أزمة تايوان جزء من مخطط للتصعيد الأميركي ضد الصين

أزمة تايوان جزء من مخطط للتصعيد الأميركي ضد الصين

بكين- ترسخ تحركات المسؤولين الأميركيين باتجاه تايوان والفلبين وجزر سليمان إحساسا متزايدا لدى الصينيين بأن أزمة تايوان ليست سوى جزء من مخطط للتصعيد الأميركي ضد بلادهم، خاصة في ظل تأكيدات أميركية مختلفة تصف بكين بأنها تمثل الخطر الإستراتيجي على المصالح الأميركية في شرق آسيا.

وبعد زيارة رئيس مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان وما تلاها من استعراض عسكري صيني كبير لمحاصرة الجزيرة، اتجه وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن إلى الفلبين ومساعدته ويندي شيرمان إلى جزر سليمان في تحرك متزامن ينظر إليه على أنه ضمن خطة أوسع لزيادة النفوذ الأميركي في محيط الصين.

وركز مسؤولون أميركيون سابقون ومحللون في مراكز البحث على الخطر الصيني بالنسبة إلى الولايات المتحدة وضرورة التحرك لتطويق الصعود الصيني في شرق آسيا من أجل القدرة على تطويقه في مناطق أخرى.

ويقول الخبراء إن الصين منافس اقتصادي عملاق خاصة بعد أن نجحت في التمدد في آسيا وأفريقيا عبر القروض الصغيرة، وهو ما بات يزعج الأميركيين الذين يحاولون عرقلة هذا التوسع بتضخيم الخطر العسكري والأمني الصيني والتحرك نحو آسيا في مسعى لتطويق الصين ومنعها من زيادة نفوذها في المنطقة.

◙ واشنطن تسعى لتضخيم التهديدات الصينية وتقنع حلفاءها الإقليميين بالحاجة إلى زيادة الوجود العسكري الأميركي

وحذر تقرير أصدره مركز الدراسات الأميركية في جامعة سيدني الأسترالية من أن خطة الدفاع الأميركية في منطقة المحيطين الهادي والهندي “على شفا أزمة غير مسبوقة”، وأن واشنطن قد تعاني في الدفاع عن حلفائها أمام الصين.
وجاء في التقرير أن “الولايات المتحدة لم تعد تتمتع بالتفوق العسكري في منطقة المحيطين الهادي والهندي” وأن قدرتها على “الاحتفاظ بتوازن القوى لصالحها أصبحت محل شكوك متزايدة”.

ويشير التقرير إلى أن ترسانة الأسلحة الهائلة التي تمتلكها بكين تهدد القواعد الأساسية التي تمتلكها واشنطن وحلفاؤها. وأن مثل هذه القواعد “يمكن اعتبارها بلا فائدة مع بداية الضربات الجوية في الساعات الأولى لأيّ صراع”.

ومن شأن تضخيم التهديدات الصينية أن تبرر التحركات الأميركية وتقنع بها الحلفاء الإقليميين.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى الفلبين السبت أن الولايات المتحدة ستهرع للدفاع عنها إذا تعرضت إلى هجوم في بحر الصين الجنوبي في محاولة لتهدئة المخاوف بشأن مدى التزام الولايات المتحدة بمعاهدة للدفاع المشترك.

وقال بلينكن إن الاتفاقية الدفاعية التي وقعت قبل 70 عاما مع الفلبين “صلبة كالفولاذ”.

وأضاف بلينكن في مؤتمر صحافي “أيّ هجوم مسلح على القوات المسلحة الفلبينية أو السفن والطائرات العامة من شأنه أن يُفعّل التزامات دفاعية للولايات المتحدة بموجب تلك المعاهدة”.

ويعد بلينكن أكبر مسؤول أميركي يقابل الرئيس الجديد فرديناند ماركوس الابن، ابن الرجل القوي الراحل الذي ساعدته واشنطن على الفرار إلى المنفى في هاواي بعد انتفاضة عام 1986 التي أنهت حكمه الذي دام عقدين من الزمن.

وجاءت زيارة بلينكن إلى الفلبين وسط تصاعد التوتر واللهجة العنيفة واستعراض القوة العسكرية الصينية حول تايوان نتيجة زيارة بيلوسي إلى الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تعتبرها الصين إقليما تابعا لها.

وحاول ماركوس التقليل من حدة التصعيد الدبلوماسي حول تايوان وقال إنه يعتقد أن رحلة بيلوسي “لا تزيد من حدة” الوضع المتقلب بالفعل.

وأضاف “نحن على هذا القدر من التوتر منذ فترة طويلة، لكننا اعتدنا نوعا ما هذا الوضع”.

وتعد الفلبين نقطة ارتكاز للتنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، ويواجه ماركوس تحديا صعبا في موازنة العلاقات بين القوتين الرئيسيتين.

ووصل وفد من كبار المسؤولين الأميركيين برئاسة مساعدة وزير الخارجية ويندي شيرمان إلى جزر سليمان في زيارة تمتد ثلاثة أيام تزامنًا مع الذكرى الثمانين لمعركة غوادالكانال خلال الحرب العالمية الثانية.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت هذا العام نيتها إعادة فتح سفارة لها في جزر سليمان بعد نحو 30 عامًا على إغلاق بعثتها الدبلوماسية في دولة المحيط الهادي.

وأثارت الصين التي تمثّلها سفارة في جزر سليمان قلق خصومها الغربيين حين وقّعت اتفاقًا أمنيًا سريًا مع الجزيرة في أبريل.

ويفترض أن يتمّ التطرق إلى الاتفاق الذي يخشى البعض أن يقود الصين إلى توسيع سيطرتها العسكرية في جنوب المحيط الهادي خلال الزيارة الأميركية.

ويقول ميهاي سورا، وهو باحث زميل في برنامج جزر المحيط الهادي في معهد لووي للأبحاث الإستراتيجية في سيدني، “أمام الولايات المتحدة طريق صعب، بمعنى أنه من الواضح أن رئيس وزراء (جزر سليمان) ماناسيه سوغافاريه يقدّر علاقة بلاده بالصين”.

ويضيف “طرح فكرة الاختيار بين الولايات المتحدة والصين لن يكون مرحّبًا به. سيبحث عن طريقة ليعمل فيها مع كلّ من الولايات المتحدة والصين”.

لكن ليس الجميع في جزر سليمان من مؤيدي تنامي العلاقات الأمنية مع الصين، بحسب سورا الذي يوضح أن ذلك “سيف ذو حدّين”.

وقطعت جزر سليمان علاقاتها مع تايوان في سبتمبر 2019 لصالح الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية مع الصين، وهو تحوّل فتح مجالًا أمام زيادة الاستثمارات لكنه أشعل تنافسًا بين الجزر.

ونجحت الصين في استغلال انشغال الولايات المتحدة وأوروبا بالتدخل الروسي في أوكرانيا لتوقيع اتفاق أمني واسع يؤسس لوجودها في جزر سليمان.

وشهدت الجزر في نهاية 2021 أعمال شغب سقط فيها قتلى وغذّاها استياء جزء من السكان من النفوذ المتزايد للصين.

العرب