باشاغا يبدأ العمل من سبها: حكومة الاستقرار ولدت ميتة

باشاغا يبدأ العمل من سبها: حكومة الاستقرار ولدت ميتة

سبها (ليبيا) – وصفت أوساط سياسية ليبية لجوء رئيس حكومة الاستقرار المنبثقة عن البرلمان فتحي باشاغا إلى عقد أول اجتماع وزاري لها من سبها عاصمة إقليم فزان (جنوب) بأنه إعلان غير مباشر عن الفشل واليأس من انتزاع السلطة من رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة ودخول طرابلس وهو ما يعني أن الحكومة ولدت ميتة.

وأضافت الأوساط أن هذه الخطوة تعكس اقتناع باشاغا وحلفائه بصعوبة دخول طرابلس على المدى القريب كما تشير إلى أن محاولاته لاستمالة الميليشيات والمجموعات المسلحة غرب طرابلس قد باءت بالفشل.

ويعني دخول العاصمة السيطرة على المؤسسات السيادية وخاصة المصرف المركزي ومؤسسة النفط.

وتواترت الأنباء خلال الفترة الماضية بشأن عقد باشاغا لسلسلة اجتماعات مع بعض قادة المجموعات المسلحة في تونس بهدف إقناعهم بدعم حكومته في صورة ما إذا تصدت الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة لها أثناء محاولاتها دخول طرابلس.

وضع حكومة باشاغا أسوأ من وضع الحكومة المؤقتة السابقة برئاسة عبدالله الثني التي استفادت من انقسام المصرف المركزي

وتقدمت مجموعات مسلحة موالية لباشاغا أكثر من مرة نحو العاصمة طرابلس منذ مصادقة البرلمان على حكومته مطلع مارس الماضي، لتتراجع في ما بعد تحت ضغوط غربية وخاصة الضغوط التي مارسها السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند لمنع اندلاع صراع مسلح على السلطة من جديد.

ومنذ تعيينه على رأس الحكومة الجديدة لم يتوقف باشاغا عن التوعد بدخول العاصمة مع التأكيد على أن دخوله سيكون سلميا وهو ما اعتبره مراقبون أمرا مستحيلا في ظل تمسك الدبيبة بالسلطة، فقد نجح في استمالة المجموعات المسلحة والمسؤولين المحليين في المنطقة الغربية إلى صفه.

وأكدت الحكومة الجديدة الخميس أن عقد أول اجتماع لها في سبها يأتي قبل مباشرة عملها من طرابلس، من دون تحديد موعد لذلك. وجددت تأكيد التزامها بانتهاج “الخيار السلمي” لاستلام مهامها في العاصمة.

وقال الناطق باسم حكومة باشاغا عثمان عبدالجليل، إن دخول طرابلس ليس هدفًا عاجلًا في الوقت الراهن، مشددًا على أن حكومته تتفادى الصدام، وتعمل على دخول آمن وسلمي إلى العاصمة.

باشاغا لم يتوقف عن التوعد بدخول العاصمة منذ تعيينه على رأس الحكومة الجديدة

وأضاف خلال مؤتمر صحافي على هامش الاجتماع الأول للحكومة الذي عقد في سبها الخميس، أن الحكومة لا تركز على مكان عملها، فأهم ما تسعى إليه هو العمل والانعقاد الذي يمكن أن يحدث في أيّ مدينة مثل سرت أو غريان أو غيرهما طالما أنها على التراب الليبي.

واختار باشاغا مدينة سبها دونا عن بقية المدن الواقعة تحت سيطرة حليفه قائد الجيش المشير خليفة حفتر، ليبعث برسائل مفادها أن أولوية حكومته ستكون التركيز على رفع مستوى المعيشة وإنهاء معاناة المناطق الداخلية حيث ارتبط الجنوب ومدنه بالتهميش منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

ومن غير المعروف ما إذا كان باشاغا سيجعل من سبها مقرا دائما لحكومته أم سيختار مدينة أخرى خلال الأيام القادمة لكن المؤكد أن عجزه عن دخول طرابلس سيجعل من حكومته مجرد هيكل بلا صلاحيات ولا نفوذ ولا ميزانية.

وقال باشاغا الخميس على هامش الاجتماع الوزاري “مضى عهد الفوضى والاستبداد، واليوم نحن أمام العدالة في توزيع الثروة وجودة الحياة، دون تمييز أو إقصاء”، مشيرًا إلى أن الاجتماع سيتناول برنامج الحكومة، ومشروع قانون الميزانية العامة، وجدول الرواتب الموحد من أجل إحالته إلى مجلس النواب، والتدابير الأمنية والعسكرية لتأمين الحدود الجنوبية، ودعم البلديات واستئناف مشروعات التعليم والمواصلات والصحة، وكذلك أسباب قفل الموانئ النفطية ووضع الحلول اللازمة لمسألة إدارة الإيرادات النفطية.

ويرى مراقبون أن وضع حكومة باشاغا أسوأ من وضع الحكومة المؤقتة السابقة برئاسة عبدالله الثني التي استفادت من انقسام المصرف المركزي حيث عمد المصرف المركزي – البيضاء إلى الاستدانة من البنوك لتوفير ميزانية للحكومة المؤقتة التي رفضت تسليم السلطة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج سنة 2016.

ويستبعد هؤلاء المراقبون أن يصرف محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير المعروف بعلاقاته الجيدة مع الدبيبة ميزانية لحكومة باشاغا، وسط مخاوف من أن يقود الانقسام السياسي إلى تقويض جهود توحيد المصرف المركزي.

وكان علي الحبري نائب محافظ المصرف المركزي (محافظ المصرف المركزي فرع البيضاء سابقا) قال في مارس الماضي إن فرع مصرف ليبيا المركزي بشرق البلاد “ملتزم بعملية التوحيد والعمل على إنجاحها” مشدداً على تطبيق الإجراءات العاجلة، وفي مقدمتها توفير السيولة النقدية، وفتح منظومة المقاصة المصرفية، ومعالجة أرصدة المصارف التجارية بمنظومة المصرف في بنغازي، إلى جانب إجراءات الاعتمادات المستندية، استباقاً لشهر رمضان.

وأوقف الكبير كل المصاريف عن حكومة الدبيبة باستثناء الرواتب ودعم الوقود تحت ضغوط غربية يبدو أنها كانت تهدف إلى تهدئة حفتر والقبائل شرق البلاد وجنوبها وعدم لجوئهما إلى إيقاف ضخ النفط.

وكانت مجموعة من أعيان الجنوب وكذلك أهالي وأعيان وسكان بلدية “الزويتينة سلطان النفطية” في الشرق أعلنت عن وقف إنتاج وتصدير النفط بشكل كامل اعتبارًا من السبت وإلى حين تسليم حكومة الوحدة الوطنية مهامها للحكومة الجديدة المكلفة من مجلس النواب.

العرب