حملت تصريحات أحد قادة كتلة «بدر» النائب السابق في البرلمان العراقي، الأسبوع الماضي، تهديداً واضحاً لحلفاء زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في تحالف «انقاذ وطن/ الثلاثي» وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، وتحالف «السيادة» السنّي، برئاسة خميس الخنجر، عندما لوّح بـ«ستّة» ألوية من «الحشد» تتواجد عند تخوم إقليم كردستان العراق.
النائب السابق حامد الموسوي لم يكتفِ بذلك التصريح فقط، بل قال في مقابلة تلفزيونية حينها إن «الإطار التنسيقي» سيجبر «الديمقراطي» و«السيادة» على المضي معه في تشكيل الحكومة.
ورغم تبرؤ رئيس كتلة «بدر» هادي العامري، من تصريحات الحسيني، وعدّه «لا يمثل الإطار التنسيقي» محذّراً من الخطاب التصعيدي، غير إن عدداً من السياسيين السنّة والأكراد، هاجموا الحسيني في بيانات و«تدوينات» زخرت بها منصّاتهم في التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي.
في السياق، يقول المحلل السياسي العراقي، رئيس مركز «ألوان» للدراسات، الدكتور حيدر البرزنجي، لـ«القدس العربي» إن تصريحات الموسوي «غير موفقة ولا تمثل إلا شخصه. هناك بيانات صدرت من تحالف الفتح ومكتب العامري والإطار، بأن هذه التهديدات ليست واقعية، ولا يمكن للإطار التعامل بالطريقة التي تحدث بها الموسوي، خصوصاً إنه ليس عضواً في الإطار التنسيقي».
لكن الغريب في حديث الحسيني، بأنه جاء بعد بضعة أيام من تطمينات أطلقها رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض، بأن «الحشد» لن يكون طرفاً في أي «معركة سياسية».
وتزامن الأسبوع الماضي مع الذكرى السنوية الثامنة لفتوى رجل الدين الشيعي البارز، علي السيستاني، «الجهاد الكفائي» التي تعدّ منطلقاً لتشكيل «الحشد».
وقال الفياض في كلمة له بالمناسبة: «الوعي هو السلاح الفتّاك الذي يجب ان نتمسك به» مبيناً أن «الحشد يستمد قوته من الشعب والمرجعية والشهداء».
وحذر «من تزييف الرأي العام وآثاره ومخاطره على العراق وشعبه» مؤكداً «هناك من يحاول تسقيط الحشد ووصفه بالمؤقت في محاولة لإعادة الفوضى للعراق».
وطبقا للفياض فإن «الحشد من جميع مكونات الشعب، ولن ينحاز لفئة دون أخرى» مشددا: «اننا سنكون صادقين لحمل الأمانة وحماية الحشد الشعبي من أي مخاطر قد تحيط به».
وأشار إلى إن «الحشد ضامناً للأمن ولن يكون منحازاً لأي طرف سياسي، ولن يتم استخدام موارد الحشد بأي فرقة سياسية ولن يسمح بإسقاط الدولة».
في الطرف الموازي، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى تنظيم «الحشد» وقياداته والالتزام بالمركزية، وتصفيته ممن سمّاهم «المسيئين».
وأضاف في بيان أصدره بالمناسبة أيضاً، «الحمد لله الذي نصر المجاهدين في استرجاع ثلث العراق المغتصب، والذي بيع بلا ثمن سوى من أجل السلطة، والشكر موصول لإخوتنا وأحبّتنا في الموصل والأنبار وديالى وصلاح الدين وسامراء ممن رضوا بأن ندافع عنهم، لنثبت للجميع أن لا منّة في الجهاد والتحرير، بل ولزاماً علينا إعادة كرامتهم ونبذ الطائفية في مناطقهم وعدم أخذهم بجريرة المتشدّدين منهم، فنحن وإياهم رافضون للإرهاب».
وختم الصدر بيانه بالتأكيد على أهمية «عدم زج عنوان الحشد بالسياسة والتجارة والخلافات والصراعات السياسية وما شاكل ذلك».
ومن بين المواقف الشيعية أيضاً التي تصب في الهدف ذاته، دعا الأمين العام لـ«كتائب الأمام علي» المنضوية في «الحشد» شبل الزيدي، إلى إبعاد «هيئة الحشد الشعبي» عن المحاصصة والصراعات السياسية.
وقال في «تغريدة» عبر «تويتر» حينها، إنه «يجب أن نحافظ على الحشد كمؤسسة ضامنة لوحدة العراق وسلامة أراضيه ونبعده عن المحاصصة والصراعات السياسية».
وعادة ما يجدد السياسيون الشيعة موقفهم الداعي إلى تجنيب «الحشد» الخوض في العملية السياسية، أو استغلال أسمه أو تكوينه في الصراع السياسي.
ووفقاً للبرزنجي فإن «الحشد الشعبي هو جزء من المجتمع العراقي، وهو يمتلك توجهات متعددة وانتماءات سياسية حالهم حال بقية الأجهزة الأمنية العراقية، لكن كجهاز أمني فهو تابع للحكومة العراقية ولا يتبنى أي تواصل سياسي بصورة مباشرة».
وأضاف:»هناك انتماءات متعددة خارج هذا الجهاز الأمني. هذه التأكيدات جاءت من رئاسة الحشد، بكونها ليست مؤسسة سياسية، بل هي هيئة وطنية تقاتل من أجل الحفاظ على النظام السياسي».
ومع تعقيد العملية السياسية في العراق، بانسحاب نواب الصدر من مجلس النواب، بدأ معها التكهّن بإمكانية دخول الفصائل المسلحة- مشكّلة لنواة «الحشد»- على خطّ الأزمة، في حال انتقل الصراع إلى الشارع.
لكن العامري، سارع أيضاً لنفي حدوث ذلك، قائلاً: «الذي يراهن على القتال الشيعي متوهم لوجود المرجعية والقيادات السياسية الواعية» مضيفا أنه «لا مجال للحرب الطائفية أو القتال الشيعي – الشيعي وأنا على يقين مما أقول».
وقال العامري في استذكار أحد قادة «فيلق بدر» الجمعة الماضية، «أحذر من الفتنة وكل من يفكر بها سيحترق أولا. العراق فوق الجميع» فيما أشار إلى إنه يقف «وقفة إجلال وإكبار لموقف (الصدر) من أجل الشعب ومن أجل عبور هذه المرحلة».
وزاد: «يحب أن نضحي من أجل العراق والمبدأ والمذهب ومن أجل هذا الشعب المضحي، وعلينا جميعا مسؤولية حفظ الأمن وعلى الدولة تحمل مسؤوليتها، وإذا ذهبنا إلى الفوضى سيخسر الجميع. ثقتي عالية بالأجهزة الأمنية وأي مقصر يجب أن يحاسب».
وطبقاً لرأي البرزنجي، فإن قادة الفصائل الشيعية المسلحة لهم تمثيل في البرلمان و«هذا يعني إنهم جزء من المجتمع العراقي، والجماهير هي من أوصلتهم إلى قبّة البرلمان. لا يوجد مانع من ربط المقاومة بالفاعل السياسي».
وحسب رأيه فإن الفصائل الشيعية المسلحة «تمتلك قاعدة جماهيرية عراقية واسعة، وهي التي منحتهم هذه المقاعد في البرلمان».
القدس العربي