بعد 8 أشهر من الشلل السياسي، أمر صانع ملوك السياسية العراقية كتلته بالانسحاب من البرلمان.
يعتبر تنحي مجموعة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بكاملها، المكونة من 73 نائبا، أكبر تغيير في السياسة العراقية منذ انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، التي شهدت خسارة الكتل الشيعية المدعومة من إيران مقاعد أمام الصدريين. ويبدو الآن أن الصدريين قد تراجعوا عن السياسة البرلمانية.
قال رانج علاء الدين، الزميل غير المقيم في برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكنغز، وهو مركز بحثي في العاصمة الأمريكية واشنطن، إنه “تحول جذري يهدد بإفشال النظام السياسي القائم من بعد عام 2003 بالكامل”.
وقال الصدر، في بيان، إن طلبه استقالة نوابه من البرلمان يعتبر “تضحية مني من أجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول”.
وقال سجاد جياد، الزميل الباحث في مركز أبحاث The Century Foundation بواشنطن، إن هذه الخطوة “غيرت الخطاب السياسي”.
يحظى الصدر بشعبية كبيرة في العراق. وعلى مدار سنوات، اتخذ موقفا ضد كل من إيران والولايات المتحدة، وبرز في أكتوبر الماضي كالفائز الأكبر في الانتخابات البرلمانية التي هددت بتهميش الكتل الشيعية المتحالفة مع إيران والتي هيمنت منذ فترة طويلة على سياسات الدولة الغنية بالنفط.
لكن الأوضاع السياسة منذ ذلك الحين في طريق مسدود، حيث أدت المشاحنات والاتهامات بالفساد إلى تعطيل الانتخابات الرئاسية وعرقلة تشكيل الحكومة.
وقال الصدر، في كلمة الخميس الماضي، إنه “إذا كان بقاء الكتلة الصدرية (في البرلمان) عقبة أمام تشكيل الحكومة، فإن جميع نواب الكتلة مستعدون بشرف للاستقالة من البرلمان”.
ويوضح الخبراء أنه وفقًا للإجراءات، بمجرد استقالة نائب وانتهاء العملية، يدخل المرشح التالي الذي كان منافسا له وحصل على ثاني أكبر مجموعة من الأصوات كبديل.
وقال عباس كاظم، الزميل البارز في مركز أبحاث Atlantic Council، عبر حسابه على تويتر، إن ذلك “سيعيد توزيع 73 مقعدًا برلمانيًا بين الكتل السياسية المختلفة”، مضيفًا أنه من المتوقع أن يتولى الشيعة المتحالفون مع إيران هذه المقاعد، إلى جانب بعض المستقلين.
فهل يستسلم الصدر للجماعات المدعومة من إيران، أم أن هذه مجرد محاولة لإظهار قوته في الشوارع حيث يتمتع بنفوذ هائل؟ يرى المحللون أنه من المرجح أن يكون السيناريو الثاني.
وقال رانج علاء الدين إن “سلاح الصدر السري يتمثل في شبكته الشعبية الواسعة من أنصاره وهيمنته على الشارع”، مضيفاً أن “انسحاب نواب التيار الصدري مؤشر على النية لمواجهة منافسيه في الشارع”.
وقال إحسان الشمري، أستاذ العلوم السياسة في جامعة بغداد ورئيس مركز التفكير السياسي بالعراق، إن الاستقالات جاءت بعد معارضة الكتل الشيعية المتحالفة مع إيران مبادرة الصدر لتشكيل الحكومة، كما تأتي في الوقت الذي يدرك فيه الصدر أنه لا يستطيع تشكيل حكومة أغلبية وطنية في ظل عراقيل الكتلة المنافسة.
وقال سجاد جياد إن الصدر ربما يشير إلى مؤيديه بأنه فعل كل ما في وسعه لمحاولة تشكيل حكومة مع منافسيه الشيعة المتحالفين مع إيران. وأضاف أن هذه الخطوة قد تشكل أيضًا تهديدًا للأحزاب الأخرى، وإظهار أنها لا تستطيع الاستغناء عنه.
وقال الشمري إن نفوذ الصدر لم يتضاءل على الإطلاق، مضيفا أن الصدر “سيستمر في اتجاه المعارضة الشعبية… وأعتقد أن هذا سيضاعف قوته السياسية”.
ويقول محللون إن إبعاد الصدر وحزبه عن الحكومة سينتج عنه فوضى، وأن أي حكومة تولد من عزلة الصدر “ستكون ميتة”.
وقال الشمري إن ذلك “سيؤدي إلى غضب العراقيين وأنصار الصدر”، مضيفا: “لن يقبلوا بأن يروا زعيمهم منكسرا سياسيا أو معزولا”.
سي ان ان عربي