نشر موقع “بوليتكو” تقريرا أعده كريستفر ميلر وبول ماكليري استعرضا فيه الجهود الأمريكية لتوفير الأسلحة الثقيلة للقوات الأوكرانية قبل دخول الحرب مرحلة جديدة ونجاح الروس في خطتهم إحكام الكماشة على 30.000 جندي أوكراني وقطع الإمدادات عنهم. وقالا إن القوى الغربية تقوم بدفع كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة مع دخول الحرب مرحلة قاتلة ويمكن أن تكون طويلة. وتأتي الشحنات العسكرية وسط الدعوات اليائسة من القادة الميدانيين الأوكرانيين الذين يواجهون المدفعيات الروسية والمقذوفات الصاروخية والتي قد تستمر لأسابيع أو أشهر. وأشارا إلى أن إدارة بايدن قامت على مدى الأسابيع الماضية بشحن ما قيمته 1.2 مليار دولار من مدافع هاوتزر بحوالي 200.000 طلقة وعربات مصفحة وطائرات بدون طيار تجريبية قادرة على التحليق إلى الأهداف. وتعد الشحنات تقدما مهما على الشحنات الصغيرة من صواريخ غافلين المضادة للدبابات التي ساهمت في وقف تقدم القوات الروسية باتجاه كييف في الأسابيع الثمانية من الحرب. وأعلنت يوم الجمعة كل من فرنسا وكندا عن خطط لإرسال بأنظمة مدفعية ذات مدى بعيد، وستقوم بريطانيا بإرسال مصفحات ثقيلة إلى بولندا حيث تفكر وارسو بإرسال دبابات بولندية إلى أوكرانيا. وأعلنت الولايات المتحدة يوم الأحد وأثناء زيارة مفاجئة لوزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين إلى كييف عن مساعدات عسكرية بـ 300 مليون دولار تسمح للأوكرانيين بشراء أسلحة متقدمة إلى جانب 165 مليون دولار لشراء الذخيرة. ويرى الكاتبان أن التحول السريع يعكس أن المعركة القادمة سيهيمن عليها القصف المدفعي ومعارك الدبابات حيث تنتشر وحدات المشاة في الحقول المنبسطة بشرق أوكرانيا. ولكن إيصال هذه المعدات الثقيلة في الوقت المناسب هو مهم في الأيام المقبلة. ومع تغير طبيعة الحرب بدأت القوة الروسية باستهداف الوحدات الأوكرانية في شمال مدينة ماريوبول المحاصرة حيث لا يزال مئات من المقاتلين يرفضون الاستسلام فيها. ووصف اللفتنانت إيفا سكوراتفسكي من الوحدة 25 المحمولة جوا الوصع بأنه سيء، وأن الروس يستخدمون أسلوب الحرب المحروقة. ويخشى أنه في حالة عدم وصول المساعدات على شكل قوة جوية ومعدات ثقيلة فإن قواته ستجد نفسها في نفس وضع المقاتلين في ماريوبول. وقال إن الوضع “يائس” و “لا أعرف كم سيظل لدينا من قوة”. وقال إن قواته المرابطة في بلدة أيديفكا القريبة من دونتسك، لم ترتح منذ بداية الحرب وتتناقص ذخيرتهم. وتأتي دعوات الأوكرانيين للغرب بمن فيهم الرئيس فولدومير زيلينسكي بتوفير أسلحة ثقيلة وسط المصاعب التي تواجه الكرملين التحول من هجمات الوحدات الصغيرة في الشمال إلى القصف المدفعي الهادف لتدمير المدن ومن فيها. وفي الوقت الذي بدأ فيه الغرب وإن ببطء الاستجابة للمناشدات الأوكرانية إلا أن انسحاب القوات الروسية من كييف أثار انتباه القوى الغربية. ويبدو أن القوات الروسية أعادت انتشارها من أجل القيام بحركة كماشة تشن من الشمال والجنوب لمحاصرة 30.000 جندي أوكراني في الشرق وقطعهم عن الإمدادات. ولا تزال الأسلحة تصل إلى خطوط القتال، إلا أن دخول الحرب مرحلتها الأكثر دموية تعني أن مواجهة الروس عن بعد سيكون سلاح الأوكرانيين الفعال. فقد كانت المدفعية جزءا مهما