تعمل إسرائيل على إقناع دول الشرق الأوسط، بما في ذلك دول الخليج، ببناء تحالف أمني متين يكون بمثابة “قبة حديدية” جماعية ضد الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، في وقت تستمر فيه إسرائيل بشكل سري وعلني في استهداف وجود إيران في سوريا ومنع برنامجها النووي من خلال “عقيدة الأخطبوط” كما سماها نفتالي بينيت رئيس الوزراء الإسرائيلي.
ويأتي هذا بالتزامن مع تصريحات إيرانية لا تخفي القلق من التقارب الإسرائيلي – العربي، ومن نتائج جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في المنطقة الشهر المقبل في تمتين هذا التقارب.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الاثنين إن بلاده تبني “تحالفا للدفاع الجوي في الشرق الأوسط” بقيادة الولايات المتحدة، وإن “هذا البرنامج بدأ العمل به بالفعل وتمكّن بنجاح من اعتراض محاولات إيرانية لمهاجمة إسرائيل ودول أخرى”.
وإذا تم التأسيس لشبكة دفاع متكاملة في الشرق الأوسط فإن هذا يعني مرحلة متقدمة من التعاون العسكري البيني بين دول المنطقة التي بقيت بعيدة عن هذا التنسيق بالإضافة إلى دخول العامل الإسرائيلي وهو ما يعدّ إرباكا مزدوجا للخطط الإيرانية في تهديد المنطقة عموما والخليج على وجه الخصوص.
واشنطن تأمل أن يساعد تعزيز التعاون، وخاصة في مجال الأمن، على زيادة اندماج إسرائيل في المنطقة وعزل إيران
وتشعر إيران بالقلق من هذا التقارب خاصة أنه تحول إلى أمر واقع على حدودها، وتجاوز مرحلة التخويف، ما يعني أن شعارات المسؤولين الإيرانيين وتهديدهم وصراخهم كلها أمور لم تعد تجدي نفعا، وهو ما عكسته تصريحات المتحدث باسم القوات المسلحة البريجادير جنرال أبوالفضل شكرجي.
وقال شكرجي لوكالة تسنيم الإيرانية إن الأنشطة العسكرية المشتركة بين إسرائيل وبعض الدول العربية في الخليج “نابعة من اليأس”.
ويعتقد مراقبون أن شكرجي، الذي سعى للتهوين من التقارب الخليجي – الإسرائيلي، كشف من حيث لا يقصد عن أن إيران ستكون في مواجهة تحدّ مختلف لن يتيح أمامها حرية المناورة والاستعراض في المياه الإقليمية وتهديد حركة النفط في المضائق وكذلك من خلال الصواريخ والمسيّرات التي وضعت تحت تصرف الميليشيات الحليفة لها بالمنطقة.
وتراهن إسرائيل على حاجة دول الخليج إلى بدائل جدية ودائمة لمواجهة التهديدات الإيرانية، خاصة بعد أن تلكأت الولايات المتحدة في تقديم الدعم لدول مثل السعودية والإمارات في مواجهة الهجمات الحوثية بصواريخ ومسيّرات إيرانية.
ولا شك أن الرغبة الإسرائيلية تجد ما يدعمها في ظل نجاح الخطوات الأولى من التقارب السياسي والاقتصادي مع شركاء عرب، وفي ظل تغييرات لدى شعوب المنطقة التي لم تعد مشغولة بالشعارات القديمة، وتبحث عن شراكات تعود عليها بالفائدة.
ويسعى الخليجيون للحصول على نظام القبة الحديدية لحماية المنشآت النفطية بالدرجة الأولى، كما يعطي فرصا لدولة مثل السعودية لمواجهة التحديات العسكرية في حرب اليمن والاستهداف الحوثي المستمر بصواريخ وطائرات مسيّرة إيرانية لأهداف مدنية سعودية.
وباتت المسيّرات تهدّد الخليج برمّته سواء تلك التي تنطلق من اليمن أو العراق أو إيران، وسيكون خطرها أشدّ خصوصا مع عجز واضح للمنظومات الصاروخية الأميركية المكلفة، مثل باتريوت، عن التصدي لها مثلما أثبت ذلك الهجوم على منشآت أرامكو في السعودية والذي نفذه الحوثيون بمسيّرات حصلوا عليها من إيران.
وتأمل واشنطن أن يساعد تعزيز التعاون، وخاصة في مجال الأمن، على زيادة اندماج إسرائيل في المنطقة وعزل إيران، وربما يمهّد الطريق للمزيد من اتفاقيات التطبيع، بما في ذلك فتح قنوات تواصل جدية مع السعودية، بعد إقامة علاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين في عام 2020.
وقال مسؤول إسرائيلي لرويترز طالبا عدم نشر اسمه إن الدول المشاركة تنسق تشغيل أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها من خلال الاتصالات الإلكترونية عن بعد.
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن إسرائيل كثفت حملتها لإفشال برامج إيران النووية والصاروخية والطائرات المسيّرة من خلال سلسلة من العمليات السرية التي تستهدف نطاقًا أوسع من الأهداف الرئيسية، كما قال أشخاص مطلعون على هذا الجهد.
إيران وتشعر بالقلق حيال هذا التقارب خاصة أنه تحول إلى أمر واقع على حدودها، وتجاوز مرحلة التخويف
وتعتزم إسرائيل عرض نظام يعتمد على أشعة الليزر لاعتراض الصواريخ، طورته مؤخرا، على بايدن، وذكرت أنها ستطلب المساعدة في تمويل المشروع، والمساهمة في تطوير النظام ونشره.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد أعلن في شهر أبريل الماضي أن نظام الدفاع الصاروخي الذي يعتمد على تقنية الليزر نجح في اعتراض قذائف هاون وصواريخ مضادة للدبابات.
وينضم النظام الجديد إلى أنظمة أخرى تطوّرها إسرائيل، بالتعاون وبدعم من الولايات المتحدة الأميركية، بما فيها “القبّة الحديدية” و”سهم”.
وتقول الدوائر العسكرية الإسرائيلية إن تكلفة تشغيل نظام الليزر أقل بكثير من نظاميْ “القبة الحديدية” و”سهم”.
وقال دبلوماسي غربي في المنطقة لرويترز الأسبوع الماضي إن واشنطن ما زالت تعمل على إقناع دول مجلس التعاون الخليجي ككتلة واحدة بالموافقة على الانضمام إلى نظام دفاع جوي أميركي – إسرائيلي متكامل. ويضم مجلس التعاون الخليجي السعودية والإمارات والبحرين وقطر والكويت وعمان.
وأضاف “سيساعد (الاقتراح) في سد الفجوة التي تركها سحب العتاد الأميركي على مدى العامين الماضيين من المنطقة… وسيقرب إسرائيل والسعودية من التوصل إلى اتفاق للتطبيع”.
صحيفة العرب