اتخذت احتجاجات منتشرة في أنحاء إيران على خفض الدعم الحكومي للمواد الغذائية منحى سياسيا إذ ردد المحتجون شعارات تدعو كبار قادة البلاد إلى التنحي. وفي وقت يعاني فيه الإيرانيون من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة ينخر الفساد المؤسسات الإيرانية.
طهران – أطلقت قوات الأمن الإيرانية الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين مناهضين للحكومة في عدة أقاليم الخميس، فيما اتخذت الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المواد الغذائية منحى سياسيا.
ونزل الإيرانيون إلى الشوارع الأسبوع الماضي بعد أن تسبب خفض دعم الغذاء في ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 300 في المئة لبعض المواد الغذائية الأساسية التي تعتمد على الدقيق.
وسرعان ما اكتسبت الاحتجاجات منحى سياسيا، إذ دعت الحشود إلى نهاية الجمهورية الإسلامية في تكرار للاضطرابات التي وقعت عام 2019 وانطلقت شرارتها بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
وأظهرت لقطات على مواقع التواصل الاجتماعي مقتل ستة على الأقل وإصابة العشرات في الأيام الماضية. ولم يصدر أي تعليق رسمي بشأن سقوط قتلى.
وأظهرت لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الخميس اشتباكات عنيفة في مدن بينها فرسان بوسط إيران حيث أطلقت شرطة مكافحة الشغب الذخيرة الحية على المتظاهرين. وفي شهركرد وهفشجان استخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق محتجين.
وشوهد المحتجون في مدينة دزفول الجنوبية وهم يهتفون في مقطع فيديو “لا تخف، لا تخف، نحن في هذا معا”.
ونقلت وكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) شبه الرسمية عن قاسم رضائي المسؤول الكبير في الشرطة تحذيره من أنه “لن يكون هناك تهاون مع التجمعات غير القانونية وستتم مواجهتها”.
وأقرت الحكومة الأسبوع الماضي بخروج احتجاجات لكنها وصفتها بالتجمعات الصغيرة. وأفادت وسائل إعلام رسمية الأسبوع الماضي باعتقال “العشرات من المشاغبين والمحرضين”.
ويخشى حكام إيران تكرار احتجاجات عام 2019، وهي الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، على الرغم من أن السلطات رفضت تقارير عن عدد القتلى في تلك الاحتجاجات ومنها تقرير لمنظمة العفو الدولية عن سقوط أكثر من 300 قتيل.
وخفضت الحكومة أيضا دعم سلع أساسية مثل زيت الطهي ومنتجات الألبان ووصفت قرارها بأنه “إعادة توزيع عادلة” للدعم على أصحاب الدخل المنخفض.
لكن المحتجين وسعوا مطالبهم، إذ نادوا بالمزيد من الحريات السياسية وإنهاء الجمهورية الإسلامية وسقوط قادتها، بحسب شهود ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأظهرت لقطات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي متظاهرين يحرقون صور الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي ويهتفون “لا نريد حكم رجال الدين”، وطالبوا بعودة رضا بهلوي، الابن المنفي لشاه إيران المعزول.
ودعا بهلوي في رسالة مصورة عبر حسابه على تويتر إلى الوحدة بين الإيرانيين “من أجل إيران حرة”، وعبر عن مواساته لأسر “من قتلوا خلال الاضطرابات”.
وقال بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد إن خدمات الإنترنت تشهد انقطاعات منذ الأسبوع الماضي، وهو ما يُنظر إليه على أنه محاولة من قبل السلطات لوقف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم التجمعات ونشر مقاطع الفيديو. ونفى مسؤولون حدوث انقطاع في الإنترنت.
وبحسب أرقام رسمية، يعيش زهاء نصف سكان إيران، البالغ عددهم 85 مليون نسمة، تحت خط الفقر.
وفاقمت العقوبات الأميركية، إلى جانب ارتفاع التضخم والبطالة وتراجع العملة الوطنية والفساد الحكومي، الوضع الاقتصادي المتردي.
وسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب واشنطن عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى كبرى وأعاد فرض العقوبات على طهران. وتعثرت المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران منذ مارس.
وخوفا من تجدد الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في السنوات القليلة الماضية، التي بدا أنها سلطت الضوء على ضعف المؤسسة أمام الغضب الشعبي حيال الاقتصاد، وصفت الحكومة قرارها بأنه “إعادة توزيع عادلة” للدعم على أصحاب الدخل المنخفض.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء الشرق الأوسط بسبب الأزمات في سلسلة التوريد العالمية وغزو روسيا لأوكرانيا، وكلتاهما تصدر العديد من الضروريات. وتستورد إيران نصف زيوتها للطهي من أوكرانيا، ثم أبعد القتال العديد من المزارعين عن الحقول.
ورغم أن إيران تنتج ما يقرب من نصف القمح الذي تحتاجه، إلا أنها تستورد معظم الباقي من روسيا. لكن تهريب الخبز الإيراني المدعوم بشدة إلى العراق وأفغانستان المجاورين تصاعد مع انتشار الجوع في جميع أنحاء المنطقة.
ويدمر الجفاف الاقتصاد الإيراني. وخلقت العقوبات الغربية بشأن الاتفاق النووي صعوبات إضافية. وارتفع معدل التضخم إلى ما يقرب من 40 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ 1994. ولا تزال بطالة الشباب مرتفعة أيضا. حيث تبقى حوالي 30 في المئة من الأسر الإيرانية تحت خط الفقر حسب مركز الإحصاء الإيراني.
وشهدت العائلات الإيرانية انخفاضا سريعا في قدرتها الشرائية. وتحاول الحكومة التحرك بسرعة لتخفيف الألم. ووعدت السلطات بدفع 14 دولارا شهريا لكل مواطن إيراني لتعويض ارتفاع الأسعار.
العرب