محمد بن زايد.. رجل المنطقة القوي رئيسا للإمارات

محمد بن زايد.. رجل المنطقة القوي رئيسا للإمارات

أبوظبي – أعلن المجلس الأعلى للاتحاد، السبت، عن انتخاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسا لدولة الإمارات، في خطوة قال دبلوماسيون ومحللون سياسيون إنها ستعطي نقلة نوعية للإمارات داخليا وخارجيا في وجود الرجل القوي، وهو ما عكسته مواقفه في القضايا الإقليمية والدولية.

وقال المحللون إن الشيخ محمد بن زايد نجح في السنوات الماضية في التأسيس لعلاقات خارجية إماراتية تقوم على الندية بما في ذلك مع الولايات المتحدة. كما أسس لمفهوم تنويع الشركاء وعدم رهن الإمارات لتحالف مع جهة واحدة، وهو ما ظهرت نتائجه بشكل واضح من خلال الاتفاقيات التي عقدتها أبوظبي مع الصين والهند وروسيا وفرنسا، وانفتاحها الإقليمي من خلال بناء علاقات تقوم على تبادل المصالح مع دول أفريقية خاصة في القرن الأفريقي حيث قادت الإمارات مهمة الوساطة بين أثيوبيا وإريتريا ونجحت دبلوماسيتها الهادئة في وقف حرب عجز الآخرون عن وقفها.

ويحسب للشيخ محمد بن زايد نجاحه في تمتين العلاقة مع السعودية في وجود وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، وهي علاقة أخذت بعدا استراتيجيا متينا خاصة في الدفاع عن الأمن القومي الخليجي، وذلك من خلال توحيد المواقف في ما يخص حرب اليمن، وقيادة التحالف العربي لدعم الشرعية، الذي يهدف إلى منع الحوثيين من السيطرة على اليمن والتمهيد لنفوذ إيراني يطوق أمن الخليج من الجنوب ويهدد أمن الملاحة الدولية وأمن نقل سفن النفط.

ويحسب للشيخ محمد بن زايد المساهمة بشكل فعال في إفشال خطط لفرض مجموعات إسلامية متشددة لحكم المنطقة خلال موجة الربيع العربي وخاصة في مصر، وما أفرزته هذه المرحلة من صعود للتيارات المتطرفة تحت عناوين مختلفة، وهو المناخ الذي قاد إلى ظهور الإرهاب وتوسع أنشطته في سوريا وليبيا على وجه الخصوص.

كما يحسب لرئيس الإمارات الجديد التأسيس لاستراتيجية تصفير المشاكل مع تركيا، وزيارتها ولقائه مع الرئيس رجب طيب أردوغان وتجاوز الخلافات التي حدثت بين البلدين خلال السنوات الماضية حول ملفات إقليمية مختلفة. وكذلك فتح القنوات مع إسرائيل على قاعدة تبادل المصالح ضمن رؤية أشمل تقوم على النأي بالمنطقة عن دواعي التوتر والتخفف ما أمكن من ثقل الماضي الذي يؤسس للعداوة ويحرّض على الحرب، فهناك تحديات أهم أمام المنطقة بمختلف أطرافها وقواها تستدعي البحث عن الحد الأدنى من المشترك.

ويعتقد المراقبون أن رئاسة الشيخ محمد بن زايد للإمارات ستعطي دفعة قوية لهذا المسار في ظل قناعة مختلف الدول ذات الثقل بأن عقودا من الحرب والعداء فوّتت على المنطقة فرصا ثمينة للتعاون، وأن المستقبل يحتاج إلى شخصيات أكثر عقلانية ورويّة في مقاربة السلام والتعاون المتكافئ، والرسالة ليست موجهة فقط إلى إسرائيل والعرب، بل إلى جميع القوى الكبرى التي تحتاج إلى مراجعة أدائها في الشرق الأوسط وتغيير استراتيجياتها.

وتقول باربرا ليف سفيرة الولايات المتحدة السابقة في الإمارات إن الشيخ محمد بن زايد كان مدفوعا “برؤية معينة” ملخصها أن قادة دول الخليج العربية لم يعد بمقدورهم الاعتماد على الولايات المتحدة داعمهم الرئيسي خاصة بعد أن تخلت واشنطن عن رئيس مصر حسني مبارك خلال انتفاضات الربيع العربي في 2011.

