريات زهيدة الثمن. في السنة الأخيرة مرت نحو مليون سيارة من إسرائيل إلى المنطقة عبر معبر الجلمة، وخرجت عشرات الشاحنات محملة بالبضائع، الخضروات والفواكه كل يوم من منطقة جنين إلى أراضي إسرائيل.

إلى جانب ذلك، يمر كل يوم نحو 10 آلاف عامل عربي يحملون التصاريح للعمل في إسرائيل. هذه الحقائق تتعارض والنظرية التي تقول إن الضائقة الاقتصادية محفز للإرهاب. منذ وقت بعيد، فتحت هناك جامعة عربية خاصة “الجامعة العربية الأمريكية”، التي تعمل بالتعاون مع كليات في الولايات المتحدة وتحظى بنجاح كبير.

ومن هنا السؤال: في الوقت الذي تكون فيه غزة، مركز الجهاد الإسلامي، هادئة نسبياً، كيف يصبح شمال السامرة مركز الإرهاب؟

يتبين أن إيران التي تعمل ضد إسرائيل في عدة أذرع وجبهات قد “غرست” في السامرة، بمعونة رجال الجهاد الإسلامي، رؤساء خلايا إرهاب “غافية” بنت على مدى الزمن خلايا إرهاب. هذه عملية بطيئة تبدأ بتجنيد هادئ وخفي، وتدريب وتأهيل لتنفيذ عمليات إرهاب بطرق مختلفة.

الطريقة والعملية هما جزء من الصراع الاستراتيجي الذي تخوضه إيران ضد إسرائيل إلى جانب الأذرع المساعدة مثل “حزب الله” في لبنان، وفروع مثل “فيلق القدس” وميليشيات شيعية تحاول أن تثبت على أراضي سوريا تهديداً على إسرائيل، خصوصاً الجهاد الإسلامي في غزة، المتعلق تماماً بإيران التي تمول كل أعماله، بخلاف حماس التي تمولها مصادر مختلفة.

تعلم الإيرانيون على مدى السنين أن الطريق الأفضل للتصدي وأساساً للانتقام من إسرائيل على ما تفعله بها في السنوات الأخيرة، وبخاصة على أراضي سوريا، هو تفعيل الإرهاب في قلب إسرائيل، وهذا ما يفعلونه لأسفنا بنجاح بمعونة الجهاد الإسلامي.

رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين، لاحظ علاقة إيران بمؤسس الجهاد الإسلامي، فتحي الشقاقي، في منتصف التسعينيات، وقد صفّاه الموساد في قرية سليامة في مالطا في تشرين الأول 1995.

دمشق مركز الجهاد الإسلامي الذي أقيم في الثمانينيات، وفيها أيضاً يسكن أمينه العام زياد النخالة الذي تحرر في صفقة جبريل وطرد إلى لبنان في 1995، ومن هناك يحول الأوامر.

يتبين أن هذا النمو الهادئ والبطيء للجهاد الإسلامي في شمالي السامرة بالفعل كان بطيئاً، ونجح في المرور من تحت رادار “الشاباك” في كل ما يتعلق بالتسلل إلى داخل حركة فتح وإلى قلب السلطة الفلسطينية في السامرة، وأن يخدم الأهداف الإيرانية في خلق الإرهاب في قلب إسرائيل.

من هنا، فإن عمليات الإرهاب الأخيرة وإن كان الصوت صوت الجهاد الإسلامي، لكن الأيادي أيادي إيران.

بقلم: أفرايم غانور

القدس العربي