قاد زعيم المعارضة الإسرائيلية، رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، معارضة شرسة في الكنيست، هادفا إلى إسقاط الائتلاف الحاكم والعودة إلى الحكم.
وفي سبيل ذلك، اتبع نتنياهو أساليب غير تقليدية تضمنت “مكائد” والعمل على استقطاب أعضاء من أحزاب الائتلاف الحاكم وإغرائهم بمناصب في حال عاد للحكم.
وكان أبرز ما اتبعه نتنياهو، هو رفض التصويت لصالح قوانين “مهمة”، مبررا ذلك بأنه سوف يمررها حين يعود للحكم.
ففي خطوة غير مسبوقة، صوّت معسكر نتنياهو ضد تمديد قانون أنظمة الطوارئ بالضفة الغربية، الذي يعامِل المستوطنين معاملة المواطنين في إسرائيل، ويجري منذ العام 1967 تمديده كل 5 سنوات.
واتخذ رئيس الوزراء نفتالي بينيت، من إخفاق حكومته بتمديد القانون مبررا رئيسيا لقراره بحلّ الكنيست بعد إشارته إلى أن فاعليته ستنتهي نهاية الشهر الجاري.
ومثّل قرار معسكر نتنياهو، عدم التصويت لصالح قانون المستوطنين، خطوة تكتيكية أثبتت نجاعتها.
كما كان لبعض النواب العرب دور في إسقاط الحكومة، جراء رفض التصويت لهذا القانون، لكن من منطلقات “قومية” نظرا لكونه “عنصريا” ومعاديا للفلسطينيين.
وفي هذا الصدد، يقول النائب العربي مازن غنايم إنه قاوم ضغوطا شديدة مورست عليه خلال الأسبوعين الماضيين، لعدم التصويت ضد قانون تمديد أنظمة الطوارئ، ولكنه رفض.
ويُنظر إلى غنايم من “القائمة العربية الموحدة” الداعمة للحكومة الإسرائيلية، على أنه أحد المتسببين بقرار بينيت حلّ الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة.
ويقول غنايم: “كل إنسان عربي عنده انتماء إلى قوميته لا يمكن أن يصوّت على قانون عنصري بامتياز يمس بمجتمعنا الفلسطيني بشكل عام، وشعبنا الفلسطيني بالداخل بشكل خاص”.
وأضاف: “طبيعي وأقل واجب أن نصوّت ضد هذا القانون، وإذا ما كان بينيت يحمّلنا المسؤولية (سقوط الحكومة وحل الكنيست) فأنا، حسب رأيي، هذه شهادة شرف اعتز بها”.
وكان الكنيست الإسرائيلي قد أسقط في السابع من يونيو/ تموز الجاري تمديد قانون أنظمة الطوارئ، وذلك للمرة الأولى منذ إقراره عام 1967.
وصوّت غنايم ومعه غيداء ريناوي زعبي، من حزب “ميرتس” اليساري، وابتسام مراعنة من حزب “العمل” الوسطي، ضد تمديد القانون فيما امتنع 3 من أعضاء القائمة العربية الموحدة، عن التصويت.
وبتصويت معسكر نتنياهو الذي يضم أحزاب “الليكود” و”الصهيونية الدينية” و”شاس” و”يهودوت هتوراه”، وجميعها أحزاب يمينية معارضة، ضد القانون، فإنه لم يمدد.
وأصر معسكر نتنياهو على عدم تمرير القانون، حتى وإن انتهت فاعليته نهاية الشهر الجاري.
وبهذا الإصرار، ضَمِن نتنياهو أمرين، الأول هو أن حلّ البرلمان سيمدد قانون أنظمة الطوارئ بشكل تلقائي، والثاني أن الانتخابات المبكرة قد تفتح الطريق مجددا أمامه إلى رئاسة الحكومة.
ويؤكد غنايم، أن المعارضة القوية من قبل نتنياهو، كانت السبب الرئيس لسقوط الحكومة.
ويقول بهذا الصدد: “تكوّنت الحكومة من 62 عضوا، لكن 3 منهم وهم من حزب يمينا الذي يترأسه رئيس الحكومة نفتالي بينيت، تركوا الائتلاف وانضموا إلى المعارضة”.
وأضاف: “من أجل هذا لم يكن هناك أي مستقبل لهذه الحكومة، ولا شك أنه كانت هناك معارضة شديدة برئاسة بنيامين نتنياهو… كان من الواضح للجميع أن هذه الدولة ذاهبة إلى انتخابات خامسة”.
وكان “الليكود” قد تمكّن من استمالة النائبة من حزب “يمينا” اليميني عيديت سيلمان، والنائب من الحزب ذاته أميخاي شيكلي.
