أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان، الخميس، عبر موقعها الرسمي حددت من خلاله المناطق السورية والقطاعات التي يسمح للأجانب الاستثمار بها، وأعلنت الوزارة «الرخصة السورية العامة رقم 22» والتي خصصت مناطق شرق سوريا وشمالها.
واستثنت أمريكا من خلال الرخصة 12 قطاعاً من العقوبات وهي الزراعة والاتصالات والكهرباء والمياه والنفايات والبناء والطاقة النظيفة والتمويل والنقل والتخزين، إضافة إلى القطاعات المتعلقة بالخدمات الصحية والتعليم والتصنيع، وسمح الاستثناء بشراء المنتجات البترولية المكررة ذات المنشأ السوري للاستخدام في سوريا باعتبار أنه ضروري للأنشطة المذكورة أعلاه، في حين أن استيراد النفط أو المنتجات البترولية ذات المنشأ السوري ما يزال محظوراً. وشددت الخزانة أن الترخيص «لا يسمح بأي معاملات تشارك فيها حكومة النظام أو أي شخص مقرب منها».
وفصل البيان المناطق التي تسري فيها الرخصة بشكل دقيق حسب مناطق السيطرة، كالآتي:
محافظة حلب، قسمت إلى أربع مناطق، منطقة منبج التي تسيطر عليها قوات سوريا الدمقراطية «قسد» واستثنت الرخصة ناحيتي الخفسة ومسكنة باعتبار أنهما تخضعان لسيطرة قوات النظام السوري. وشملت الرخصة أيضا منطقة الباب باستثناء النواحي التي يسيطر عليها النظام وهي تادف ودير حافر ورسم حرمل الإمام وكويرس شرقي. ومنطقة اعزاز باستثناء نواحي تل رفعت ونبل، هما منطقتان مختلطتا السيطرة بين قسد والنظام السوري. كما شمل الترخيص الأمريكي منطقة جرابلس التي يسطر عليها الجيش الوطني السوري المعارض. وشملت الرخصة محافظة الرقة باستثناء نواحي معدان والمنصورة التابعة لمنطقة الطبقة والتي يسيطر عليها جيش النظام السوري.
وفي محافظة دير الزور، استثنت مناطق سيطرة النظام رغم أن نص القرار يوحي بأنه جرى استثناء النظام في بعضها إلا أن التقسيم الإداري السوري لا يقوم على التقسيم السياسي والعسكري المتداول حالياً، حيث تمتد مناطق الميادين والبوكمال على ضفتي النهر.
أما محافظة الحسكة شملت الجزء الخارج عن سيطرة النظام داخل مركز المدينة، إضافة لمنطقة المالكية وكامل مدينة القامشلي وجوارها ومنطقة راس العين، واللافت أن الخزانة الأمريكية لم تستثن المنطقة الأخيرة الواقعة ضمن منطقة عملية نبع السلام التي تسيطر عليها تركيا والجيش التركي.
والجدير بالذكر أن رخصة الحكومة الأمريكية تعتبر أن منطقة عفرين الواقعة تحت النفوذ وسيطرة الجيش الوطني السوري المعارض غير مشمولة بالرخصة، وهو حال منطقة إدلب وما حولها والتي تسيطر عليها هيئة «تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) المصنفة على لوائح الإرهاب الأمريكية ولوائح مجلس الأمن.
وشددت الخزانة الأمريكية أن الترخيص لا يسمح بأية معاملات تشارك فيها حكومة النظام السوري أو أي شخص مقرب منها، مؤكدة على مواصلة «الضغط من أجل المساءلة في سوريا».
وحذرت من تطبيع للعلاقات مع نظام الأسد حتى «إحراز تقدم لا رجعة فيه نحو حل سياسي للصراع بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254». وأوضحت الخزانة أن الرخصة تأتي في إطار تحقيق استقرار اقتصادي في سياق «استراتيجية هزيمة داعش».
ونشر بيان وزارة الخزانة الأمريكية بعد إعلان القائمة بأعمال مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، فيكتوريا نولاند عن نية إدارتها إصدار «رخصة عامة تحرر الشركات من قيود العقوبات الأمريكية». وجاء التصريح خلال اجتماع «التحالف الدولي لمحاربة داعش» والذي جرى بمدينة مراكش في المملكة المغربية.
