قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إنه بينما تدافع دول البلطيق وبولندا عن استمرار الحرب في أوكرانيا على أمل هزيمة روسيا، تريد فرنسا وألمانيا وإيطاليا مساعدة أوكرانيا والتفاوض مع روسيا على أمل وقف إطلاق النار.
وأوضحت الصحيفة أن السؤال التالي بعد آثار التوترات مع الولايات المتحدة، هو بصدد تقسيم أوروبا إلى قسمين: بالنسبة لحلفاء كييف، ما هي أهداف الحرب في أوكرانيا بمواجهة الغزو الروسي؟ ففي حين استمر الصراع لأكثر من 100 يوم، فإن الجملة القصيرة الأخيرة لإيمانويل ماكرون بشأن “عدم إذلال روسيا” في سياق مفاوضات ما تزال غير محتملة، قد وسّعت الفجوة بين المعسكرين الحاليين. من ناحية، فإن دول البلطيق وبولندا دون أن ننسى المملكة المتحدة، تؤيد استمرار الحرب. ومن ناحية أخرى، فإن فرنسا وألمانيا وإيطاليا، التي تتخذ خطاً أكثر اعتدالاً، حريصة على مساعدة أوكرانيا والتفاوض مع روسيا لتسهيل وقف إطلاق النار.
وتابعت “لوموند” التوضيح أنه بعد ثلاثة أشهر من الحرب، لم تعد عواصم البلطيق تتردد في تحديد خلافاتها مع أوروبا الغربية. ولسبب وجيه، يزرع إيمانويل ماكرون وأولاف شولتس وماريو دراغي نهجا متعارضا تماما، إذ يعتبرون أنه من الضروري الحفاظ على قناة اتصال مفتوحة مع الرئيس الروسي، من أجل تشجيعه على التفاوض على وقف إطلاق النار واتفاقية سلام، على أمل تحقيق استقرار دائم في أوكرانيا واستعادة الأمن الأوروبي الذي دمرته الحرب.
بالنسبة لهم، لا يمكن تصور هزيمة كاملة لأوكرانيا. والهزيمة الكاملة لروسيا دون تدخل غربي مباشر أمر غير مرجح، على الرغم من تسليم الأسلحة للأوكرانيين. لهذا السبب، وفقا لباريس وبرلين وروما، يجب أن الاستمرار في الحديث مع بوتين إذا كنا لا نريد للحرب أن تطول. وهو السيناريو الذي يعدّ مخاطرة بالقضاء على أوكرانيا. وهو تقييم يخالف تقييم مؤيدي الأسلوب القوي.
واعتبرت “ لوموند” أنه على عكس الولايات المتحدة، تعرف دول أوروبا الغربية أيضا أنه محكوم عليها بالتعايش مع الروس، لأسباب جغرافية على الأقل.
ومضت الصحيفة مذكّرة أنه منذ بداية الصراع، تمكنت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من توحيد الصفوف من أجل معاقبة روسيا بوتين قدر الإمكان. وقد دعمت فرنسا وألمانيا وإيطاليا هذا المسعى من أجل زيادة تكلفة الحرب على موسكو، وتشجيعها عبثا في هذه المرحلة على وقف القتال. كما زادت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من شحنات الأسلحة إلى كييف، مع البقاء بعيدة خلف الولايات المتحدة في هذا المجال. وفعلت كل شيء لعزل روسيا على الساحة الدولية، وواجهت مثل واشنطن، عدم انحياز جزء كبير من الدول غير الغربية.
ورأت “لوموند” أن مخاطر تعثر الحرب بين عدوين لا يستطيعان فرض نفسها بشكل نهائي ولا خسارة كل شيء، تساهم الآن في توتر المناقشات. وتنقل الصحيفة عن دبلوماسي من بلد في جنوب أوروبا قوله: ”نشهد استيقاظ المحافظين الجدد الأوروبيين المرتبطين بنظرائهم الأمريكيين، مؤيدي مقاربة الحرب. أجندتهم أيضا إبقاء أوروبا تحت الحماية الأمريكية، في وقت تسعى فيه إلى تعاون أفضل في مجال الدفاع من أجل الاعتماد بشكل أقل على الولايات المتحدة وعودة دونالد ترامب”، في إشارة إلى الرئيس الجمهوري الأمريكي السابق، الذي اعتبر أن الناتو “عفا عليه الزمن”.
وحذر دبلوماسي غربي من أن “الأوروبيين الشرقيين الذين عانوا من هيمنة موسكو هم أكثر هجوما في خطاباتهم، لكن هناك نوع من السخرية في وضع المسؤولية على عاتق الأوكرانيين وحدهم. ليس رعايا هذه الدول هم الذين يقاتلون ضد الجيش الروسي على الأرض ويموتون بالآلاف. ومع ذلك، فإن هذه الاختلافات في الخطاب لا تسمح للاتحاد الأوروبي بالتصرف على هذا النحو”.
وهي ملاحظة للعجز النسبي تشاركها السلطات الأوكرانية، التي تعطي أحيانا شعورا بالتعب من الانقسام الذي ظهر في أوروبا بشأن الأهداف ضد روسيا. يلاحظ مسؤول أوكراني أن غموض المستشار الألماني شولتس والرئيس الفرنسي ماكرون ليس جيدا لأنه يغذي شهية الروس.