الانتخابات المبكرة لن تنهي الأزمة السياسية في إسرائيل

الانتخابات المبكرة لن تنهي الأزمة السياسية في إسرائيل

القدس – تواجه الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت شبح الانهيار بعد حدوث أزمتين، الأولى تتعلق باستقالة عضو الكنيست عيديت سيلمان من الائتلاف الحاكم، والثانية بتجميد القائمة العربية بزعامة منصور عباس عضويتها في التحالف والكنيست (البرلمان).

ويثير ذلك تساؤلات حول مستقبل الحكومة حيث خسر الائتلاف الحاكم أغلبيته في الكنيست وربما بات انهياره “سياسياً” مسألة وقت. ومن ناحية أخرى، يمثل التصعيد الجاري بين قوات الأمن الإسرائيلية والمحتجين الفلسطينيين في القدس عاملاً محفزاً لإشعال الجبهتين السياسية والأمنية معاً، حيث منح بينيت القوات الإسرائيلية تفويضاً مفتوحاً لاستخدام أي وسيلة تراها لمواجهة أعمال العنف في القدس وشمال الضفة الغربية.

وتولى رئيس الوزراء منصبه في يونيو الماضي بعد جهود مضنية لتشكيل ائتلاف قادر على الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول عهدا بنيامين نتنياهو. وحظي الائتلاف بأغلبية ضيّقة للغاية من 61 نائبا في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا.

سعيد عكاشة: نتنياهو سيظل الرقم الصعب في معادلة الاستقرار السياسي الإسرائيلي

والائتلاف مشكّل من مزيج من الأحزاب اليسارية والقومية اليهودية المتشددة والأحزاب الدينية، إضافة إلى القائمة العربية الموحدة، وتشوبه انقسامات أيديولوجية عميقة.

ووفقاً للقواعد الحاكمة للكنيست ولقانون تشكيل الحكومة، يمكن أن يستمر ائتلاف بينيت – لابيد حتى من دون أغلبية الـ61 مقعداً في البرلمان، ولكن سقوط الائتلاف والدعوة إلى انتخابات مُبكرة سيكون حتمياً عندما يبدأ الكنيست في التصويت على مشروعات القوانين التي سيقدمها الأعضاء أو الحكومة.

ويثير هذا الانسداد السياسي جدلا حول ما إذا كانت الانتخابات المبكرة ستشكل مخرجا للأزمة الراهنة، لكن ذلك يبقى مستبعدا لعدة أسباب.

وقال الباحث سعيد عكاشة إن “واقع الأمر أن هذه الأزمة تنطوي على عناصر متعددة يصعب تصور التغلب عليها في المستقبل المنظور، وأهمها ما يمكن تسميته بمعضلة رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو، الذي استمر في منصبه كرئيس للحكومة لمدة تزيد على 12 عاماً، وخلال هذه السنوات واجه نتنياهو اتهامات بالفساد وسوء استخدام النفوذ من دون أن تتمكن المحكمة حتى اليوم من إدانته، وهو ما أدى إلى شعور قطاع كبير من المجتمع الإسرائيلي بخطورة استمراره في الساحة السياسية، سواء على صعيد تداول السلطة كفكرة جوهرية في الأنظمة الديمقراطية، أو على صعيد صورة إسرائيل في الداخل والخارج كدولة تحترم مبدأ سيادة القانون”.

وأضاف عكاشة في ورقة بحثية لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أنه “على الجانب الآخر والمعاكس تماماً، كان الناخب الإسرائيلي على استعداد لمنح نتنياهو الفرصة للبقاء من خلال استمرار حصول الليكود على أكثرية المقاعد في الكنيست خلال 4 انتخابات متتالية تم إجراؤها منذ عام 2018. وهذا ما أظهر بوضوح ضعف الكتل الحزبية المنافسة لليكود، وافتقار الحياة السياسية الإسرائيلية إلى القدرة على توليد زعامات بديلة لنتنياهو، وهو ما يبدو أنه سيستمر لعقد قادم”.

وبحسب استطلاع رأي نُشرت نتائجه في الثامن أبريل 2022، فإن حزب “الليكود” بزعامة نتنياهو سيحصل في الانتخابات إذا ما تم إجراؤها الآن على 35 مقعداً، بينما سيحصل حزب “يش عتيد” برئاسة وزير الخارجية يائير لابيد على 19 مقعداً، وحزب “شاس” 9 مقاعد.

في المقابل، ستحصل أحزاب العمل وأزرق أبيض و”يهودت هتوراه” على 8 مقاعد لكل منها على حدة.

وتأتي لاحقاً أحزاب “إسرائيل بيتينو” بزعامة أفيغدور ليبرمان 6 مقاعد، و”القائمة المشتركة” 6 مقاعد، و”يمينا” الذي يقوده بينيت 5 مقاعد، فيما يحصل حزبا “ميرتس” و”القائمة العربية الموحدة” على 4 مقاعد لكل منهما. أما حزب “تكفاه حدشاه” (أمل جديد) المشارك في ائتلاف بينيت فيتوقع الاستطلاع ألا يعبر نسبة الحسم.

وقال عكاشة إن “جبهة نتنياهو وحلفائه بحسب هذه الاستطلاعات ستحصد 60 مقعداً، وسيكون عليها جذب نائب واحد على الأقل لتشكيل الحكومة المنتظرة، وهو أمر تُظهر الصعوبات السابق سردها عدم إمكانية تحقيقه”.

واستدرك بالقول “لكن نتائج نفس الاستطلاع تشير إلى زيادة مقاعد حزب الليكود بخمسة مقاعد، وزيادة قوة جبهة اليمين الحليفة لنتنياهو بثمانية مقاعد؛ مما يعزز حقيقة أن نتنياهو سيظل الرقم الصعب في معادلة الاستقرار السياسي الإسرائيلي، وليس أمام الجبهة المعارضة له سوى الرهان على إمكانية إدانته بحكم قضائي، أو إبعاده عن الحياة السياسية بصفقة مع المُدّعي العام تُنهي القضايا المتهم فيها نتنياهو مقابل عدم توقيع عقوبة بسجنه، بالإضافة إلى منعه من العمل السياسي لمدة لن تقل عن 5 أعوام”.

العرب