“فيلق القدس” الإيراني (2-2): ساحات النشاط والنفوذ حول العالم لـ”مقاتلين بلا حدود”

“فيلق القدس” الإيراني (2-2): ساحات النشاط والنفوذ حول العالم لـ”مقاتلين بلا حدود”

عمل قاسم سليماني على توسيع ساحات نفوذ “فيلق القدس” خلال سنوات قيادته، وتمكن من توسيع هذا النفوذ في الساحات التقليدية وإيجاد موطئ قدم في ساحات جديدة. واليوم، يُعتبر الشرق الأوسط ساحة العمل الأساسية للفيلق، غير أن الفيلق ينشط أيضاً في مناطق أخرى بالعالم، منها آسيا الوسطى وشمالي أفريقيا وشرقيها وأميركا اللاتينية.
وفي كلمة له، بعد ثلاثة أشهر من اغتيال سليماني، أشاد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بأنشطة الحرس الثوري خارج الحدود الإيرانية، وفي الشرق الأوسط، وطالب بعدم الاكتفاء بهذه المنطقة، وتوسيع رقعة نفوذه خارجها.

وقال خامنئي: “لا تضيعوا الرؤية الجغرافية الواسعة. لا تضيعوا هذه الرؤية العابرة للحدود. لا نكتفي بالمنطقة المحيطة بنا. فهذه الرؤية الواسعة العابرة للحدود وهذا الامتداد يشكلان عمقنا الاستراتيجي، وأحياناً هما من أوجب الواجبات. إن التطلّع إلى الجغرافيا الواسعة من مسؤوليات الحرس وواجباته، لا تسمحوا بإضعافه داخل الحرس”.

براغماتية الفيلق في أفغانستان
شهد عقدا قيادة سليماني، حربين في جوار إيران، شرقها وغربها، شنتهما الولايات المتحدة على أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003. وأطاحت الحربان “عدوين” للجمهورية الإسلامية الإيرانية. فإيران كانت تدعم جبهة الشمال في مواجهة حكومة “طالبان”، وكادت أن تدخل معها في حرب عام 1998 بعد مقتل دبلوماسيين إيرانيين في مزار شريف، لكن المرشد الإيراني الأعلى عارض توجه القادة العسكريين نحو شنّ حرب على أفغانستان. كذلك فإن إيران كانت في حرب مع جارتها العراق، إبان حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين لثماني سنوات.

تعاونت إيران مع جهود إسقاط حكومتي أفغانستان والعراق، ويروي نائب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، محمد علي أبطحي، أنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت هاتان الحكومتان بسهولة. ويروي الدبلوماسي الأميركي المخضرم السابق، رايان كروكر، في مذكراته، أنه خاض مفاوضات مع الإيرانيين في جنيف بشأن الحرب ضد “طالبان”.

وقد استغلت إيران عبر ذراعها العسكرية الخارجية، فترة ما بعد الحرب في أفغانستان والعراق لبناء نفوذها وبسطه في البلدين عبر خوض حرب بالنيابة ضد الوجود العسكري الأميركي فيهما، باعتباره منافساً ومعارضاً للنفوذ الإيراني في البلدين والمنطقة بشكل عام.

والبراغماتية التي قادت إيران إلى التعاون في إسقاط حكومة “طالبان” والنظام العراقي السابق، هي ذاتها التي قادت أيضاً “فيلق القدس” إلى فتح علاقات مع “طالبان” لاحقاً، وأصبحت وسائل إعلام غربية تتحدث عن هذه العلاقة منذ 2007، تحت هدف مشترك هو العمل “ضد العدو الأميركي المشترك”. وأصبح “فيلق القدس” يمد الحركة الأفغانية بالسلاح والتدريب، وقيل إنه فتح قاعدة شمالي إيران لتدريب قوات “طالبان” على قتال القوات الأميركية.

وتطورت علاقات “طالبان” مع “فيلق القدس” إلى حد قيام قادة الحركة بزيارات سرية لإيران، وحسب موقع “جهان نيوز” الإيراني، فإن خليفة مؤسس الحركة، الملا أختر منصور، كان في إيران لشهرين، أجرى فيهما “لقاءات متنوعة” قبيل اغتياله عام 2016 في هجوم أميركي بمسيرة داخل باكستان. ورجّحت “رويترز” حينها أن اغتياله جاء عقب عودته من إيران، كما يظهر جواز السفر الباكستاني الذي كان يحمله باسم “ولي محمد”.

