أبوظبي – عزا متابعون للشأن الخليجي إعلان الإمارات رفضها أن تكون جزءا من محور ضد إيران وكذلك تمسكها بقرارات أوبك+، قبل ساعات من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية ولقائه المفترض مع قادة المنطقة، إلى رغبتها في تأكيد أنها ملتزمة باستراتيجية تصفير المشاكل.
وقال المتابعون إن الإمارات تريد إنشاء علاقات مع مختلف الفاعلين الإقليميين والدوليين على قاعدة المصالح المشتركة، وهي الاستراتيجية التي قادت إلى فتح قنوات جديدة مع تركيا وقطر وإيران وإسرائيل.
وتحرص الإمارات على تنقية منطقة الخليج من عناصر التوتر عبر الحوار خاصة مع إيران، لأن الوضع الملتبس القائم على التوترات المستمرة ودون أفق للحل سيعيق دول المنطقة عن أداء دورها الأساسي، وهو العمل على تطوير إمكانياتها اقتصاديا وعلميا، واستثمار طاقاتها وإمكانياتها للحاق بالدول المتقدمة ومزاحمتها. وتعتبر أن علاقاتها الخارجية مهما كانت أهميتها لا ينبغي أن تكون على حساب مصالحها.
موقف الإمارات من إيران سابق لزيارة بايدن، وهو امتداد لاستراتيجية تصفير المشاكل وبناء علاقات إقليمية على قاعدة المصالح
وأقرّ المتابعون بأن الموقف الإماراتي من هذه الملفات سابق لزيارة بايدن، وصدر على لسان مسؤولين بارزين عدة مرات، لافتين إلى أن واشنطن لم تتواصل بالشكل الكافي مع حلفائها في المنطقة لمعرفة مواقفهم، وأنها لم تحضّر جيدا لإنجاح الزيارة، وأن إدارة بايدن ركزت على قضايا هامشية في التسويق للزيارة وتناست أن عليها أن تقوم بما هو أهم، وهو الاتصال بزعماء الدول المعنية لسبر آرائهم ومعرفة مواقفهم من القضايا المهمة بدل محاولة إلزامهم بمواقف معينة ووضعهم أمام الأمر الواقع.
وأعلن مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الدبلوماسية أنور قرقاش الجمعة أنّ الإمارات “ليست طرفا في أي محور في المنطقة ضد إيران”، دون أن يستبعد عضوية بلاده في أي تحالف إقليمي “إنّما من دون أن يضر بأي دولة أخرى”.
وقال قرقاش في لقاء مع صحافيين عبر الفيديو “لا يمكن أن يكون العقد المقبل على غرار العقد الماضي. في العقد الجديد، كلمة خفض التصعيد يجب أن تكون هي المفتاح”، في إشارة إلى الاضطرابات التي عصفت بدول عربية في خضم الربيع العربي.
وتابع “الاقتصاد إحدى الأدوات لخلق ثقة متبادلة أكبر في المنطقة. علينا أن نستخدم الاقتصاد في مختلف المجالات للدفع نحو خفض تصعيد سياسي كبير”.
وشدد على أن الإمارات تعمل على إرسال سفير إلى طهران مع سعيها لإعادة بناء العلاقات معها، مضيفا أن النهج التصادمي مع إيران ليس خيارا تدعمه أبوظبي.
وقال مراقبون إن إدارة بايدن كان يفترض أن تستمع إلى مواقف حلفائها الخليجيين بشأن الملف الإيراني، فهناك اختلاف في المقاربات بين الدول المختلفة، وواشنطن نفسها تميل إلى الحوار مع طهران للتوصل إلى حل لملفها النووي بشكل يراعي مصالحها ودون وضع اعتبار لمصالح الخليجيين. وتساءل هؤلاء المراقبون: كيف ترضى واشنطن لنفسها الحوار مع إيران وتريد من حلفائها الذين هم على حدود هذه الدولة أن يختلفوا مع طهران؟
وأبقت الإمارات على علاقات اقتصادية مع إيران، وسعت في الأشهر الأخيرة إلى الانخراط في حوار معها لحلحلة المسائل العالقة بين البلدين، وجرى تبادل زيارات. وتقيم السعودية بدورها محادثات مع خصمها اللدود إيران.
وينتظر أن يكون ملف إيران مثار خلاف في قمة جدة التي يفترض أن يعقدها بايدن مع زعماء إقليميين. ويضاف إلى ذلك ملف النفط؛ ففي الوقت الذي تريد فيه واشنطن ممارسة “ضغوط” على حلفائها الخليجيين لزيادة الكميات المعروضة والمساهمة في تعديل الأسعار، تعتقد الإمارات والسعودية أنه من الضروري الحفاظ على الوضع الحالي ودعم اتفاق أوبك+.
وقال قرقاش إن بلاده تريد المزيد من الاستقرار في أسواق النفط وستلتزم بقرارات أوبك+، وإنها ستدعم أي اتفاق بين السعودية والولايات المتحدة إذا تم إبرامه خلال زيارة بايدن.
ويرى المراقبون أنه من الصعب بالنسبة إلى السعودية والإمارات القبول بالعودة إلى الوراء في ملف النفط، خاصة بعد المكاسب التي حققتاها من وراء تمسكهما بالزيادة المدروسة في الإمدادات والحفاظ على ارتفاع الأسعار وتحالفهما مع روسيا في أوبك+ حتى وإن كان ذلك يتناقض مع حسابات واشنطن.
ويشيرون إلى الزيارة التي من المزمع أن يقوم بها الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد إلى فرنسا في مطلع الأسبوع القادم، حيث تستمر أبوظبي في توسيع شراكاتها الاستراتيجية مع دولة مثل فرنسا بغض النظر عمّا سيقال في قمة جدة.
ونقلت رويترز الجمعة عن مصدر في قصر الإليزيه قوله “إن فرنسا والإمارات ستوقعان يوم الاثنين اتفاقا ستضمن بموجبه الإمارات إمدادات ديزل إلى فرنسا”.
وكان الرئيس الإماراتي قال الأربعاء، في أول خطاب متلفز منذ توليه منصبه، إنّ الدولة الخليجية باقية كمزود موثوق للطاقة، في رسالة قال مراقبون إنها جاءت في الوقت المناسب وحملت طمأنة للسوق في ظل الجدل الدائر حول وضع الطاقة العالمي وفي خضم الأزمة الغربية مع روسيا وتأثيراتها العميقة على إمدادات الطاقة.
وبالتزامن مع زيارة بايدن إلى السعودية أظهرت بيانات أن المملكة زادت كمية زيت الوقود التي استوردتها من روسيا بأكثر من المثلين في الربع الثاني من العام الحالي لتغذية محطات الكهرباء من أجل تلبية الطلب على التبريد في الصيف وإتاحة النفط الخام السعودي للتصدير.
وتبيع روسيا زيت الوقود بأسعار مخفضة بعد تراجع عدد المشترين بسبب العقوبات الدولية التي أعقبت غزوها لأوكرانيا.
وتُظهر زيادة مبيعات زيت الوقود -المستخدم في توليد الطاقة- إلى السعودية التحدي الذي يواجهه الرئيس الأميركي في الوقت الذي تسعى فيه إدارته إلى عزل روسيا وخفض عائداتها من تصدير الطاقة.
العرب