بعد تلميحات الصحافة الأميركية والإسرائيلية.. هل ينضم العراق لمنظومة إسرائيلية عربية ضد إيران؟

بعد تلميحات الصحافة الأميركية والإسرائيلية.. هل ينضم العراق لمنظومة إسرائيلية عربية ضد إيران؟

تحدثت الصحافة الإسرائيلية والأميركية عن سعي إسرائيلي لعقد اتفاقية تعاون أمني دفاعي مع دول خليجية، إضافة إلى مصر والعراق والأردن، لمواجهة ما تسميها “التهديدات الإيرانية”.

وتتطلع إسرائيل بنشر منظومة رادارات في عدة دول عربية، منها البحرين والإمارات، تحت ذريعة مكافحة “التهديدات الإيرانية”، إلى بناء حلف إستراتيجي جديد في منطقة الشرق الأوسط، عبر إبرام اتفاقية أمنية للدفاع المشترك مع الولايات المتحدة وعدة دول عربية في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج .

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) الأميركية ذكرت، في وقت سابق، أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي قدما في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يقترح أن يعمل البنتاغون مع إسرائيل والدول العربية لدمج قدراتها الدفاعية الجوية لمنع التهديدات الإيرانية.

وتأتي هذه الأنباء بعد أسابيع من إقرار البرلمان العراقي قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل، الذي نص على منع إقامة أي علاقات سياسية أو اقتصادية أو أمنية مع إسرائيل، وحدد عقوبات رادعة تصل إلى الإعدام لكل من تثبت عليه التهمة.

علاقة العراق بإسرائيل

ولم يقم العراق، الذي تأسست دولته الحديثة في عشرينيات القرن الماضي، أي علاقات مع إسرائيل، إلا أنه كان عرضة لجملة من الأحداث في الأشهر الماضية عندما هاجمت إيران بصواريخ باليستية منشأة مدنية في أربيل بإقليم كردستان العراق، بحجة وجود مقر لجهاز الموساد الإسرائيلي، وهو ما لم يثبت حتى الآن.

وأكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس السبت، أن بغداد لم تلمس أي دليل على أن الموقع الذي استهدفته إيران في أربيل يستخدم من جانب الموساد، مشككا في ذريعة طهران.

وكشف حسين -في حديث تلفزيوني- عن كواليس اجتماعه مع القيادات السياسية والأمنية في إيران عقب القصف الصاروخي الإيراني، معلقا “إذا كانت لدى إيران دلائل فعليها أن تقدمها لنا”، مبينا أن إيران اقترحت وفدا للتحقيق بقصف أربيل من دون أن توفد أي فريق تحقيق بعد أسابيع على الحادث.

ووصف حسين ادعاء إيران تقديم ملف الوجود الإسرائيلي في أربيل إلى المخابرات العراقية قبل القصف الصاروخي بـ”الزائف”، موجها رسالة إلى إيران مفادها أنه يجب عدم تكرار هذه الحادثة، وأبدى استغرابه من اختيار إيران إقليم كردستان للرد على إسرائيل.

المواقف السياسية

وردا على ما ورد في قناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية بشأن التعاون الأمني مع إسرائيل، أكد الأمين العام لوزارة البيشمركة الكردية، الفريق جبار ياور، أن إقليم كردستان ملتزم بما تقرره الحكومة العراقية، لا سيما أن مثل هذه القضايا التي لها بعد عسكري تتعلق بالسيادة العراقية، ولا يحق لإقليم كردستان عقد أي اتفاقيات عسكرية مع دول العالم، خاصة إسرائيل.

من جانبه، يقول الباحث السياسي مجاشع التميمي إن مسالة إقامة أي نوع من العلاقات السياسية والأمنية مع إسرائيل محسومة بالرفض دستوريا، وكذلك وفق قانون تجريم التطبيع الذي أقر مؤخرا، فضلا عن أنه لا مجال لحضور مسؤولين عراقيين أي اجتماع مع شخصيات إسرائيلية.

وأشار التميمي (المقرب من التيار الصدري) -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الأحكام الجزائية رادعة لأي نوع من التواصل مع إسرائيل، وأن ما نشره موقع القناة 12 الإسرائيلية وصحيفة وول ستريت جورنال لا يخرج عن كونه تسليط مزيد من الضغط على الحكومة العراقية، لافتا إلى أن هذه التلميحات قد تكون جزءا من حملة موجهة ضد العراق، لأجل الرد على تجريم برلمانه التطبيع مع إسرائيل.

