التهديد باستقالة نواب الصدر: حل البرلمان العراقي وارد لكنه صعب تقارير عربية بغداد عادل

التهديد باستقالة نواب الصدر: حل البرلمان العراقي وارد لكنه صعب تقارير عربية بغداد عادل

يضع طلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من أعضاء كتلته النيابية (73 نائباً)، كتابة استقالاتهم من البرلمان العراقي، خلال كلمة مسجلة له، أول من أمس الخميس، المشهد السياسي أمام تطورات جديدة عبر التلويح بخيار حل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة، في ظل تحذيرات متصاعدة لنواب وسياسيين من تأثيرات الأزمة السياسية المتواصلة على الملف الأمني.

وفي كلمة مسجلة للصدر جدد فيها، مساء الخميس، رفضه “خلطة العطار” (حكومات المحاصصة)، و”حكومات التوافق”، معتبراً أن أي إصلاح في البلاد “لن يكون إلا من خلال حكومة أغلبية وطنية“.

كما جدد تأكيده على أن الذهاب للمعارضة أفضل من المشاركة بحكومة توافقية جديدة، ودعا نواب الكتلة الصدرية في البرلمان إلى كتابة استقالاتهم من مجلس النواب، استعداداً لتقديمها بعد الإيعاز إليهم، وهو ما تم بالفعل سريعاً. ويرى مراقبون أن هذا التطور الجدي يُقرّب سيناريو حل البرلمان فعلياً في حال فشل التوصل إلى اتفاق.

وعقب كلمة الصدر، أعلن المكتب الإعلامي للتيار الصدري في النجف، في بيان مقتضب نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) مساء الخميس، أن نواب الكتلة الصدرية في البرلمان وصلوا إلى النجف، ووقعوا استقالاتهم جميعاً من دون استثناء، ووضعوها تحت تصرف مقتدى الصدر.

تأييد مبدأ حل البرلمان العراقي

ولم يصدر عن أي من الأطراف الرئيسية في الأزمة أي تعليق حيال دعوة الصدر، إلا أن رئيسة حركة “جيل جديد” سروة عبد الواحد، التي تضمّ 9 نواب في البرلمان، قالت في رد ضمني على خطاب الصدر إن “الاستقالة من مجلس النواب الحالي قد تكون الحل الأفضل في ظلّ الخروق الدستورية الحاصلة وعدم الالتزام بالتوقيت”.

وأضافت: “نحن نواب (الجيل الجديد) نرحّب بخطوة السيد مقتدى الصدر، وندعو لحلّ البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكّرة”.

دعوة الصدر أعضاء كتلته لتقديم استقالاتهم لا تمثل أي قيمة قانونية في الوقت الحالي، خصوصاً مع دخول البرلمان عطلته التشريعية لمدة 30 يوماً (تنتهي في التاسع من يوليو/ تموز المقبل)، وفقاً لما يراه الخبير أحمد الحمداني، الذي اعتبر الخطوة بمثابة تهديد جديد وتأكيد على موقف الصدر ومحاولة للرد على اتهام التيار الصدري بأنه هو الذي يعطل تشكيل الحكومة.

أحمد الحمداني: لا تكفي استقالة النواب الصدريين لحل البرلمان

وأضاف الحمداني في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أنه “حتى لو قرر نواب التيار الصدري تقديم استقالاتهم، فإن ذلك لا يؤدي إلى حل البرلمان، إذ إن المادة 64 من الدستور نصت على أن حل البرلمان يكون بالتصويت على ذلك من أغلبية عدد أعضائه الإجمالي (329 نائباً)، وعبر طلب موقع من ثلث أعضاء البرلمان (126 نائباً)، ما يعني أنه لا أثر دستورياً على خطوة الصدر، إلا في حال وجود خطوات لاحقة من كتل أخرى بالاتجاه نفسه”.

لكن الحمداني أكد أن “قيمة انسحاب التيار الصدري من البرلمان سياسية أكبر وأخطر، كون ذلك يعني انسحابهم من الحكومة ومن العملية السياسية في الوقت الحالي على الأقل، وهو ما يدرك خطورته الجميع، إذ إن ورقة الشارع والاحتجاجات ستشتعل مجدداً، والصدر أفضل من يجيد تحريك القواعد الشعبية، خصوصاً في جنوب ووسط العراق وبغداد”.

واعتبر الحمداني أن الحديث عن حلّ البرلمان والذهاب إلى انتخابات لن يكون سهلاً، خصوصاً أن قوى “الإطار التنسيقي” تضع شرطاً لذلك، وهو تعديل قانون الانتخابات الحالي الذي تراه أحد أسباب تراجعها في الانتخابات الأخيرة (10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، وهو ما قد يدخل البلاد في أزمة مركبة وخطيرة جديدة.

من جهته، كشف عضو التيار الصدري في بغداد حيدر الساعدي، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “جميع النواب الـ73 وقعوا استقالاتهم وباتت في مكتب الصدر بالنجف”.

وأضاف أن “أي مبادرة داخلية أو وساطة خارجية مرفوضة، ما لم تحترم الاستحقاقات الانتخابية وتقر بأحقية التيار الصدري تشكيل الحكومة الجديدة”.

ووصف الصدر بـ”أنه ليس إياد علاوي”، في إشارة إلى انتخابات عام 2010 التي فاز فيها علاوي بصفته زعيم تحالف “القائمة العراقية”، قبل سحب أحقية تشكيله الحكومة لصالح نوري المالكي، وفق ما بات يعرف لاحقاً بـ“الكتلة الكبرى” في البرلمان.

