تتجه القوى السياسية العربية السنية في العراق، والحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، بزعامة مسعود البارزاني، إلى إرجاء بحث موقفها من تطورات الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ نحو ثمانية أشهر، وكانت آخر فصولها انسحاب التيار الصدري الفائز الأول في الانتخابات التشريعية، واستقالة جميع نوابه من البرلمان.
وتتحدث شخصيات سياسية في بغداد عن عزم تحالف “الإطار التنسيقي“، الحليف لإيران، التحرك نحو قوى سياسية أخرى، لبحث تشكيل الحكومة التي لن تكون مهمة سهلة، سواء على مستوى لغة الأرقام في البرلمان، أو المستوى السياسي المتمثل بانسحاب الصدريين.
وفي تطورات الأزمة السياسية، أكدت مصادر مقربة من الزعيم الديني العراقي مقتدى الصدر، لـ”العربي الجديد”، أن مكتب الأخير اعتذر عن استقبال أي شخصية سياسية في الوقت الحالي، وسط تسريبات عن نية الصدر التوجه إلى السعودية لأداء مناسك الحج.
وأوضحت المصادر ذاتها أن الوساطة التي يتحرك من خلالها زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم، لإقناع الصدر بالعودة إلى العملية السياسية، لم تنتج أي تقدم ملموس.
وكان الحكيم قد عبّر، الجمعة، في كلمة له أمام تجمع من أنصاره بمحافظة بابل جنوبي البلاد، عن أسفه لانسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، معتبراً أنه “لا يمكن لأحد أن يملأ فراغ أحد”.
وأضاف الحكيم، الذي يدلي لأول مرة بتعليق حول الأزمة، أن “العراق بحاجة لوحدة الصف”، مطمئناً بأن “الأمور ذاهبة إلى خير، ولن تمضي لأي صِدام، بحكمة وحصافة الجميع من كل المكونات العراقية”، وأكد “الحاجة لحكومة خدمة وطنية من شخصيات كفؤة”.
وأعلن الإطار التنسيقي، الذي يجمع القوى السياسية المدعومة من إيران بشكل رسمي، المضي بعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، دون مشاركة التيار الصدري فيها.
وكان من المؤمل أن يعقد الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف “السيادة”، اجتماعاً مهماً في أربيل خلال اليومين الماضيين، لغرض اتخاذ موقف رسمي بشأن الذهاب مع الإطار بعملية تشكيل الحكومة، أو التوجه نحو المعارضة، في تأييد لخطوة الصدر الأخيرة.
وفي هذا السياق، كشف مصدر سياسي مطلع، لـ”العربي الجديد”، عن أن “تأجيل الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة حسم مواقفيهما بشأن المرحلة المقبلة، كان بسبب الحراك الحالي لإقناع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالعودة للعملية السياسية”.
وبيّن المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “أطراف سياسية تلقت أنباء عن إمكانية عودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للعملية السياسية، مقابل شرط واحد، وهو تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، دون مشاركة جميع أطراف الإطار التنسيقي فيها، ودون تحقيق هذا الشرط لا عودة للصدر إلى المشهد السياسي في المستقبل القريب أو حتى البعيد”.
وأضاف المصدر أن “الحراك السياسي من أطراف متعددة لإقناع الصدر بالعودة إلى العملية مستمر وقائم، ويجري على مستوى عالٍ، لكن الصدر يرفض حتى الساعة استقبال أي طرف سياسي، كونه في عزلة عن العمل السياسي في الوقت الحاضر، كما أبلغ المقربين منه، الذين يتواصلون مع عدد من القيادات السياسية”.
وقدم نواب الكتلة الصدرية، الأسبوع الماضي، استقالاتهم من البرلمان. وقرر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانسحاب من سباق تشكيل الحكومة، رداً على مساعي الالتفاف على نتائج الانتخابات التي حققت فيها كتلته المرتبة الأولى، ورفض القوى السياسية المنافسة له تشكيل حكومة من خارج ما تسميه “البيت السياسي الشيعي”.
عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل، وفاء محمد، قال لـ”العربي الجديد” إن “موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة بشأن الوضع الراهن سيعلن قريباً خلال اجتماع في أربيل”.
وبين محمد أن “سبب تأجيل اجتماع أربيل فني بالدرجة الأولى، متعلق بالطرفين. وأنه حتى الآن لم يحدد الموعد الرسمي لعقد الاجتماع بينهما لحسم موقفهما من المشهد السياسي، خصوصاً بعد انسحاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من حراك تشكيل الحكومة العراقية الجديدة”.
وأضاف أن “كل الخيارات مفتوحة خلال المرحلة المقبلة، كما أن نتائج اجتماع أربيل بين الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة ستوضح المشهد أكثر، بعد اتخاذ موقف رسمي من انسحاب التيار الصدري من حراك تشكيل الحكومة الجديدة ومجمل العملية السياسية في العراق”.
إلى ذلك قال العضو البارز في تحالف “الإطار التنسيقي”، النائب أحمد الموسوي، لـ”العربي الجديد”، إن “قوى الإطار التنسيقي شكلت لجاناً تفاوضية لغرض إجراء زيارات لكافة الأطراف السياسية، بهدف بحث عملية تشكيل الحكومة الجديدة”، مؤكداً أنه “خلال اليومين المقبلين ستنطلق الحوارات الخاصة بتشكيل الحكومة، من قبل الإطار التنسيقي، ولن يتم تهميش أي طرف سياسي له ثقله السياسي والبرلماني”.
وتحدث الموسوي عما وصفه بـ”رسائل إيجابية”، وصلت لقوى الإطار التنسيقي من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة بشأن مواقفهما من عملية تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما لم يؤكده أي من الطرفين لـ”العربي الجديد”.
ويمتلك تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، 98 نائباً داخل البرلمان العراقي، بينما يمتلك نواب القوى المدنية “امتداد” و”جيل جديد”، الذين أعربوا عن مواقف رافضة لما آلت إليه الأزمة، وأيدوا فكرة حلّ البرلمان، 18 نائباً، يضاف لهم 11 من النواب المستقلين المؤيدين لموقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بتشكيل حكومة الأغلبية، ما يعني أن فخ الثلث المعطل قد ينقلب على “الإطار التنسيقي”، في أي محاولة لتشكيل الحكومة الجديدة.
فيما يمتلك الإطار التنسيقي ومن معه من حلفاء من الاتحاد الوطني الكردستاني وتحالف “عزم” وتحالف “تصميم” وكتلة “بابليون” المسيحية ونواب مستقلون ما يقارب 130 نائباً، وهذا ما يؤكد عدم قدرة الإطار على تشكيل الحكومة الجديدة دون تحالفه مع تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، لغرض عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بنصاب ثلثي أعضاء البرلماني، أي 220 نائباً، وفق قرار المحكمة الاتحادية الأخير.
العربي الجديد