في الحرب حتى الآن، واستخدم المتطوعون الطائرات التجارية المسيرة والمصنعة محليا بطريقة فعالة وتحديد أماكن القوات الروسية. وإلى جانب الهاوتزر والعربات المصفحة سترسل الولايات المتحدة طائرة “العنقاء الشبح” المسيرة والتي تستطيع التحليق لمدة 6 ساعات بما في ذلك أثناء الليل وتحديد مواقع الروس قبل أن تطير باتجاه الهدف وتقذف رؤسا متفجرة. وتم تطوير المسيرات الجديدة هذه على مدى الأشهر الماضية وستكون مشاركته في الحرب الأوكرانية أول امتحان لقدراتها. وقال روب لي، المحلل في معهد أبحاث السياسة الخارجية إن “الذخيرة المتسكعة قد تكون مهمة وميزة وأثبت الأوكرانيون أنهم قادرون على التكيف والتصرف بطريقة خلاقة”. وأعلنت فرنسا يوم الجمعة أنها ستزود أوكرانيا بمدافع قيصر ذات الدفع الذاتي وتدرب حاليا 40 أوكرانيا على استخدامها. ولدى المدفع الذي استخدمته فرنسا في أفغانستان وباعته للناتو مدى ما بين 24- 34 ميلا، بشكل يمنح الأوكرانيون القدرة على إطلاق النار وبدقة من بعد محدد. واقترح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يوم الجمعة أن حكومته تفكر بصفقة لإرسال الدبابات البريطانية إلى بولندا لو قررت وارسو إرسال الدبابات المصنعة في العهد السوفيتي تي- 72 إلى أوكرانيا. وستتبع بولندا مثال دولة التشيك التي أرسلت بعضا من هذه الدبابات التي يعرف الأوكرانيون طريقة تشغيلها. وهدد الكرملين باستهداف شحنات الأسلحة القادمة عبر الحدود البولندية والتي قد تضم عربات مصفحة وقطع غيار لطائرات ميغ الأوكرانية. وطالما عبر المسؤولون الغربيون عن قلقهم من الشحنات، لكنها وصلت سليمة وسمحت للأوكرانيين بتزويد قواتهم بأسلحة جديدة. وقال مسؤول دفاعي أمريكي إن الأوكرانيين أصبحت لديهم دبابات في أوكرانيا أكثر مما لدى الروس هناك.
وربما كانت الشحنات الجديدة من الأسلحة متأخرة للمدافعين في ماريوبول الذين تحاصرهم وحدات من القوات الروسية. وبحسب تقييم استخباراتي بريطاني، فقرار بوتين محاصرة مجمع أزوفستال الذي تجمع فيه آخر المقاتلون الأوكرانيون ربما جاء من أجل تحييد المقاومة ومنح القوات الروسية فرصة للقتال في مناطق أخرى. ولا يعرف أثر الأسلحة الضخمة من دول الناتو إلى أوكرانيا على الميدان، كما لا يعرف كيف سيرد الكرملين على المساعدات الغربية. وقال دبلوماسي غربي “نشاهد ومرة أخرى أن بوتين مستعد لاستخدام القوة العسكرية لتأمين أهدافه الجيوسياسية”. وبعد أشهر من التحذيرات والعقوبات المدمرة لو اجتازت القوات الروسية الحدود إلى أوكرانيا، تحاول الدول الداعمة لأوكرانيا فهم حدود طموحات بوتين والذي لم يستمع لتهديدات الردع. وقال الدبلوماسي “للأسف نحن في وضع بات فيه الهجوم ضد دول الناتو ليس مستحيلا”. وألمح القادة العسكريون الروس عن إمكانية لتوسيع الحرب وضرب مولدوفا. وبعد أسابيع من النفي، أكد المسؤولون الأمريكيون أن القوات الأمريكية ناشطة بتدريب الأوكرانيين على استخدام الأسلحة الجديدة. وقال مسؤول بارز في وزارة الدفاع يوم الأربعاء أن عناصر من القوات الأمريكية بدأوا بتدريب 50 من القوات الأوكرانية على مدافع هاوتزر. وما سيقوم الغرب بإرساله وبسرعة لأوكرانيا سيكون عاملا في دفع القوات الأوكرانية على تحرير المقاتلين في ماريوبول ومنع تقدم الروس.
القدس العربي