واتخذت علاقات إيران مع “طالبان” بعداً معلناً مع عام 2017، وتلا ذلك قيام الملا عبد الغني برادر بزيارة علنية لطهران عام 2018. واستمرت هذه العلاقات بعد أن انسحبت القوات الأميركية من أفغانستان العام الماضي.

تقارير دولية
قائد “فيلق القدس” الإيراني: هزيمة أميركا في أفغانستان أكبر من فيتنام
الساحة العراقية
وفي العراق أيضاً حصلت إيران عبر حلفائها على موطئ قدم قوي لم تكن تفكر به في عهد صدام، حيث باتت صاحبة نفوذ واسع فيه، جعلها في موقع لم يكن ممكناً اختيار رؤساء الجمهورية والوزراء إلا بموافقتها، لوجود تكتل شيعي موحّد متحالف معها، وهو المكون الأساسي للسلطة التي تشكلت بعد 2003، وذلك قبل أن يتراجع هذا النفوذ خلال السنوات الخمس الأخيرة بسبب التشرذم والفرقة التي طاولت البيت الشيعي السياسي، وهي سنوات، اضطرت فيها طهران إلى القبول بحلول وسطى بشأن اختيار الرئاسات الثلاث، مثل القبول برئيس جهاز الاستخبارات العراقية، مصطفى الكاظمي رئيساً للوزراء عام 2020، خلفاً لعادل عبد المهدي، بينما كان يتهم بعض حلفاء إيران، الكاظمي، بأنه ضالع في عملية اغتيال سليماني.

واليوم تملك إيران نفوذاً صلباً في العراق عبر “الحشد الشعبي” الذي تشكل عام 2016 لمواجهة تنظيم “داعش”، الأمر الذي أفضى إلى تعاظم الدور العسكري الإيراني في العراق، عبر إرسال مستشارين عسكريين لمساعدة القوات العراقية و”الحشد” في محاربة “داعش” الذي بات أقرب حينها إلى الحدود الإيرانية.

و”الحشد الشعبي” الحليف لإيران، يعدّ جسماً سياسياً وعسكرياً مسلحاً على غرار “حزب الله” اللبناني، ويقدر عدد قواته بأكثر من 100 ألف. إلا أن نفوذه لدى جماهير المكون الشيعي قد تراجع، لمصلحة قوى شيعية كان على خلاف معها، في مقدمتها التيار الصدري الذي بات التكتل السياسي الأبرز في البلاد وفق نتائج انتخابات عام 2021.

الحشد الشعبي/سياسة
تقارير عربية
رتب عسكرية للحشد الشعبي: استنساخ نموذج الحرس الثوري الإيراني
الساحة اللبنانية
في لبنان، عمل سليماني منذ توليه قيادة “فيلق القدس” على تعزيز البنية العسكرية لـ”حزب الله”، الحليف الأبرز لطهران والأكثر وثوقاً به في المنطقة. وبحسب تقارير غربية وإيرانية، بنى الفيلق للحزب قوة قتالية كبيرة، منها قوة صاروخية، حيث لم يعد يعتمد على الصواريخ المستوردة من إيران، بل أصبح يصنع صواريخ إيرانية بنفسه.

وفي ظل الدعم الإيراني اللامحدود له، تحوّل “حزب الله” إلى رقم سياسي صعب في المعادلات الداخلية اللبنانية، وأصبح طرفاً أساسياً في السلطة، بينما كان سابقاً بعيداً عنها، ليصبح اليوم “دولة داخل دولة” كما يقول مراقبون. فضلاً عن أن الحزب بات أيضاً “رقماً عسكرياً صعباً” في مواجهة إسرائيل، التي اضطرت إلى الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 وأخفقت في حربها على لبنان في تموز/يوليو 2006، وهو ما عزز موقع “حزب الله” سياسياً وعسكرياً.

وقد تجاوز دور الحزب الحدود اللبنانية إلى سورية خلال العقد الأخير، وإلى العراق عبر مندوبه محمد كوثراني، الذي بات يلعب دوراً مكملاً للدور الإيراني.

