براغماتية هنية تعيد حماس إلى بيت الأسد

براغماتية هنية تعيد حماس إلى بيت الأسد

غزة – حسمت حركة حماس أمرها بأن عادت إلى بيت الرئيس السوري بشار الأسد بالرغم من حملات سابقة شنها قياديون في الحركة ضده وانحيازهم في بداية “الربيع العربي” إلى المعارضة السورية ضمن خطة كان يؤمل أن تقود إخوان سوريا إلى الحكم مثل ما حصل مع صعود الإخوان إلى السلطة في دول مثل مصر وتونس.

وقال مراقبون فلسطينيون إن حماس، وبعد أن فشلت خطة الإخوان والدول الداعمة لهم في السيطرة على موجة “الربيع العربي”، كانت الأكثر تضررا خاصة أنها فقدت ثقة إيران الحليف الرئيسي لها والداعم بالسلاح والمال، مشيرين إلى أن هزيمة رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل وصعود إسماعيل هنية مكانه قد مهدا لعودة حماس إلى حلف إيران وحزب الله.

وكشف المراقبون أن صعود هنية إلى قيادة حركة حماس كان جزءا من اتفاقية العودة إلى البيت الإيراني وشرطا للحصول على الدعم المالي والمساعدة على تهريب الأسلحة إلى غزة، معتبرين أن زيارته الحالية إلى لبنان هي تتويج لاتصالات سرية ومعلنة بين الطرفين ستفضي من ضمن عناصرها إلى المصالحة بين حماس ونظام الأسد، وعودة ممثلي الحركة إلى دمشق، لكن من المبكّر الحديث عن عودة نشاطها كما كان قبل 2011 بالحرية التي كانت تحصل عليها.

صعود هنية إلى قيادة حركة حماس كان جزءا من اتفاقية العودة إلى البيت الإيراني وشرطا للحصول على الدعم المالي

وقال مصدران في حماس إن الحركة قررت استئناف علاقاتها مع سوريا بعد عشر سنوات من مقاطعة قيادتها لدمشق.

وكشف مسؤول بالحركة طلب عدم الكشف عن هويته أن “الطرفين عقدا لقاءات على مستويات قيادية عليا لتحقيق ذلك”. وقال مسؤولان بالحركة لوكالة رويترز إن حماس “اتخذت قرارا بالإجماع لإعادة العلاقة مع سوريا”.

وينظر إلى هذه العودة على أنها انتصار للخط الإيراني داخل حماس نفسها، حيث عارضت “كتائب القسام” الجناح العسكري للحركة، مسار مشعل في القطيعة مع إيران وحزب الله، كما تؤكد نجاح إيران في الضغط على الحركة عبر التحكم في درجة التمويل وكميات الأسلحة لإجبارها على العودة إلى قوى “الممانعة”، وتنفيذ أجندة إيران في غزة كما يفعل حزب الله في لبنان في مشاغبة إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة للتأثير على مفاوضات الملف النووي وقضية العقوبات.

وكان واضحا تأثير استئناف العلاقات بين حماس وإيران من خلال إعادة بناء ترسانتها من الصواريخ بعيدة المدى في غزة والخطاب الاستعراضي لحماس الذي يحول القطاع وسكانه إلى رهينة لتحقيق أهداف إيران.

وأعلنت حماس أن رئيس مكتبها السياسي وصل الثلاثاء إلى العاصمة اللبنانية بيروت على رأس وفد قيادي من الحركة في زيارة رسمية تستمر عدة أيام.

وذكرت الحركة، في بيان صحافي تلقت وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) نسخة منه، أن هنية سيلتقي المسؤولين والقيادات اللبنانية وقيادات الفصائل الفلسطينية، ويلقي كلمة أمام المؤتمر القومي الإسلامي في دورته الـ31 المنعقد في بيروت.

وقال المتحدث باسم حماس جهاد طه إن زيارة هنية الحالية هي “زيارة خاصة بلبنان”، موضحا أنه سيلتقي المسؤولين والمرجعيات اللبنانية وقادة الفصائل والفعاليات الشعبية الفلسطينية، وليس لأيّ شأن آخر.

وأكد مصدر في حماس لوكالة الأنباء الألمانية أنه من المقرر أن يجتمع هنية مع قيادات كبيرة في حزب الله لبحث تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والتوترات الحاصلة بين لبنان وإسرائيل، إلى جانب التنسيق المشترك بين الجانبين.

ومنذ توليه رئاسة المكتب السياسي لحماس حرص هنية على تعديل خطاب الحركة والاقتراب أكثر من إيران وسوريا، والتبرّؤ من المرحلة السابقة التي كشفت فيها الحركة عن وجهها الإخواني الذي يمس أحد حلفاء طهران.

وفي يونيو 2018، قال هنية إن ما نسب إليه من كلام حول “دعم الثورة السورية، غير دقيق”، وإن حماس “لم تكن يوما في حالة عداء مع النظام السوري”.

وشدد هنية على أن “النظام في سوريا وقف إلى جانب حماس في محطات مهمة، وقدم لها الكثير، كما الشعب السوري العظيم”، مشيرا إلى أن “الحركة لم تقطع العلاقة مع سوريا، لكن الكثير من الظروف الموضوعية أدت إلى شكل العلاقة الحالي”.

ووصف ما جرى في سوريا بالـ”الفتنة” حين قال “ما حدث في سوريا تجاوز الفتنة إلى تصفية حسابات دولية وإقليمية”، متمنياً أن “ينتهي هذا الاقتتال، وأن يعود الأمن والاستقرار والسلم الأهلي إلى سوريا وأن تعود إلى دورها الإقليمي القومي”.

وأثارت تصريحات هنية موجة استنكار وتنديد من قبل جمهور الإخوان، الذي اتهم الحركة بالازدواجية وتبني سياسة براغماتية هي أقرب إلى “الانتهازية”.

العرب