في غضون ذلك، يرى المحلل السياسي حيدر البرزنجي أن الغاية من نشر مثل هذه الأخبار في الصحف الأميركية والإسرائيلية يهدف إلى إثارة الرأي العام وإعطاء إيحاء لبعض الشخصيات التي وصفها بـ”المتعاونة” مع إسرائيل بإمكانية استمرار العلاقات، من دون أن يحدد شخصيات معينة.

ضغوط سياسية

وتابع البرزنجي (المقرب من الإطار التنسيقي) -في حديث للجزيرة نت- أن محاولات الولايات المتحدة للضغط على العراق لأجل التطبيع لن تكون لها نتيجة، مبينا أن نظرة العراقيين لإسرائيل تعد نظرة تراكمية رافضة كل أشكال التطبيع.

واختتم البرزنجي بأن تصاعد وتيرة الأحداث على المستوى الإعلامي والعالمي كان سببا من أسباب هذا الضغط الأميركي، مبينا أن هذه المحاولات لم تنجح من قبل ولن يكتب لها النجاح في المستقبل، سواء كان سياسيا أو أمنيا أو اجتماعيا، وأن العراق لن يكون ساحة لمهاجمة أي دولة.

من جانبه، رأى عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي شعلان الكريم أن ما ورد في صحيفة وول ستريت جورنال حول مشروع القانون الأميركي المقترح لإقامة علاقات أمنية مع إسرائيل لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع في العراق، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تفرض على العراق إقامة علاقات مع إسرائيل.

وأضاف الكريم -في حديثه للجزيرة نت- أن العراق، بتشريعه قانون تجريم التطبيع، أغلق جميع الأبواب لأي علاقات مع إسرائيل مهما كانت، وبالتالي -من الناحية القانونية- بات القانون ملزما لجميع العراقيين، مواطنين وسياسيين.

التحليل الأمني

ويذهب في هذا المنحى الخبير الأمني والإستراتيجي، فاضل أبو رغيف، الذي يرى أن حديث الصحف الغربية والتلميحات عن أي علاقات أمنية وعسكرية مستقبلية بين العراق وإسرائيل لا قيمة لها وأنها ضرب من الخيال، حسب تعبيره.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح أبو رغيف (المقرب من دوائر صنع العراق الأمني بالعراق) أنه من حيث المنطق فإن العراق ليس بحاجة للخوض في مثل هذه التصريحات التي لن تضيف إلا مزيدا من الأزمات السياسية للداخل العراقي، موضحا أنه في حال اكتشاف العراق أي علاقات أميركية إسرائيلية على الأراضي العراقية، فإن بغداد قد تشرع في إلغاء وتجميد جميع الاتفاقيات الأمنية مع واشنطن.

على الجانب الآخر، يرى مدير مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والإستراتيجية، اللواء المتقاعد عماد علو، أن ما نشرته الصحافة الأميركية والإسرائيلية يأتي ضمن مسار واضح في منطقة الشرق الأوسط يتضمن إقامة نظام أمني جديد في مواجهة التكتل الروسي الصيني الإيراني، وبالتالي، فإن هناك ضغوطا كبيرة على الدول العربية لأجل مواجهة النفوذ المتصاعد لأعداء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط على اعتبار أن العراق يمكن أن يكون أفضل مسار لمد خطوط أنابيب نقل الطاقة من الخليج نحو أوروبا، وبالتالي هناك محاولة للزّج بالعراق في هذا المسار.

وعما إذا كان العراق سيرضخ للضغوطات الغربية والأميركية، يتابع علو -في حديث للجزيرة نت- أن العراق يشهد صراعا داخليا وعدم وحدة القرار السياسي، ويرى أن بعض الكتل السياسية أيدت تشريع قانون تجريم التطبيع ظاهريا فقط من دون اقتناعها بالأمر، معلقا “إن الحكومة العراقية دخلت في شراكات مع مصر والأردن والإمارات وغيرها، وجميع هذه الدول العربية لديها علاقات مع إسرائيل، فضلا عن احتمالية تطبيع العلاقات مع السعودية، وبالتالي نلاحظ أن هناك محاولة لإبراز اسم العراق ضمن ما تعرف باتفاقيات أبراهام بين إسرائيل والإمارات ودول عربية أخرى”.

واختتم علو حديثه بالإشارة إلى أنه لا يمكن استقراء الوضع العراقي على اعتبار أن البلاد ليست مستقرة، مشيرا إلى أن ذلك سيعتمد على البرنامج الحكومي القادم في حال تشكيل الحكومة العراقية، ومن السابق لأوانه استباق الأحداث، حسب تعبيره.

الجزيرة