الساحة السورية
وشهدت فترة قيادة سليماني لـ”فيلق القدس”، انطلاق ثورات الربيع العربي، وعندما وصل قطارها إلى سورية عام 2011، التي تربطها علاقات استراتيجية بطهران منذ انطلاقة ثورتها عام 1979؛ كان للحكومة الإيرانية تفسير مختلف عن غيرها من الدول، تأسس على أن ما يجري في سورية ليس “ثورة”، بل “مؤامرة” على ما يُعرف بـ”محور المقاومة”، فاختارت إيران الوقوف إلى جانب النظام السوري وإرسال قوات “فيلق القدس” إلى سورية لمقاتلة المعارضة، التي خرجت من رحم الاحتجاجات.

المحطة السورية كانت أول محطة يقاتل فيها “الفيلق” بشكل معلن، وبعدد كبير من قواته. وتقول إيران إن حضورها العسكري في سورية كان وما زال “استشارياً”، لكن المعارضة السورية وتقارير عديدة تؤكد أن قوات إيران كانت تقاتل في الميدان، ولم يقتصر وجودها على البعد الاستشاري.

وتؤكد وكالات أنباء إيرانية أن الجنرال سليماني نجح في زيارة سرية لموسكو عام 2015 بإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل عسكرياً في سورية، لمنع سقوط نظام رئيسها بشار الأسد، الذي كانت تربطه أيضاً علاقات تحالف بروسيا.

وكانت الأزمة السورية قد شكلت فرصة لإيران لتأسيس مجموعات عسكرية حليفة لها، قاتلت في سورية، وقد اعتمدت عليها لاحقاً في بسط نفوذها في غرب آسيا، ومنها لواء “فاطميون” المُشكّل من الشيعة الأفغان، ولواء “زينبيون” المشكّل من الشيعة الباكستانيين.

وأخيراً، تمكنت روسيا بإسنادها الجوي المكثف وإيران عبر الفيلق والقوات الحليفة من “حزب الله” و”فاطميون” و”زينبيون”، وصولاً إلى قوات من “الحشد الشعبي” من إنقاذ الحليف السوري المشترك، واستعادة مناطق واسعة من سيطرة المعارضة السورية.

غير أن الوجود العسكري لـ”فيلق القدس” في سورية بات يواجه تحدي الضربات الإسرائيلية المستمرة. ومع ذلك فإن هذا الوجود مستمر، وحسب تقارير إيرانية فإن “فيلق القدس” يعيد بناء ما يفقده من جراء هذه الضربات، إلا أن ثمة تقارير غربية وإسرائيلية تقول إن الفيلق قلّص خلال العام الأخير عدد قواته في سورية.

الساحة اليمنية
وفي اليمن، عمل “فيلق القدس” في عهد سليماني على بناء نفوذ عبر جماعة “الحوثيين”، ولم تدرك الأطراف الداخلية والخارجية حجمه الكبير إلا بعد أن استولت هذه الجماعة الموالية لإيران بقوة السلاح على السلطة، بعدما أطاحت الثورة اليمنية نظام الرئيس علي عبد الله صالح، خلال أغسطس/آب 2014.

وخلال السنوات السبع الماضية، وبموازاة خوض جماعة “الحوثيين” التي اختارت لاحقاً اسم “أنصار الله”، حرباً خارجية مع التحالف السعودي الإماراتي، خاضت أيضاً حرباً داخلية مع حكومة الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، المعترف بها دولياً.

وأخفقت الحرب السعودية الإماراتية لأسباب كثيرة في استعادة السلطة من حليف إيران في اليمن، ولا تعترف إيران بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وعليه، فقد سلمت السفارة اليمنية في طهران عام 2019 لسفير عينته جماعة الحوثي.

تقارير عربية
إيران تقر لأول مرة بمشاركتها في حرب اليمن: ما يمتلكه الحوثيون بفضلنا
الساحة الفلسطينية
تعود العلاقات الإيرانية بعد الثورة مع حركات المقاومة الفلسطينية، إلى الثمانينيات، لكن التسعينيات من القرن الماضي، شهدت اتصالات وفتح علاقات بين “فيلق القدس” وهذه الحركات (حماس والجهاد الإسلامي). ويعود هذا بالأساس إلى تواصل قيادات من الفيلق مع مبعدي مرج الزهور، وهم 415 ناشطاً فلسطينياً من الضفة الغربية وقطاع غزة، أُبعِدوا إلى لبنان عام 1992. وتولت وزارة الاستخبارات الإيرانية ملف العلاقات مع المقاومة الفلسطينية، التي بدأت مع حركة “الجهاد الإسلامي”، في الثمانينيات، إلى أن انتقل لاحقاً إلى عهدة “فيلق القدس”.