وأجرى “الليكود” اتصالات مع النائب من “يمينا” أوري أورباخ، الذي أعلن الأسبوع الماضي وقف دعمه للحكومة لفشلها في تمديد قانون أنظمة الطوارئ.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، بينها هيئة البث، إن نتنياهو ركّز على أعضاء حزب “يمينا” طوال أسابيع وأشهر، لدفعهم نحو الانشقاق عن الحكومة.
وتابع غنايم: “لم يتمكن رئيس الحكومة نفسه من ضبط منزله، فهو وصل إلى رئاسة الحكومة بـ7 أعضاء، فيما لديه اليوم 4 أعضاء فقط، ومن هنا بدأت المشكلة”.
وأضاف: “الكثير من أعضاء حزبه يمينا، أخذوا ضمانات بأنهم سيكونون ضمن لائحة (حزب) الليكود في الانتخابات القادمة، وتم وعد بعضهم بحقائب وزارية ومناصب”.
وأردف النائب العربي قائلا: “لهذه الأسباب تركوا نفتالي بينيت، وذهبوا من اليمين إلى اليمين، أي إلى حزب الليكود”.
وطالب غنايم بينيت بعدم تحميل القائمة العربية الموحدة المسؤولية عما جرى، مضيفا: “عليه أن يحمّل نفسه، ويحمّل أعضاء حزبه المسؤولية ثم يتهم الآخرين”.
وكان نتنياهو قد رحّب بقرار بينيت حلّ الكنيست، وقال في تغريدة على تويتر، مساء الإثنين: “هذه أمسية بها أخبار عظيمة لملايين المواطنين في إسرائيل”.
وأضاف: “بعد عام من الحملة الحازمة للمعارضة في الكنيست، من الواضح للجميع أن أكثر الحكومات بؤساً في تاريخ البلاد، قد وصلت إلى نهايتها”.
وتابع نتنياهو: “حان الوقت لتشكيل حكومة وطنية إسرائيلية، تُخفّض الأسعار وتُخفّض الضرائب، وتستعيد كرامتنا الوطنية”.
من جهته، فقد غرّد النائب من حزب “يهودوت هتوراه” اليميني المعارض موشيه غافني، على تويتر، قائلا: “نشكر الله الذي وهبنا الحياة، وأعاننا وأوصلنا إلى هذا الوقت”.
أما عضوة الكنيست المنشقة عن حزب “يمينا” عديت سيلمان، فغردت: “أشكر الله لمنحي القوة والشجاعة لفعل الشيء الصحيح، وبالتالي أن أكون شريكا في إنشاء حكومة يمينية يهودية وقومية في وقت قريب جدا”.
ويبدأ الكنيست، الأربعاء، التصويت على مشروع قانون حلّ نفسه، توطئة للانتخابات المبكرة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
لكنّ استطلاعات الرأي العام في إسرائيل، تشير إلى أن معسكر نتنياهو والمعسكر المعارض، ما زالا غير قادرَين على جمع 61 صوتا بالكنيست القادم لصالح تشكيل حكومة.
وأعلن نواب من الحكومة عزمهم منع نتنياهو، الذي يحاكَم بشبهات الفساد، من العودة مجددا إلى الحكم.
وكتب وزير العدل زعيم حزب “أمل جديد” اليميني جدعون ساعر، في تغريدة: “الهدف في الانتخابات القادمة واضح: منع نتنياهو من العودة إلى السلطة، واستعباد الدولة لمصالحه الشخصية”.
أمّا وزير المالية زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني أفيغدور ليبرمان، فكتب في تغريدة: “انتخابات اليوم هي نتيجة مكائد وأكاذيب وتخريب من قبل رجل واحد، اسمه بنيامين نتنياهو، والهدف الرئيسي في الانتخابات المقبلة، هو منعه من العودة إلى السلطة”.
ومع ذلك، يطرح مراقبون فرضيّة التراجع عن حلّ الكنيست، وتشكيل حكومة يمينية برئاسة نتنياهو، مكوّنة من أحزاب اليمين (من الحكومة والمعارضة).
ويقول المراقبون إن اليمين قد يفضّل الاتحاد مع بعضه البعض، على الدخول في دوامة الانتخابات، علما بأن الانتخابات القادمة هي الخامسة في غضون 3 سنوات ونصف.
وفي هذا الصدد يقول غنايم: “الخوف الوحيد هو أن يتكتل اليمين (قبل تنفيذ قرار حلّ الكنيست)، وإذا ما تكتل، فإنه سيتم تشكيل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل”.
وأضاف: “أعضاء اليمين في الكنيست، سواء في الحكومة أو المعارضة، يُشكلون 80 من أصل 120 عضوا، والخوف أن يتحالفوا مع بعضهم تحت راية الليكود، وفي هذه الحالة سيشكلون الحكومة الأكثر يمينية”.
وتابع غنايم: “لا يمكن أن نستبق الأحداث، ولكن هناك تخوّف من أن يتمكن نتنياهو من إقناع المزيد من أعضاء اليمين لدعمه، وبالتالي تشكيل حكومة”.
(الأناضول)