التجديد للكاظمي حل وسط لإنهاء عقدة الحكومة في العراق

التجديد للكاظمي حل وسط لإنهاء عقدة الحكومة في العراق

أثارت استضافة قادة الإطار التنسيقي لرئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لأول مرة في اجتماعاتهم لغطا سياسيا في العراق، وسط تساؤلات عما إذا كانت للخطوة علاقة بدعم بعض القوى داخل الإطار لتجديد ولاية الكاظمي.

وحضر الكاظمي اجتماعا لقادة الإطار الخميس في منزل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، وضم الاجتماع زعيم تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي.

وأشار بيان وزعه الإطار إلى أن استضافة رئيس الوزراء كانت تتعلق ببحث التحديات الأمنية والتوغل التركي في شمال العراق، وميز البيان بين الجزء الثاني من الاجتماع الذي خصص لبحث ملف تشكيل الحكومة بعد استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان، ولفت إلى أن تتمة اللقاء جرت من دون حضور الكاظمي، لكن أوساطا سياسية ترى أن للاستضافة أبعادا أخرى، خصوصا وأن هناك من قادة الإطار من يرى أن التجديد للكاظمي قد يشكل حلا وسطا لإنهاء عقدة التشكيل الحكومي.

الصدر ورغم انسحابه من العملية السياسية لكنه يبقى مؤثرا في المشهد، وقادرا على اللعب بأكثر من ورقة ومنها الشارع

ويتعاطى بعض قادة الإطار التنسيقي ومن بينهم العامري بحذر مع التطورات الجارية على الساحة السياسية في العراق، لاسيما في علاقة باستقالة نواب التيار الصدري من البرلمان، وقرار زعيم التيار مقتدى الصدر مقاطعة العملية السياسية برمتها.

ويرى هؤلاء القادة أن من الأفضل الذهاب في خيار بحث تشكيل حكومة غير استفزازية، للشارع أو للصدر الذي ورغم تمسكه بالمقاطعة، لكنه يبقى مؤثرا في المشهد، وقادرا على اللعب على أكثر من ورقة وبينها تحريك الشارع، معتبرين أن التجديد للكاظمي قد يكون الخيار الأمثل.

في المقابل يجد قادة آخرون وفي مقدمتهم المالكي والخزعلي في انسحاب الصدر فرصة ثمينة للانقضاض على العملية السياسية وفرض سيطرة مطلقة على تفاصيلها، وبالتالي هم يرفضون بشدة خيار الكاظمي الذي يعتبرونه يدور خارج فلكهم.

ويقول متابعون إن المالكي الذي بات يملك أكبر عدد من النواب الشيعة بعد انسحاب التيار الصدري يرى في نفسه المؤهل الأول لمنصب رئاسة الحكومة، التي سبق وأن تولاها مرتين، وكانت النتيجة مأساوية بالنسبة للعراق.

ويشير المتابعون إلى أن تكليف المالكي لو تم لن يمر بسهولة، حيث لن يقبل الصدر المقاطع للعملية السياسية أن يكون غريمه السياسي مجددا على رأس الحكومة، وهذا قد يقود البلاد إلى منحى خطير، خصوصا وأن للصدر مئات الآلاف من الأتباع المستعدين للنزول إلى الشارع.

ويعتبر المتابعون أن حكومة يقودها المالكي أو أي شخصية سياسية استفزازية للصدر لن تصمد طويلا، ومآلها السقوط، معيدين في ذلك التذكير بسيناريو انهيار حكومة عادل عبدالمهدي.

واضطرت حكومة عبدالمهدي إلى الاستقالة في نهاية العام 2019، على وقع احتجاجات غير مسبوقة شهدها العراق، وشارك فيها التيار الصدري قبل أن ينسحب منها.

ويقول المتابعون إن هذا الأمر يدفع عددا من قادة الإطار إلى طرح الإبقاء على الكاظمي، الذي ورغم الخلافات معه حول توجهاته الحكومية لاسيما في علاقة بالسياسات الخارجية، لكنه نجح إلى حد ما في ضبط إيقاع الوضع في العراق، فضلا عن كونه يحظى بتأييد من الصدر الذي سبق وأن أبدى رغبة في التجديد له.

وأعلن الإطار التنسيقي مساء الخميس عن تشكيل لجنة تفاوضية للحوار مع القوى الوطنية لتشكيل الحكومة المقبلة.

الصدر يفعلها ويقاطع العملية السياسية برمتها

وأكدت قوى الإطار في ختام الاجتماع الذي حضر الكاظمي جزأه الأول أنها ناقشت القضايا السياسية والحوارات الجارية بين القوى الوطنية، من أجل استكمال الاستعدادات المتعلقة بالاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وصرّح المالكي “نمد أيدينا للجميع بالتعاون مع القوى الإسلامية والوطنية إن كانت داخل البرلمان أو خارجه، ما دامت الأهداف والتحديات لا تفرقنا” .

وقال في تغريدة له على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر “نحرص على البحث عن نقاط الالتقاء والتعاون والتكامل وليس التقاطع والتنافر، ويجب ألا تفرقنا خلافات تعد بسيطة وليست استراتيجية”.

وكان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أكد الأربعاء انسحاب نواب الكتلة الصدرية من البرلمان والعملية السياسية، مما فتح الأبواب أمام قوى الإطار التنسيقي الشيعي لقيادة مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، بوصفها الكتلة الأكثر عددا في البرلمان العراقي، بعد أن آلت إليها غالبية مقاعد الكتلة الصدرية الشاغرة في البرلمان العراقي.

وتقول قوى الإطار التنسيقي إنها ترغب في تشكيل حكومة توافقية على شاكلة جميع الحكومات التي تشكلت في العراق بعد العام 2003، ما يعني مشاركة جميع القوى السياسية في تشكيل الحكومة الجديدة، فيما لم تتضح بعدُ مواقف النواب المستقلين، خاصة بعد انسحاب الكتلة الصدرية التي كانت تطالب بتشكيل حكومة أغلبية وطنية.

ويرى المتابعون أن الموقف الأهم هو ذلك الذي سيصدر عن حليفي الصدر، أي الحزب الديمقراطي الكردستاني وائتلاف السيادة السني، وما إذا كانا على استعداد للانخراط مع الإطار في جهود تنفيذ باقي الاستحقاقات.

وكان زعيم ائتلاف السيادة، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، أبدى تفاؤلا حيال إمكانية انتهاء الانسداد السياسي غداة قبوله باستقالة نواب الصدر.

وصرّح الحلبوسي “بعد استقالة الكتلة الصدرية ستمضي الأمور بشكل آخر”، مشيرا إلى أن “الإجراءات الدستورية ستمضي فيما لو اكتمل عدد أعضاء مجلس النواب وتعويض المقاعد الشاغرة، وزوال الانسداد السياسي”.

وعن حل البرلمان والانتخابات المبكرة، لفت الحلبوسي إلى أن “هذا الخيار هو خيار دستوري، والانتخابات السابقة كانت مبكرة وجرت بحل البرلمان، لكن حتى الآن لم يُطرح هذا الخيار”، وشدد رئيس مجلس النواب على ضرورة “السعي إلى تشكيل حكومة تتحمل القوى السياسية مسؤولية مخرجاتها وأدائها، ويكون تقييمها أمام الشعب”.

صحيفة العرب