وتعتبر الرخصة الأمريكية هي الأولى من نوعها، بعد إصدار قانون «حماية المدنيين في سوريا» أو ما يعرف بـ «قانون قيصر» والذي أقرته واشنطن في 2020 الذي يفرض عقوبات على النظام السوري وأية دول تتعاون معه في غالبية القطاعات، ومنها الطاقة. وفرضت عقوبات على النظام السوري والشركات المتعاونة معه بموجبه ونص على تجميد مساعدات إعادة الإعمار، إضافة إلى شركات وكيانات روسية وإيرانية.
الموقف التركي
رفض الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قرار واشنطن إعفاء مناطق سيطرة «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تصنفها بلادها كمنظمة إرهابية.
وقال وزير الخارجية التركية، مولود تشاويش أوغلو أن الإعفاءات الأمريكية من عقوبات «قانون قيصر» بخصوص بعض المناطق الخارجة عن سيطرة النظام جاءت بشكل «انتقائي» وتنطوي على «تمييز» وهي «محاولات لشرعنة التنظيم الإرهابي».
ونوه أوغلو إلى أن إدلب هي المنطقة «الأكثر حاجة لدعم المجتمع الدولي فيما يتعلق بالمرونة في العقوبات» موضحاً أن إدلب «تضم ملايين النازحين، وتركيا تواصل بناء منازل الطوب في المنطقة لإيواء نازحين، حيث سيتم بناء 100 ألف منزل في المنطقة، ويتعين على المجتمع الدولي دعم ذلك».
من جهتها، وصفت وزارة الخارجية التابعة للنظام السوري دعم واشنطن والدول الغربية للتنظيمات الإرهابية المسلحة، حسب قولها، أدى إلى تدمير الإمكانيات الاقتصادية السورية ونهب ثرواتها من قطن ونفط وقمح وآثار.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان، الجمعة، أن نهج هؤلاء في فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب أدى إلى تدمير البنى التحتية في سوريا واستشهاد الكثير من المواطنين الأبرياء لأنهم رفضوا المشاركة في هذه المخططات الأمريكية والغربية. ولفتت إلى أن «تفتيت سورية كان هدفاً أمريكياً وغربياً دائما، وناشدت السوريين في الشمال الشرقي والشمال الغربي من سوريا أن يقفوا في وجه هذه المؤامرة الجديدة وإسقاطها».
رغم الإعلان الأمريكي أن قرار الرخصة يأتي في سياق استراتيجية هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» من خلال الاستقرار الاقتصادي، إلا انه شمل مناطق لم يهزم بها التنظيم، وكذلك فإن مناطق أخرى هزم بها التنظيم لم تشملها الرخصة بسبب تواجد قوات النظام، وهو ما يشير إلى صرامة في تطبيق قيصر أو خشية الوقوع في التأويلات والتبريرات أمام المشرعين الأمريكيين. وحاول القرار أن يرضي أنقرة بشكل أو بآخر وتجلى ذلك بالترخيص لمنطقة عملية «درع الفرات» كونها حصلت بضوء أخضر أمريكي لهزيمة تنظيم «الدولة» في حين استثنى القرار منطقة عملية «غضن الزيتون» في عفرين بشكل كامل، وشملت الرخصة منطقة عملية «نبع السلام» في محاولة إرضاء أنقرة، باعتبار أنها جرت خلال إطلاق الرئيس ترامب يد تركيا في المنطقة.
على صعيد آخر، تسعى واشنطن إلى إغراء أنقرة من خلال البوابة الاقتصادية، ظنا منها أن الرخصة ستشجع الأخيرة على الاستثمار في مناطق شرق الفرات ما يعني تطبيع العلاقة مع الإدارة الذاتية أو على الأقل التخفيف من مخاوف تركيا الأمنية.
بالطبع، فإن القرار الأمريكي لا يبدو بعيدا عن تكبيل يد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الاقتصادية من خلال فرض المزيد من العقوبات عليه من قبل واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي. وتحاول خلق واقع اقتصادي أفضل حالا من المعاش في مناطق النظام والذي يتحول لأسوأ بشكل مطرد.
القدس العربي