خذلان محور المقاومة يدفع الجهاد إلى القبول اضطراريا بالهدنة

خذلان محور المقاومة يدفع الجهاد إلى القبول اضطراريا بالهدنة

غزة – قالت أوساط سياسية فلسطينية إن قبول حركة الجهاد الإسلامي بعرض الهدنة المصري والمصادقة عليه بشكل علني وسريع ناجم عن غياب البدائل لديها، وإنها لم تكن قادرة على الاستمرار في معركة غير متكافئة بعد أن تخلت عنها حركة حماس كما لم تقدم لها إيران وحزب الله أيّ دعم مباشر لفك الضغط عنها.

وكشفت الأوساط السياسية الفلسطينية أن الضربات الإسرائيلية كانت قاسية وسريعة، وأن توجيه رد من الجهاد كان يحتاج في خطوة أولى إلى دعم حركة حماس مثلما كان يجري في السابق، حيث دأبت الحركتان على التنسيق وإطلاق الصواريخ بشكل متزامن، لكن الصواريخ الأكثر عددا وفاعلية كانت لحماس التي تمتلك أيضا خبرات قتالية ميدانية فيما لم تكن حركة الجهاد تمتلك سوى بعض الصواريخ وكثرة البيانات السياسية التي تحتفي بها إيران لإظهار قدرتها على استهداف إسرائيل.

وأشارت هذه الأوساط إلى أن الاستعجال بقبول الهدنة من جانب الجهاد دليل على إحباط التنظيم من خذلانه مما يسمى بمحور المقاومة بدءا من حماس وصولا إلى إيران وحزب الله اللذين لم يتحركا لنجدة الحركة بأيّ طريقة مثلما كان قادتها يتوهمون أن حزب الله مثلا سيفتح الجبهة الشمالية على إسرائيل بتوجيه بعض الصواريخ لتخفيف الضغط.

الاستعجال بقبول الهدنة من جانب الجهاد دليل على إحباط التنظيم من خذلانه مما يسمى بمحور المقاومة

ولا تلتقي حسابات حركة الجهاد مع حسابات إيران، فالحركة دأبت على التخفي وراء حماس ولم يكن أحد يعرف حجمها الحقيقي وقدرتها على استهداف إسرائيل ولا فاعلية صواريخها. وفي أول اختبار بان بالكاشف أنها محدودة التأثير، وأنها لا تقدر على إزعاج إسرائيل، وعلى العكس فقد كان قياديوها أهدافا سهلة أمام الجيش الإسرائيلي، وهو أمر قد يكون فاجأ إيران نفسها التي كانت في لحظة انطلاق المواجهة المحدودة وغير المتكافئة تحتفي بأمين عام حركة الجهاد زياد النخالة.

ويقول مراقبون فلسطينيون إن حماس لديها أجندتها التي منعتها من دعم حركة الجهاد، ولو بشكل محدود، ما جعلها تبدو حركة صغيرة محدودة التأثير، وإن حماس قد تكون قصدت إظهار الجهاد في هذه الصورة لأهداف تخصها من بينها إقناع إسرائيل والولايات المتحدة بأنها جادة في مسار التهدئة الذي سيقود إلى الاعتراف بها كسلطة دائمة في غزة، وفي نفس الوقت وجهت رسالة إلى إيران بأنها هي القوة الوحيدة على الأرض، وأنّ لا قيمة للبدائل الهامشية التي تراهن عليها وتدعمها وتسلحها بما في ذلك حركة الجهاد.

ويرى المراقبون أن هزيمة حركة الجهاد في معركة خاطفة وقبولها بهدنة لا تحقق لها شيئا سوى وقف إطلاق النار، ودون ضمانات جادة لإطلاق سراح بعض قادتها، وحياد حماس وحزب الله في المعركة، كلها عناصر تظهر أن محور المقاومة فقد بريقه وتأثيره في المنطقة، وأنه ليس أكثر من واجهة لأجندات إيران، التي تبدو في وضع لا يسمح لها بالتصعيد خاصة أنها تناقش تفاصيل تجديد الاتفاق بشأن برنامجها النووي، وتريد الحصول على ضمانات برفع العقوبات عنها ما يسمح لها بإعادة بيع النفط وما سيوفره من عائدات كبيرة لا شك أنها أكبر وأهم من مصير الجهاد وحماس وغزة.

واكتفت إيران بتصريحات باهتة مفادها أنها ستواصل “الدفاع عن المقاومة الحية”. وكتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان على إنستغرام “تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار لأن الصهاينة لا يفهمون سوى لغة القوة”.

وفي الوقت الذي كانت فيه حركة الجهاد تنتظر دعما عمليا من حزب الله، قال القيادي في الحزب هاشم صفي الدين إن الحزب بات يمتلك “السلاح الإستراتيجي”، وإن إسرائيل لم تستطع منعه من الحصول عليه، من دون أن يوضح ماهية هذا السلاح، وتزامن هذا التصريح مع الهزيمة المذلة لمحور المقاومة أمام التفوق الإسرائيلي.

وقال عضو الجهاد الإسلامي محمد الهندي إن اتفاق وقف إطلاق النار “يتضمن التزام مصر بالعمل على إطلاق سراح أسيرين” هما القيادي بسام السعدي في الجناح السياسي للحركة وتم اعتقاله مؤخرًا في جنين بالضفة الغربية المحتلة، وخليل عواودة المعتقل في إسرائيل.

لكن إذاعة “كان” الإسرائيلية التي تبث بالعربية نقلت عن مصدر مسؤول قوله إن “إسرائيل غير ملتزمة بإطلاق سراح السعدي وعواودة”.

وبعد التأكيد على دخول الهدنة حيز التنفيذ، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد إنه “في حال خُرق وقف إطلاق النار، تحتفظ دولة إسرائيل بحقّها في الرّدّ بقوّة”.

وبسرعة سعت حماس لاستثمار خسائر حليفتها الجهاد بأن أشادت بدور مصر وجهودها في وقف الهجوم على غزة، في رسالة سريعة مفادها أن الحركة مع الهدنة ومستعدة لتجديدها وعدم إحراج الوسيط المصري.

وهاتف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية قيادة جهاز المخابرات العامة المصرية. وعبر هنية عن “شكره الجزيل لمصر، ممثلة بالرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أعطى توجيهاته للجهات المعنية للقيام بجهودها المقدرة، والتي أفضت إلى وقف العدوان الصهيوني الغادر على شعبنا الفلسطيني”.

وقال هنية خلال الاتصال “إن هذا عهدنا بمصر التي تنحاز على الدوام إلى قضية فلسطين وقضايا أمتنا العربية والإسلامية”.

وكان اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ قبل منتصف الليلة قبل الماضية بين إسرائيل وحركة الجهاد بوساطة مصرية لإنهاء جولة توتر في قطاع غزة استمرت ثلاثة أيام وأدت إلى مقتل 45 فلسطينيا، بحسب أحدث إحصائية رسمية.

العرب