قال الدبلوماسي الأميركي زلماي خليل زاد إن “ما فعلته طالبان أضرّ بقضيتها واحتمالات التطبيع معها”، لكنه أضاف مستدركا أنه يتعين على واشنطن التفاوض معها “لمعرفة ما حدث، ولماذا حدث ما حدث؟”، مقترحا أن تلعب حكومة قطر دورا في هذا الأمر.
ومن المعروف أن هذا الدبلوماسي المخضرم المولود في أفغانستان هو الذي أشرف على المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان عام 2020، وقد جاء تصريحه تعليقا على اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري هذا الأسبوع في كابل.
وورد هذا التصريح في خضم تحليل بصحيفة “واشنطن بوست” (The Washington Post) تناول ملابسات هذا الاغتيال وناقش العلاقات الأميركية الأفغانية بعد هذه الحادثة.
وقالت الصحيفة إن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في غارة بطائرة مسيّرة نهاية الأسبوع الماضي يعد انتصارا “لقي ترحيبا”، إذ جاء قبل أيام من مرور عام واحد على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في 31 أغسطس/آب 2021.
لكن الهجوم -الذي كشف عن وجود الظواهري في قلب العاصمة الأفغانية كابل التي تسيطر عليها حركة طالبان- أقحم عنصرا جديدا “مثيرا للقلق” في علاقات إدارة الرئيس جو بايدن المتوترة مع أفغانستان في حقبة ما بعد التدخل الأميركي في تلك الدولة الواقعة في آسيا الوسطى.
ووفقا للتحليل الذي كتبته المحررة بالصحيفة، ميسي رايان، فإن المسؤولين الأميركيين أعربوا عن اعتقادهم بأن كبار القادة في حركة طالبان كانوا على دراية بوجود الظواهري في إحدى الفلل بحي شيربور في كابل، وحاولوا إخفاء الهجوم بعد وقوعه.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال في بيان بعد وقت وجيز من إعلان بايدن عن العملية، إن طالبان باستضافتها وإيوائها زعيم القاعدة تكون قد انتهكت “بشكل صارخ” اتفاق الدوحة وتأكيداتها المتكررة للعالم بأنها لن تسمح “للإرهابيين” باستخدام الأراضي الأفغانية لتهديد أمن الدول الأخرى.
وردت طالبان “بغضب” على الحادث، واصفة الغارة الجوية بأنها “انتهاك للمعايير الدولية” وقالت إن الولايات المتحدة هي التي انتهكت اتفاق الدوحة.
وبعد يوم من إعلان بايدن مقتل الظواهري، قال مسؤولون أميركيون إنهم يحققون في مدى تأثير قبول طالبان استضافته على قضايا من بينها المساعدة الأميركية لأفغانستان، والإفراج عن مليارات الدولارات من احتياطيات الحكومة الأفغانية المحتجزة في الولايات المتحدة، واحتمال اتخاذ خطوات نحو تطبيع العلاقات مع طالبان.
ونقلت “واشنطن بوست” في تقريرها عن لوريل ميلر -التي عملت كمسؤولة رفيعة في أفغانستان في إدارتي الرئيسين الأميركيين السابقين باراك أوباما ودونالد ترامب- أن وجود الظواهري في كابل يؤكد تقييم الحكومة الأميركية القديم بشأن علاقات طالبان بتنظيم القاعدة، ويؤكد كذلك الانطباع السائد بأن الحركة تدعم “الإرهاب”، وهو ما من شأنه أن يجعل تطبيع العلاقات مع كابل أكثر خطورة “من الناحية السياسية” على إدارة بايدن.
ويعتقد العديد من المحللين -بحسب الصحيفة- أن مثل هذا التطبيع ضروري لجعل أفغانستان دولة مستدامة على المدى الطويل.
واعتبرت الصحيفة نبأ مقتل الظواهري “تتويجا” لعام اتخذت فيه إدارة بايدن خطوات صغيرة لتوسيع نطاق تعاملها مع طالبان، وهي الحركة التي ظلت تحاربها في ميادين القتال طيلة 20 عاما.
وشمل ذلك التعامل دعما لاستئناف بعض مدفوعات المساعدات، التي كانت تمثل في السابق ما يصل إلى 80% من إنفاق الحكومة الأفغانية، لكنها جُمِّدت إلى حد كبير بعد أن أطاح مسلحو طالبان بالحكومة المنتخبة في أغسطس/آب 2021.
وتختتم الكاتبة تحليلها -بما قالته لوريل ميلر- بأنه “ما لم تقرر الولايات المتحدة أنها ستدير ظهرها تمامًا للشعب الأفغاني، وهو ما لا يبدو أنها تريد القيام به، فليس لديها -حقًا- خيار آخر غير التعامل مع طالبان على مستوى ما، لأن طالبان هي من يسيطر على أفغانستان”.
المصدر : واشنطن بوست