الضغط على الرئيس الأميركي جو بايدن، مع تصاعد التوتر مؤخرا بين إيران والأسرة الدولية من أجل التوصل سريعا إلى خاتمة للمفاوضات مع طهران.
ويجد بايدن نفسه أمام خيار صعب ما بين تليين موقفه والمجازفة عندها بأن تتهمه المعارضة الجمهورية بالضعف حيال أحد ألد أعداء الولايات المتحدة، قبل أشهر من الانتخابات التشريعية في نوفمبر، أو إعلان فشل الدبلوماسية والمخاطرة بإثارة أزمة كبرى في الشرق الأوسط بالتزامن مع الحرب الروسية في أوكرانيا.
وقال علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية “في المرحلة الراهنة، قد تسير الأمور في أي من الاتجاهين”. ورأى أن “التوتر الذي حصل في الأيام الماضية يمكن أن يدفع قادة طهران وواشنطن إلى الموافقة على التسوية المطروحة على الطاولة” أو على العكس، أن يثير “دورة جديدة من التصعيد ستتفاقم حتما”.
وكان الرئيس الديمقراطي توقع مطلع 2021 مفاوضات سريعة لإحياء اتفاق 2015 حول الملف النووي الإيراني، بعدما انسحب منه سلفه الجمهوري دونالد ترامب. لكن محادثات فيينا متوقفة اليوم.
وتفاقم الوضع مع إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قرارا أميركيا – أوروبيا ينتقد إيران رسميا لعدم تعاونها، وذلك بعد تقرير للوكالة الشهر الماضي أكدت فيه عدم الحصول على “توضيحات” بشأن آثار يورانيوم مخصب عثر عليها في ثلاثة مواقع غير مصرح بها في إيران.
وردت إيران معلنة الأربعاء “إغلاق 27 كاميرا” تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة أنشطتها النووية.
وفي واشنطن، يعتبر مؤيدو اتفاق 2015 أن هذه التطورات تثبت أن “خطة العمل الشاملة المشتركة” هي الوسيلة الوحيدة لمنع إيران من حيازة قنبلة نووية، وأن إنقاذها يستحق تقديم بعض التنازلات الأميركية.
وفي المقابل، يرى منتقدو الاتفاق، وهم جمهوريون بشكل أساسي، في الأحداث الأخيرة دليلا على أن ذلك غير كاف، إذ إن إيران لا تتعاون مع المفتشين الدوليين.
وتساءل بهنام بن طالبلو، من معهد الدفاع عن الديمقراطيات للدراسات الذي ينشط ضد الاتفاق النووي، إن كان كل التقدم الذي أحرزته طهران في الأشهر الأخيرة في المجال النووي “لا يكفي لحمل حكومة بايدن على تبديل موقفها، فما الذي تحتاج إليه أكثر من ذلك؟”.
وحض الرئيس الأميركي على العودة إلى سياسة “الضغوط القصوى” المطبقة في عهد سلفه، ولكن باعتماد “نسخة متعددة الأطراف”.
وحتى في المعسكر الديمقراطي تصعّد الأصوات المنتقدة نبرتها، على غرار السيناتور النافذ بوب ميننديز الذي تساءل “متى ستقر الحكومة أخيرا بأن تقدم إيران النووي” بات أكبر من أن يبقى من المجدي إحياء الاتفاق النووي.
وحذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الاثنين من أن “مجرد أسابيع قليلة فقط” تفصل إيران عن الحصول على مواد كافية لصنع سلاح نووي، إذا استمرت على وتيرتها الحالية في تخصيب اليورانيوم، وهو ما تنفي إيران باستمرار سعيها إليه.
- وفي الواقع بدا الطرف الأميركي في الأشهر الماضية مكتفيا ضمنا بالوضع القائم الذي لخصه علي واعظ بعبارة “لا اتفاق، لا أزمة”. وبعدما حذر الأميركيون في ديسمبر من أنه لم يبق هناك سوى “بضعة أسابيع” للتوصل إلى تفاهم، انقضت هذه المهلة من دون تحقيق أي نتيجة، ومن غير أن يحددوا أي مهلة أخرى. وعمدت واشنطن الخميس إلى إبقاء الغموض حول نواياها.
◙ الرئيس الأميركي يحض على العودة إلى سياسة “الضغوط القصوى المطبقة في عهد سلفه ولكن باعتماد نسخة متعددة الأطراف
وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن “استفزازات” طهران الأخيرة قد تتسبب في “أزمة نووية متفاقمة”، و”زيادة عزلة إيران الاقتصادية والسياسية”.
لكن في الوقت نفسه ترك الباب مفتوحا للدبلوماسية، مؤكدا أنه ما زال يسعى لإحياء الاتفاق النووي. وأوضحت أوساطه أن تفعيل الاتفاق سيخدم “بقوة مصالح الأمن القومي” الأميركي.
وتخشى رندا سليم، الباحثة في معهد الشرق الأوسط للدراسات، من أن يستمر “هامش الغموض هذا، حيث يفترض الجميع أن محادثات فيينا فشلت، لكن لا أحد يريد إعلان ذلك”.
وتابعت “هذه هي المعضلة أمام إدارة بايدن: إذا أعلنت أن المفاوضات انتهت”، في وقت يؤكد الخبراء أنفسهم أن طهران أقرب من أي وقت مضى لامتلاك السلاح النووي، عندها “ستكون مرغمة على التحرك” أو على “القبول بتدخل من إسرائيل”، حيث يدفع الصقور باتجاه شن ضربات عسكرية على مواقع نووية إيرانية.
لكن علي واعظ يرى في المقابل أن التوتر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية “أثبت للطرفين” أنه “لا يمكن فعليا الاستمرار” في الوضع القائم.
وشدد دعما لرأيه على أن جو بايدن يواجه “عدين عكسيين” يشكلان “ضغطا كبيرا” عليه، فهو من جهة أمام “العد العكسي الفني” الذي يقرب الجمهورية الإسلامية من امتلاك سلاح نووي، والذي سيدفع الكونغرس الأميركي إلى مطالبة الرئيس بتحرك أكثر حزما، ومن جهة أخرى أمام “العد العكسي السياسي” مع اقتراب الانتخابات التشريعية في منتصف الولاية الرئاسية
صحيفة العرب