حولت الأزمة المائية التي تشهدها بلاد الرافدين، منذ سنوات، البساتين والمزارع إلى أراضٍ قاحلة جراء قطع تركيا وإيران بعض الروافد المهمة التي تغذي نهري دجلة والفرات. فقد أنشأت تركيا سدوداً بينما قطعت إيران المياه عن بعض الأنهر التي تصب في العراق. وأكد وزير الموارد المائية مهدي الحمداني أن إيران تحول مجاري الأنهر إلى داخل حدودها، معتبراً أنها تعمل على تهجير مجتمعات داخل العراق.
وقال الحمداني، في تصريحات صحافية، إن “إيران تغير مجرى الأنهر وهذا بحد ذاته مخالفة دولية واضحة”.
وأضاف أنه “مهما كانت الاتفاقية، لا تعطيها حق تغيير مجرى الأنهر”، لافتاً إلى “أننا لا نرى تعاوناً من الجانب الإيراني لغاية الآن”.
وأكد الحمداني أن “الوضع الإيراني مبهم بالنسبة إلينا، ونحتاج في الأيام المقبلة إلى الجلوس معاً، فمن غير المنطقي أن تقوم الجارة إيران بتحويل الأنهر”، معتبراً أن “إيران تفقد العراق حقه من المياه، ونأمل أن تستجيب الجارة إيران لعقد مفاوضات لحل هذه الأزمة”.
تنظيم ملف المياه
بدوره، طالب الرئيس العراقي برهم صالح بتنظيم ملف المياه بين العراق ودول الجوار، انطلاقاً من مبادئ حسن الجوار ومراعاة المصالح المشتركة.
وأكد الرئيس العراقي، خلال اجتماعه بوزير الموارد المائية مهدي رشيد، أن ملف المياه يجب أن يكون أولوية قصوى، باعتباره أحد مرتكزات الأمن القومي العراقي.
وشدد على ضرورة حماية المسطحات المائية وصيانة السدود، ووضع خطط استراتيجية تشترك فيها مؤسسات الدولة، بالتنسيق مع الخبرات الدولية في مجال مواجهة أزمات الجفاف والتصحر والتغير المناخي.
ودعا صالح إلى ضرورة أن يكون التصدي لتغير المناخ أولوية وطنية في العراق، والشروع في مبادرة إنعاش بلاد الرافدين.
ضغط برلماني
في حين أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حاكم الزاملي، أن ملف المياه يحتاج إلى وقفة حقيقية، وأن هناك هدراً للمياه وعدم استخدام المكننة وأساليب الري الحديثة والسدود بالطريقة الأفضل.
وقال الزاملي، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن “وزارة الموارد المائية تركت تقاتل وحدها من دون وجود اهتمام وعون من الجهات المسؤولة”، مضيفاً أن “ملف المياه حكومي ويجب أن يكون لمجلس النواب والحكومة الدور في معالجته كونه يمس حياة المواطنين”.
وكشف الزاملي عن أن “مجلس النواب يبحث عن وضع الحلول الدائمة سواء كان الدعم الداخلي في الموازنة أو الحفاظ على المياه وردع التجاوزات الكثيرة، خصوصاً في المحافظات من جانب الأحزاب والعشائر وجهات مسلحة والمحافظين، ما تسبب بفوضى واستغلال مساحات واسعة من دون موافقة وزارة الموارد المائية”.
ولفت إلى أن “البعض بدأ حفر الآبار والاستثمار الزراعي وإنشاء أحواض للأسماك من دون أن يكون هناك رأي للوزارة ولا رادع للتمادي”.
وأشار إلى أن هناك “عشائر تتدخل في مشاريع الري وحقول النفط، وهذه فوضى يجب أن تردع وأن تكون هناك جهة تحاسب ولا تتركها للتوسع في المحافظات، ونحتاج إلى وقفة حقيقية من الأجهزة الأمنية والحكومة في ملف المياه لأنه الأخطر”.
وتابع، “لدينا علاقات تجارية مع دول الجوار، ونحتاج إلى أدوات للضغط عليها، والحكومة تتحرك بشكل حقيقي، ونتعهد بالقيام بدورنا في البرلمان للضغط على هذه الدول بشأن الحصة المائية ووزارة الموارد المائية عليها القيام بواجبها في الحفاظ على مناسيب المياه وخزنها بالشكل العلمي الصحيح”.
وأكد الزاملي أن “مجلس النواب سيدعم الوزارة في الموازنة، وعلى الحكومة أن تتدخل بشكل جدي في الضغط على دول الجوار لتأمين الحصة المائية للعراق”، كاشفاً عن أنه “تحدثنا مع السفير التركي، وسيكون لنا حديث مع السفير الإيراني في العراق لأجل الالتزام بالحصص المائية المقررة”.
موسم الشح
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم وزارة المواد المائية، علي راضي، في تصريح صحافي، إن “الموسم الماضي كان شحيحاً”، موضحاً أن “قلة الإيرادات المائية كانت بسبب عوامل عديدة أبرزها الجانب الطبيعي المتمثل في الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية التي أثرت في دول العالم، والعراق بوصفه دولة مصب صنف بكونه أكثر خمسة بلدان في العالم تأثرت بذلك، فضلاً عن الجانب الفني المتمثل بقيام بعض دول المنبع بإنشاء سدودها الخاصة لحبس المياه، إلى جانب النمو السكاني على طول حوض الأنهر، هذه العوامل بمجملها جعلت البلاد تمر بموسم شحيح”.
وأضاف أن “البلاد تمر بمواسم مائية مختلفة، أحياناً تكون شحيحة وفي أحيان أخرى تكون فيضانية”، مذكراً أن “سنة 2019 كانت فيضانية ورفعت مناسيب المياه في الخزانات بشكل كبير ووفرت مياهاً مكنتنا من استخدامها في موسمي الشح، 2020 و2021، لتغطية المتطلبات، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الخزين بسبب الاستخدام”.
وأشار المتحدث باسم وزارة الموارد المائية إلى أن “المباحثات مع تركيا وإيران مستمرة، ونسعى لتكثيفها في الفترة المقبلة، وأن يكون التركيز على ضمان الحقوق المائية للعراق وتقاسم الأضرار في مواسم الشح”.
اندبنت عربي