واشنطن – نجحت السعودية في تحقيق أرباح كبيرة من عائدات النفط بسبب تمسكها بضخ إمدادات مدروسة تحافظ على ارتفاع الأسعار بالمستوى الذي تريده، متحدية الضغوط الغربية وخاصة من الولايات المتحدة.
وبدأت شركات النفط الصخري الأميركية تتعلم من سياسة العناد السعودي وتسير على طريقها من خلال رفض دعوات الرئيس جو بايدن لزيادة الإنتاج، وفي نفس الوقت ضخ المزيد من الاستثمارات لتطوير الإنتاج واستجابته لشروط الطاقة النظيفة.
ويسعى منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى تغيير إستراتيجيتهم القديمة التي تقوم على توزيع العائدات على مساهميهم، في شكل إعادة شراء الأسهم وتوزيع الأرباح الخاصة. وبدلا من ذلك سيركزون على ضخ المزيد من الاستثمارات كما تفعل السعودية.
وقرر كبار المديرين، الذين سئموا نداءات ناشطي المناخ، تحويل رأس المال نحو أشكال الطاقة الأنظف التي ترفع درجاتهم في تصنيف الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
عدم استجابة المنتجين لأيّ من مناشدات بايدن سيكون له تأثير في إبقاء الإمدادات شحيحة والأسعار أعلى من المتوقع
ولخّص تيري إيتام، مؤلف كتاب “نهاية جنون الوقود الأحفوري”، محنة منتجي النفط الصخري في مقال نُشر في تقرير على موقع “بو ريبوت”، حيث تطرق إلى الفجوة القادمة بين العرض والطلب. وذكر أن “هناك القليل مما يمكن للمنتجين عمله للمساعدة. ويوجد طلب مرتفع بشكل لا يصدق على مخزونهم من احتياطيات النفط والغاز الذي يرتفع سعره باستمرار”.
ويضيف أن العثور على المزيد من الاحتياطيات وتطويرها قد يساعد في التخفيف من هذا الوضع. لكن النخبة الثقافية في العالم، المجموعة التي تهيمن على المدارس الفكرية السياسية الغربية، ربطت “علميا” تقلبات الطقس وأيّ شيء يحدث على الإطلاق بتغير المناخ المرتبط بـ”احتراق الوقود الأحفوري”، ويصبح مجرد اقتراح زيادة الإنتاج بسبب هذا أمرا غير مقبول.
ويقول محللون إن التخفيضات في الإنفاق، وارتفاع التكاليف، والقيود المفروضة على إنتاج النفط الصخري كلها عناصر تؤدي إلى انحسار معدلات نمو الإنتاج، وتحول دون قدرة المنتجين على المنافسة، خاصة في ظل تعامل إدارة بايدن معهم من فوق من خلال مطالبتهم بزيادة الإنتاج.
ويشير المحللون إلى أنه على الرغم من مناشدات بايدن لإنتاج المزيد من النفط لخفض الأسعار، يبدو أن المنتجين في الولايات المتحدة والسعودية عازمون على الحفاظ على النفقات الرأسمالية. وسيكون لهذا تأثير في إبقاء الإمدادات شحيحة والأسعار أعلى مما تريده واشنطن .
والشهر الماضي، حثت أكثر من اثنتي عشرة جمعية للطاقة بقيادة معهد البترول الأميركي الرئيس بايدن على زيارة مراكز إنتاج النفط والغاز الأميركية قبل التوجه إلى السعودية للمطالبة بالمزيد من النفط، في رسالة واضحة إلى أن الحلول موجودة داخل البيت الأميركي إذا كان البيت الأبيض يبحث عن الحلول.
وأعلنت شركة أرامكو السعودية عن أرباح الربع الثاني من عام 2022 هذا الأسبوع وفجّرت جدلا عن الكم الهائل من النقد المتولد في عملياتها اليومية. وبلغ صافي الدخل 48.4 مليار دولار وقدر التدفق النقدي الحر بـ34.6 مليار دولار للربع الأول من السنة، و65 مليار دولار للنصف الأول، ليتجاوز بشكل كبير أرقام العام الماضي البالغة 22.6 مليار دولار و40.9 مليار دولار لنفس الفترة. وكان هذا مدفوعا بأسعار النفط الخام الذي تجاوز مستوى 113 دولارا للبرميل، حيث كان أعلى من أسعار العام الماضي (67.90 دولار) بنسبة 66 في المئة تقريبا.
لكن اللافت للانتباه أن ميزانية تخصيص رأس مال الشركة من أجل زيادة الإنتاج ظلت دون تغيير وعند الحد الأدنى من النطاق المعلن مسبقا البالغ ما بين 40 و50 مليار دولار لسنة 2022. ويرى محللون أن 40 مليار دولار تبقى مبلغا كبيرا، أي أكثر بكثير مما كان عليه في 2021.
وكسبت أرامكو أكثر من 65 مليار دولار من التدفق النقدي الحر في النصف الأول من هذا العام. ويشمل هذا الإنفاق أيضا التنويع في الغاز الطبيعي وطاقة الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأزرق.
العرب