ووفقا لمذكرات الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي كان رئيسا وقتها فقد أصدر الشيخ محمد بن زايد من العاصمة أبوظبي تحذيرا “هادئا وباردا” لأوباما من مغبة دعم انتفاضات “الربيع العربي”. وتصف مذكرات أوباما الشيخ محمد بن زايد بأنه الزعيم “الأكثر دهاء” في الخليج.

ووصفه مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية يعمل حاليا في إدارة الرئيس جو بايدن، التي تدهورت علاقاتها بالإمارات في الأشهر القليلة الماضية، بأنه استراتيجي يضفي على المناقشات منظورا تاريخيا.

وقال المسؤول “يتحدث ليس فقط عن الحاضر، بل يعود إلى سنوات وعقود وفي بعض الأحيان يتحدث عن التوجهات على مرّ الزمن”

ويُنظر إلى الشيخ محمد بن زايد في الداخل باعتباره رائدا للتحديث، كما يعتبره العديد من الدبلوماسيين رجلا محبوبا من شعبه يتمتع بشخصية جذابة، وقد روّج بإصرار للإمارات، التي تحوز الثروة النفطية الإماراتية، من خلال تحفيز التنمية في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا.

يحسب للشيخ محمد بن زايد التأسيس لاستراتيجية تصفير المشاكل مع تركيا، وفتح القنوات مع إسرائيل ضمن رؤية إقليمية أشمل

وبصفته نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يُنسب إليه الفضل في تحويل الجيش الإماراتي إلى واحد من أكثر القوات المسلحة فاعلية في العالم العربي، وذلك وفقا لخبراء يقولون إنه أسس الخدمة العسكرية لغرس الوطنية بين السكان.

وقال مصدر مقرب من الشيخ محمد بن زايد “إنه لا يحب المراوغة.. يريد أن يعرف ما الذي لا يعمل بشكل جيد، وليس فقط ما الذي يعمل”.

وما يحسب للشيخ محمد بن زايد هو جعل الإمارات ملتقى لحوار الأديان ما يدعم دورها كقوّة للتوسّط والاعتدال وترسيخ قيم التسامح والتعايش، في فترة حرجة من تاريخ البشرية، تتميز بصعود لافت لقوى التشدّد والإرهاب والشعبوية.

وفي العام 2017، أعلن إطلاق اسم ” مريم أم عيسى” على مسجد يحمل اسمه في منطقة المشرف في أبوظبي “ترسيخا لأواصر الإنسانية بين أتباع الديانات”.

ودعا الشيخ محمد بن زايد البابا فرنسيس لزيارة بلاده. ولبى الحبر الأعظم الدعوة في فبراير 2019 في أول زيارة له إلى شبه الجزيرة العربية. وأقام قداسا هناك.

وأعلنت الإمارات، السبت، انتخاب المجلس الأعلى للاتحاد، بالإجماع الشيخ محمد بن زايد رئيساً للبلاد. جاء ذلك بحسب بيان صادر عن وزارة شؤون الرئاسة نقلته وكالة الأنباء الإماراتية، غداة وفاة رئيس البلاد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.

وأفاد البيان بأن “المجلس عقد اجتماعاً اليوم (السبت) في قصر المشرف بأبوظبي برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي”. وأضاف “انتخب المجلس الأعلى للاتحاد بالإجماع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات بموجب المادة 51 من الدستور خلفا للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان”.

ويعتبر المجلس الأعلى للاتحاد أعلى سلطة دستورية في دولة الإمارات، وكذلك أعلى هيئة تشريعية وتنفيذية، ويتألف من حكام جميع الإمارات المكونة للاتحاد (سبعة).

وأكد أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد “حرصهم البالغ على الوفاء لما أرساه الراحل فقيد الوطن”.

وأعرب الشيخ محمد بن زايد عن “تقديره للثقة الغالية التي أولاها إياه إخوانه الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكّام الإمارات”.

العرب