دائماً ما تتمحور المواضيع المشتركة في الأدبيات المتعلقة بالسياسة الخارجية لإيران حول موضوعين للنقاشات الرئيسة: الأول مدى تفوّق سلطة المرشد الأعلى في الواقع، والثاني ما إذا كانت قرارات السياسة الخارجية الإيرانية عملية أو أيديولوجية.
وبشكل عام، يمكن تعريف السياسة الخارجية على نطاق واسع على أنها تشمل خطط وإجراءات وسياسات الحكومة الإيرانية تجاه الدول الأجنبية، هذا يشمل مجموعة متنوّعة من الاعتبارات، مثل العوامل الاقتصادية، وبرنامج إيران النووي، والتعليم، والمساعدات الإنسانية، والمساعدات العسكرية أو النزاعات، والمعاهدات، والمفاوضات.
فيما يخص سلطات المرشد الأعلى لإيران، فيشار إليه بعدة طرق منها الولي الفقيه، الوصي القانوني الإيراني، وزعيم الثورة، أو رهبار (القائد). وقد منح دستور إيران سلطة كبيرة للمرشد الأعلى، كما يتضح من المناصب التي لديه السلطة لتعيين أصحابها. على سبيل المثال، يقع على عاتق المرشد الأعلى مسؤولية تعيين قائد الحرس الثوري والنظامي العسكريين، ورؤساء المؤسسات الإعلامية، وجميع أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام، ونصف رجال الدين الاثني عشر في مجلس صيانة الدستور، ويتم تعيين النصف الآخر من قبل رئيس السلطة القضائية، الذي جرى تعيينه بنفسه من قِبل المرشد الأعلى.
أمّا فيما يخص النقاش الشائع في الأدبيات المتعلقة بسياسة إيران الخارجية، سواء أكانت الأيديولوجيا أو البراغماتية هي الأكثر تأثيراً لتوجيه قرارات المرشد الإيراني. مراجعة الأدبيات حول هذا الموضوع، والاطلاع على خطابات وكتابات الخميني وخامنئي، لا يمكن إنكار أن تأثير الأيديولوجيا كبير، تتجلى في جزء من الخطاب، والاستراتيجيات التي يستخدمها هؤلاء القادة. ومع ذلك، فإن وجود الأيديولوجية في خطابهم لا تعني أنهم تصرفوا بطريقة عملية. فالمرشد الإيراني يستخدم الأيديولوجياً بشكل عملي كطريقة لكسب النفوذ داخلياً وفي الإقليم.
من الأمور ذات الأهمية الخاصة في الأدبيات المتعلقة بنقاش الأيديولوجيا – البراغماتية نهج السياسة الخارجية المبين في الدستور الإيراني، بخاصة المادة 154، الذي يبدو أنه يدعم تصدير الثورة الإسلامية الذي يشار إليه كثيراً بالقول في الدستور:
جمهورية إيران الإسلامية تسعى لتحقيق السعادة الإنسانية المثالية في جميع أنحاء المجتمع الإنساني، وتهتم بتحقيق الاستقلال والحرية والعدل والحقيقة حق لجميع شعوب العالم. تبعاً لذلك، في حين الامتناع بدقة عن جميع أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للأمم الأخرى، فهي تدعم النضالات العادلة للمستضعفين ضد المستكبرين في كل ركن من أركان المعمورة”.
على الرغم من أن صياغة الدستور تدعي أن إيران لن تتدخل، فإنه من السهل أن تجد العكس، فقد تدخلت في الشؤون الداخلية لدول أخرى في كثير من الحالات، كما يتضح في الدعم العسكري لحزب الله في لبنان وحماس في غزة، ونشر القوات لمحاربة داعش في العراق، وتوريد الأسلحة وتدريب الحوثيين في اليمن، وزيادة الاستثمارات في أفغانستان المجاورة، وكذلك دعم طويل ومتواصل للعلويين في سوريا.
وكلها محاولات عملية للغاية لزيادة نفوذ إيران الإقليمي. وبالمثل، فإن إشارات خامنئي المتكررة إلى الصحوة الإسلامية – والإشاعة في خطاباته – يبدو أنه يشير إلى نهج السياسة الخارجية الذي هو أيديولوجي متحفز، مندفع، لقد بنى خامنئي على دعوة خطاب الخميني السابقة نحو الحكومة الإسلامية العالمية.
إجمالاً، إن أحد أهم عناصر سياسة إيران الخارجية هو العمل على زيادة النفوذ الإقليمي، ويتم الترويج لهذا جزئياً من قِبل القادة الإيرانيين منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979. ويتحقق ذلك من خلال المصطلحات المتعلقة “بالصحوة الإسلامية”. كما أن هناك تقليداً راسخاً في النظام الإيراني من مختلف القادة، حيث يقدمون تصريحات متناقضة رداً على القضايا الدولية، خصوصاً في التصريحات التي يُدلي بها مختلف المسؤولين بشأن أجندة السياسة الخارجية الإيرانية. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا تكتيكاً لإرباك المجتمع الدولي، أو إذا كان مجرد وسيلة لقياس ردود الفعل الدولية على البيانات المختلفة قبل اتخاذ موقف رسمي.
اندبندت عربي