وجاءت العلاقة مع هذه الفصائل بعد أن دخلت علاقات طهران مع منظمة التحرير الفلسطينية طور التراجع على خلفية دخولها غمار التسوية، فضلاً عن موقف رئيسها الراحل ياسر عرفات من الحرب الإيرانية العراقية، وهو ما شكل نهاية للعلاقة الإيرانية مع عرفات، الذي ربطته علاقات جيدة بالثوار الإيرانيين، وكان أول زعيم أجنبي يزور طهران بعد ثورتها عام 1979.

وكان للأزمة السورية مفعولان مختلفان على علاقات إيران بشكل عام، و”فيلق القدس” بشكل خاص، مع الحركات الفلسطينية. فمن جهة، حققت تقارباً غير مسبوق مع بعضها، وفي مقدمتها “الجبهة الشعبية – القيادة العامة”، بقيادة أحمد جبريل. حيث أصبحت قواته تقاتل إلى جانب الإيرانيين وحلفائهم صفاً واحداً في سورية. ومن جهة أخرى، أحدثت الأزمة شرخاً كبيراً في العلاقات بين إيران وحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بسبب الخلاف في الموقف من الأزمة، الذي أدى في نهاية المطاف إلى خروج الحركة من سورية، وإغلاق مكاتبها فيها، فضلاً عن اتهامات إيرانية للحركة بالوقوف إلى جانب المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً. ومرت هذه العلاقات بأصعب مراحلها، إلى أن استعادت هذه العلاقات زخمها خلال السنوات الأخيرة، حسب التصريحات الصادرة عن الطرفين، وهو ما تؤكده أيضاً زيارات قادة “حماس” المتتالية لإيران. وبحسب مصادر إيرانية وفلسطينية لـ”العربي الجديد”، فإن التوتر الذي ساد العلاقات مع الجناح السياسي في “حماس”، وخاصة جناحها في الخارج، لم يحل دون استمرار الدعم الإيراني للجناح العسكري لـ”حماس”.

كذلك ساهم تطبيع دول عربية خليجية مع إسرائيل في عودة العلاقات الإيرانية مع المقاومة الفلسطينية، وخاصة “حماس”، إلى سابق عهدها. وهي علاقات لا يمكن أيّاً من الطرفين الاستغناء عنها، فإيران كما تقول المقاومة الفلسطينية هي الدولة الوحيدة التي تدعمها عسكرياً عبر “فيلق القدس”، كذلك فإن طهران بسبب علاقات العداء بينها وبين إسرائيل وموقفها من القضية الفلسطينية، أياً كانت الأسباب، ترى أنه لا يمكنها الاستغناء عن هذه العلاقات.

فلسطين/سياسة/21/10/2017
تقارير عربية
“حماس” وإيران ترممان علاقتهما: تقارُب محصور في الملف الفلسطيني
شمال أفريقيا
أفرزت الثغرات التي يبحث عنها “فيلق القدس” عن موطئ قدم في شمال أفريقيا بعد ثورات الربيع العربي، إذ أضاف الفيلق هذه المنطقة إلى نطاق عمله في السياسة الخارجية الإيرانية في العقد السابق.

ويُعَدّ الصراع بين “جبهة البوليساريو” المطالبة باستقلال الصحراء والمغرب، من المتغيرات في شمال أفريقيا، وانطلق منها “فيلق القدس” نحو بناء نفوذ في هذه المنطقة، وهو ما أثار غضب السلطات المغربية التي أعلنت عام 2018 قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، متهمة الأخيرة و”حزب الله” اللبناني بـ”التورط” في إرسال أسلحة إلى “جبهة البوليساريو”، وذلك من طريق “عنصر” في السفارة الإيرانية بالجزائر، حسب وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة. غير أن الجانب الإيراني نفى هذه الاتهامات.

وكان بوريطة قد قال إن علاقات “حزب الله” وإيران مع “جبهة البوليساريو” بدأت عام 2016، حين تشكلت لجنة لدعم الشعب الصحراوي في لبنان، برعاية “حزب الله”، تبعتها “زيارة وفد عسكري من حزب الله لتندوف”، حيث مخيمات “جبهة البوليساريو” في الجزائر.

