تنعقد اليوم في طهران قمة ثلاثية تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيرهما الإيراني إبراهيم رئيسي، تحت عنوان معلن هو البحث في ملفات مفتوحة مثل الوضع في سوريا والحرب الروسية في أوكرانيا ومشكلات الطاقة والغذاء ومساعي إحياء الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.
وأما الاجندات غير المعلنة، والتي تدخل مع ذلك في صلب أغراض القمة إن لم تكن تتصدرها فعلياً، فهي الملفات العالقة بين الدول الثلاث، سواء تلك التي تخصّ تركيا وإيران على حدة والمطروحة على بساط البحث في الاجتماع السابع لمجلس التعاون التركي الإيراني رفيع المستوى، أو تلك التي تخصّ روسيا وإيران على حدة لجهة ما كشف النقاب عنه دميتري بيسكوف المتحدث الرئاسي الروسي حول مسودة معاهدة تعاون استراتيجي شاملة بين موسكو وطهران وكذلك ما تردد عن رغبة روسية في حيازة طائرات مسيرة إيرانية توضع في الاستخدام الفعلي خلال عمليات الجيش الروسي على الجبهات الأوكرانية.
كذلك فإن المباحثات الثنائية الروسية التركية لن تكون غائبة عن اجتماعات طهران، والمسائل قيد البحث يمكن أن تبدأ من العملية العسكرية التركية التي تعلن أنقرة منذ شهرين العزم على شنها ضد مواقع واقعة تحت سيطرة ما تعرف باسم «قوات سوريا الديمقراطية – قسد» في شمال سوريا ومناطق منبج وتل رفعت في محيط حلب. وإذا كانت مباركة موسكو الضمنية للعملية التركية حيوية على أصعدة سياسية وعسكرية ولوجستية، فإن أردوغان يطمح أيضاً إلى تعزيز دور الوساطة الذي تقوم به بلاده بصدد مباحثات السلام الروسية ـ الأوكرانية وجهود تأمين شحنات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
من جانب آخر تعلن القمة بين بوتين وأردوغان ورئيسي التركيز على مسار أستانة الخاص بالملف السوري، بحيث يبدو اللقاء الثلاثي أقرب إلى نسخة سابعة من إطار أطلقته الدول الثلاث في سنة 2019، بينما تشير الوقائع على الأرض إلى أن ما عجزت الاجتماعات السابقة عن تحقيقه لن ينجزه اللقاء الراهن الذي تتكفل مشكلات معقدة في تفخيخه سلفاً أو نسفه حتى قبل أن ينعقد. وبات معروفاً أن طهران تعارض العملية العسكرية التركية، وموسكو لا تشجع عليها تماماً، فضلاً عن أن بعض القوات الروسية المنتشرة على الأراضي السورية بدأت تخلي مواقعها لصالح إيران أو الميليشيات الموالية لها، غير بعيد عن ميادين عمليات القوات التركية وفصائل المعارضة العسكرية المتعاونة معها.
ولا يخفى أن توقيت انعقاد القمة يتزامن مع انتهاء جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن في المنطقة، حيث كان بناء جبهة متراصة ضد إيران، وفي وجه روسيا عبر الطاقة والعقوبات، على رأس جهود التحشيد التي بذلها البيت الأبيض، وميزان النجاح أو الإخفاق في تل أبيب وبيت لحم وجدّة يتصادف أيضاً مع ميزان مقابل في طهران، ما دامت المصالح تتطابق مرة وتتعارض مرة أخرى. وهذه مشاهد تحيل بالتالي إلى القاعدة القديمة حول عسر تدوير الزوايا، وعقم المصالحة بين تناقضات تناحرية.
القدس العربي