تنظر قطر إلى الحرب الأوكرانية – الروسية وتبعاتها على سوق النفط كفرصة سانحة لإنجاح وساطتها بشأن الاتفاق النووي الإيراني الذي يشهد تعثرا بسبب استمرار الخلافات بين إيران والغرب.
ويرى مراقبون أن زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى إيران ودول أوروبية تندرج في سياق محاولة إنجاح المحادثات والتوصل إلى اتفاق جديد بين الطرفين، لافتين إلى أن الشيخ تميم سيصغي للإيرانيين أولا ثم سينقل وجهة نظرهم إلى الأوروبيين في ما بعد.
وقال هؤلاء المراقبون إن الوضع العالمي الراهن يشكل فرصة ستسهّل على الدوحة عملية إقناع الأوروبيين بوجوب استكمال الاتفاق، مشيرين إلى أن من مصلحة الغرب الحصول على نفط وغاز إيرانيّيْن من طهران الضعيفة وباتفاق نووي أفضل من نفط وغاز روسيين في حرب مشتعلة مع عدو قوي.
من مصلحة الغرب الحصول على نفط وغاز إيران الضعيفة أفضل من نفط وغاز روسيّيْن في حرب مشتعلة مع عدو قوي
وساهمت الحرب الروسية – الأوكرانية في ارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت المئة دولار لأول مرة منذ سبع سنوات بسبب العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
وحاولت الولايات المتحدة ودول أوروبية الضغط على الإمارات والسعودية لزيادة إنتاج النفط ما سيؤدي إلى خفض الأسعار، لكن تلك الضغوط قوبلت برفض أبوظبي والرياض، اللتين تعارضان إعادة تفعيل الاتفاق النووي الإيراني.
وعبّرت السعودية والإمارات -بالإضافة إلى إسرائيل- عن تخوّفهما من عدم وجود ضمانات في الاتفاق النووي ترتبط بوقف التهديدات الإيرانية لأمن المنطقة.
وتأتي التحركات القطرية في ظل تقارير إعلامية تتحدث عن اتفاقية أمنية تسعى الولايات المتحدة لإبرامها بين جميع الأطراف في المنطقة بهدف تهدئة الأجواء وتبديد مخاوف الخليجيين. وتشير التقارير إلى أن الإدارة الأميركية تعول على الدور القطري في إقناع الخليجيين وإيران بهذه الاتفاقية.
وقال مصدر مطلع الأحد إن الشيخ تميم سيزور إيران وألمانيا وبريطانيا ودولا أوروبية أخرى، ضمن رحلة تبدأ هذا الأسبوع ومن المتوقع أن يناقش فيها جهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 وأمن الطاقة في أوروبا.
وأضاف المصدر -الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأن الرحلة لم يعلن عنها رسميا حتى الآن- أن أمير قطر سيزور إيران ثم يقوم “بزيارة موسعة إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة”.
وقال المصدر لرويترز إن المحادثات ستركّز على كيفية “رأب الصدع” في المحادثات النووية المتوقفة منذ مارس، وعلى مسألة الغاز الطبيعي المسال وأمن الطاقة في المرحلة الأوروبية من الرحلة.
وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية الأحد أن الشيخ تميم سيتوجه إلى إيران لتعزيز العلاقات، لكنها لم تذكر موعدا محددا أو تفاصيل أخرى.
وعملت ألمانيا ودول أوروبية أخرى على تعزيز الشراكات مع قطر في مجال الطاقة ضمن سعيها لتوفير بدائل عن الغاز الروسي، وسط مخاوف من نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار بسبب الصراع في أوكرانيا.
ويرتبط معظم إنتاج الطاقة القطري بعقود طويلة الأمد، وقال وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة إنه لا توجد دولة واحدة لديها القدرة على أن تحل محل إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بالغاز الطبيعي المسال في حالة تعطل هذه الإمدادات.
وقال المصدر إن رحلة أمير قطر تهدف أيضا إلى دفع أطراف الاتفاق النووي الإيراني إلى “أرضية مشتركة جديدة”.
ووصلت المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران لإحياء الاتفاق إلى طريق مسدود، وهو ما يرجع أساسا إلى إصرار طهران على إزالة الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
وبموجب الاتفاق وافقت إيران على الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات. وانسحبت واشنطن من الاتفاق في 2018 وأعادت فرض العقوبات الأميركية، وردت طهران بانتهاك تدريجي للقيود النووية المنصوص عليها في الاتفاق.
صحيفة العرب