ومن المغرب إلى ليبيا، حيث كشف وزير الخارجية الإيراني الأسبق، علي أكبر صالحي، خلال يناير/كانون الثاني 2022 في الذكرى الثانية لاغتيال الجنرال سليماني، عن أن وزارته كانت تنسق موضوع تعيين السفير في ليبيا وتونس مع فيلق القدس، “لأن هذه البلدان بسبب ظروفها الخاصة كانت بحاجة إلى سفير خاص، أي أن يكون دبلوماسياً وأن يكون له سند ميداني (في إشارة إلى فيلق القدس). فاخترنا سفراءنا هناك بالتشاور مع اللواء سليماني”.

وأضاف صالحي في حوار مع صحيفة “خراسان” المحافظة، أنه خلال زيارته لبنغازي عام 2011 التقى أفراداً من “فيلق القدس كانوا قد قاموا بتوفير الإمكانات لصناعة الأطراف الصناعية لمعالجة الثوار الجرحى، وتقديم الخدمات لهم بمساعدة الهلال الأحمر (الإيراني)”.

المغرب/سياسة/ناصر بوريطة/(جسون لي/فرانس برس)
الأرشيف
المغرب يقطع علاقاته مع إيران بسبب دعمها البوليساريو
أميركا اللاتينية
كما ذكرنا سابقاً، لم تقتصر منطقة نشاط “فيلق القدس” الإيراني على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل تجاوزتهما لتشمل أيضاً مناطق في القارة الأميركية، وبخاصة في أميركا اللاتينية.

فحسب تقرير لصحيفة “إندبندنت” البريطانية، نشرته في مايو/أيار 2021، فإن الجمهورية الإسلامية منذ حوالى 15 عاماً توجهت إلى أميركا اللاتينية، لتشكيل “منطقة حماية” في نصف الكرة الغربي، بغية الالتفاف على العقوبات الأميركية، والتقارب مع الحكومات المناهضة للولايات المتحدة، والتأسيس لقدرة عملياتية ضد واشنطن.

وبنت إيران خلال العقدين الماضيين علاقات جيدة مع فنزويلا وبوليفيا، وكان “فيلق القدس” حاضراً فيها. وفي السياق، تشير تقارير غربية إلى أن الفيلق كان له موقع تدريبي في منطقة وارنيس البوليفية.

وبشأن النفوذ الإيراني في هذه المنطقة، حذر رئيس أركان القيادة الجنوبية الأميركية، الجنرال كريغ فالر، خلال إبريل/نيسان 2020 من “زيادة تحركات فيلق القدس” الإيراني في منطقة الكاريبي وفنزويلا.

الوحدة 400
“الوحدة 400” أو وحدة العمليات الخارجية الخاصة، من أهم وحدات “فيلق القدس”، التي توكل إليها مهمات عملياتية خارجية صعبة، ويقودها اللواء حامد عبد اللهي، حسب تقرير لـ”إندبندنت”.

ويشير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في تقرير صادر عام 2015، إلى أنه كُشف عن الوحدة عام 2012، عندما أعلنت كينيا اعتقال إيرانيين، اتهمتهما بالتخطيط لتنفيذ عمليات ضد بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل، مشيرة إلى أنه في أثناء عملية محاكمة الإيرانيين ورد أنهما من أعضاء “الوحدة 400 بفيلق القدس”.

وحكمت كينية بالسجن لـ15 عاماً على الشخصين قبل أن تفرج عنهما في اتفاق مع طهران.

ويشهد هذا البلد في شرق أفريقيا تنافساً حاداً بين إيران وإسرائيل على النفوذ فيه، حيث تحظى إيران بنفوذ في مدينة مومباسا الساحلية، وهي أهم مدينة سياحية كينية، يشكل المسلمون غالبية سكانها. وقامت إسرائيل باستثمارات في منتجعاتها السياحية، وهو ما جعلها هدفاً لعمليات “فيلق القدس”.

واتهمت باكستان، وفق صحيفة “الحياة” اللندنية، “الوحدة 400” بتنفيذ اغتيال الدبلوماسي السعودي حسن القحطاني في كراتشي الباكستانية خلال مايو/أيار 2011، ونقلت الصحيفة عن العقيد فاروق أعوان، من مسؤولي الشرطة في كراتشي قوله إن مجموعة أشخاص على علاقة بالحرس الثوري الإيراني نفّذوا العملية، غير أن طهران نفت لاحقاً ضلوعها في الحادث، كما جرت العادة.

العربي الجديد