القيادي في “الإطار التنسيقي” عائد الهلالي علّق على تلويح الصدر باستقالة أعضاء كتلته في البرلمان بالقول إن “هذا خياره، لكنه لن يحل الأزمة، بل يزيد المشهد تعقيداً”.

وقال في حديث مع “العربي الجديد”، إن “تقديم الكتلة الصدرية الاستقالة لا يمكن تطبيقه الآن، فالبرلمان دخل في عطلة وقبول الاستقالة يحتاج إلى عقد جلسات للبرلمان”.

واعتبر الهلالي أن “قوى الإطار التنسيقي ستعمل خلال عطلة البرلمان على تضييق المشهد السياسي مع كل القوى الأخرى، أملاً بالتوصل إلى تقارب أو حل معين للأزمة التي بدأت تؤثر على المستوى الأمني وغيرها من الملفات المهمة في البلاد”.

لكنه شدد في الوقت نفسه على أن موقفهم “ثابت بتشكيل حكومة تحفظ حق المكون الأكبر (الشيعي)، وهذا والأمر يكون من خلال توحيد البيت الشيعي”.

السياسي المقرب من التيار الصدري مناف الموسوي قال لـ”العربي الجديد”، إن المعلومات المتوفرة لديه تؤكد “صعوبة تغيير الصدر موقفه من الأزمة الحالية، على الرغم من كل الضغوط التي مورست عليه من قبل أطراف داخلية وخارجية، في الفترة الأخيرة”.

واعتبر أن دعوة الصدر نوابه لكتابة استقالاتهم من البرلمان “ليست مجرد تهديد أو محاولة ضغط، وأكد في اجتماعاته الأخيرة أنه مع الذهاب إلى المعارضة أفضل من أن يكون بحكومة توافقية تكرر فشل الحكومات السابقة”.

ووفقاً للموسوي، فإن “القوى السياسية ستحاول استغلال شهر عطلة البرلمان بإجراء الحوارات واللقاءات، لكن نعتقد أن هذا لا يحل الأزمة، في حال استمر طرح الحلول نفسها التي تمنع قيام حكومة أغلبية وطنية وتتجه إلى حكومة توافقية”.

عائد الهلالي: استقالة الصدريين لن تحلّ الأزمة بل تعقّدها

وفي السياق، ذكر قيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، رفض الكشف عن اسمه، لـ”العربي الجديد”، أن المبادرة التي كانت مهيأة من قبل زعيم الحزب مسعود البارزاني، تواجه تحفظاً من قبل مقتدى الصدر، وهو ما يعني تعثر الإعلان عنها قريباً.

وأشار إلى أن “الصدر اعتذر عن استقبال وسطاء عراقيين وغير عراقيين في الفترة الماضية، واعتبر أن المشكلة لا تتعلق به، بل بمن يرفض الاعتراف بمخرجات الانتخابات ويمنح الحق بتشكيل الحكومة لمن فاز بها”.

وأضاف القيادي أن “القوى السياسية الكردية والسنية المتحالفة مع الصدر ليست بصدد الدخول بأي مفاوضات مع الكتل الأخرى وقررت المضي بتحالفها مع الصدر من دون تراجع”.

عطلة البرلمان فرصة لمعالجة الانسداد السياسي

من جانبه، لفت مقرر البرلمان غريب عسكر، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، إلى أن “لمجلس النواب الحق في عقد الجلسات الطارئة فقط خلال هذه العطلة التي بدأت الخميس الماضي وتستمر 30 يوماً”، مؤكداً أن البرلمان “لا يستطيع عقد أي جلسة حول تشكيل الحكومة الجديدة، خلال عطلته التشريعية، وله حق عقد الجلسات الطارئة، وفق الأحداث التي تحصل في البلاد سواء أمنية أو غيرها”.

وعبّر عسكر عن أمله في أن تكون العطلة الحالية للبرلمان “فرصة للكتل والأحزاب السياسية من أجل الوصول إلى توافق في ما بينها، من أجل إنهاء حالة الانسداد السياسي والتوجه نحو تشكيل الحكومة، خصوصاً أن هذه الخلافات أثّرت على العمل البرلماني سواء بناحية التشريع أو الرقابة”.

وأعرب الباحث أحمد الشريفي، في حديث لـ”العربي الجديد”، عن اعتقاده بصعوبة إمكانية التوصل إلى حل خلال عطلة البرلمان الحالية، وأوضح أنّ “القوى السياسية لم تستطع التوصل إلى حل الأزمة طيلة الأشهر الماضية، وحالياً فرص الاتفاق شبه معدومة”.

ورأى أن “حل الأزمة يحصل من خلال تنازل أحد الطرفين، التيار الصدري والإطار التنسيقي، وبغير ذلك لا حلول خلال المرحلة المقبلة”.

وأضاف الشريفي أن “كل المعطيات والمعلومات تؤكد استمرار حكومة مصطفى الكاظمي لفترة أخرى قد تمتد إلى عام كامل ثم التوجه نحو حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وربما يكون تمرير قانون الأمن الغذائي بداية هذا المشروع، فلا معطيات لوجود أي حلول للازمة السياسية خلال الفترة القريبة أو حتى البعيدة”.

ويُصرّ الصدر، الذي نجح في استقطاب قوى سياسية عربية سنية وأخرى كردية ضمن تحالف عابر للهويات الطائفية (إنقاذ وطن)، على تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

وفي المقابل تريد القوى المدعومة من طهران ضمن “الإطار التنسيقي”، الذي يتكون من كتل عدة، أبرزها “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”الفتح” بزعامة هادي العامري، تشكيل حكومة توافقية على غرار الحكومات السابقة القائمة على نهج المحاصصة داخل مؤسسات الدولة وفقاً للأوزان الطائفية وليس الانتخابية.

العربي الجديد