مناورات عمانية – أميركية في ظفار تحسبا لسيناريو شبوة وأبين في حضرموت والمهرة

مناورات عمانية – أميركية في ظفار تحسبا لسيناريو شبوة وأبين في حضرموت والمهرة

لندن – اعتبرت مصادر سياسية يمنية تنظيم سلطنة عمان لمناورة عسكرية في محافظة ظفار، المحاذية لمحافظة المهرة اليمنية، انعكاسًا لحالة القلق التي تعتري مسقط حيال التفاعلات المتسارعة في المشهد اليمني، عقب خسارة جماعة الإخوان وبعض الموالين لمسقط والدوحة عسكريا في محافظتي شبوة وأبين وتزايد المؤشرات على إمكانية تكرار السيناريو في محافظتي حضرموت والمهرة اللتين تعتبرهما مسقط عمقا إستراتيجيّا حيويّا لها.

وقالت هذه المصادر إن سلطنة عمان، وعبر تحالف غير معلن مع الدوحة ازدادت وتيرته منذ عام 2017، خسرت استثماراتها السياسية والعسكرية التي أنفقتها لبناء تيار جديد موال لها يضم جماعة الإخوان ولفيفا من القيادات السياسية والعسكرية التي تتلقى دعما منها، بهدف مواجهة نفوذ التحالف العربي والمجلس الانتقالي في المحافظات الجنوبية المحررة.

ووفقا لوكالة الأنباء العمانية الرسمية “اختتمت في محافظة ظفار الأربعاء فعاليات التمرين العسكري المشترك العُماني – الأميركي وادي النار 2022 بين الجيش السلطاني العُماني ممثلًا بكتيبة الحدود الغربية ووحدات من المشاة بالجيش الأميركي”.

وقال نائب رئيس مجلس النواب اليمني الموالي للدوحة عبدالعزيز جباري في تصريحات إعلامية قبل أيام إن سلطنة عمان كانت تنوي التدخل عسكريا في محافظة المهرة، وهو التصريح الذي اعتبره مراقبون رسائل عمانية للتحذير من اقتراب قوات العمالقة من محافظة المهرة آخر معاقل النفوذ العماني – القطري في اليمن، عبر التحشيد الميليشياوي الذي يتزعمه الشيخ القبلي علي سالم الحريزي بتمويل عماني، بهدف إحداث حالة من التمرد المسلح ضد قوات التحالف العربي في المحافظة.

سعيد بكران: على عمان قراءة المشهد بعقلانية والاقتراب من الأطراف الجديدة

واستغربت المصادرُ إطلاقَ رجل مسقط الأول في اليمن علي سالم الحريزي، خلال الآونة الأخيرة، تصريحات معادية لما يزعم أنه تواجد عسكري بريطاني – أميركي في محافظة المهرة، والزعم بأن هذه القوات اقتحمت منزله في وقت سابق.

وأشارت المصادر إلى أن تهديد سلامة القوات البريطانية المزعومة في المهرة يتنافى مع العلاقة الإستراتيجية التي تربط بين مسقط ولندن، إضافة إلى التناقض الذي تكشف عنه عملية تنظيم مناورة عسكرية مشتركة بين القوات الأميركية والعمانية في محافظة ظفار على الحدود اليمنية، في الوقت الذي يهدد فيه الحريزي المحسوب على مسقط والمقرب من الحوثيين القوات الأميركية التي يدعي أنها تتواجد في محافظة المهرة اليمنية.

وأكدت هذه المصادر أن السياسة العمانية إزاء الملف اليمني باتت تعاني من حالة ضبابية وارتباك نتيجة التحولات المباغتة التي شهدتها الساحة اليمنية في الآونة الأخيرة على الصعيدين السياسي والعسكري، بعد أن فقد التحالف العماني – القطري في اليمن الكثير من رهاناته التي تمثلت في استقطاب شخصيات يمنية من محافظات مثل شبوة وأبين وسقطرى، بعد تمكن المجلس الانتقالي من حسم الموقف في هذه المحافظات بشكل كامل، وفي ظل مؤشرات على إمكانية انتقال هذه التجربة إلى محافظة حضرموت ومن ثم المهرة، وهو الأمر الذي سيضع مسقط في مواجهة مباشرة مع قوات جنوبية، بعد أن كانت عمان تدير الصراع عبر وكلاء يمنيين.

ولفتت المصادر ذاتها إلى أن مسقط ستصبح في وضع حرج في حال تمكنت قوات العمالقة والمجلس الانتقالي من التمدد إلى المهرة، وسيكون موقفها أكثر تعقيدا في حال قررت التدخل مباشرة وخوض مواجهة عسكرية ضد القوات الجنوبية، الأمر الذي سيحيي تاريخا قديما من الصراعات السياسية بين جنوب اليمن وعمان يعيد إلى الأذهان مطالبة النظام السياسي في جنوب اليمن قبل الوحدة باستعادة إقليم ظفار عبر ما سُمي حينها بـ”جبهة تحرير ظفار”، باعتبارها امتدادا طبيعيا وثقافيا وتاريخيا لجنوب اليمن.

وفي تصريح لـ”العرب” اعتبر الباحث السياسي اليمني سعيد بكران أن الدور العماني في مجمل المشهد اليمني منذ انطلاق عاصفة الحزم يبدو غامضاً في أحيان وأحيان كثيرة يبدو غير بنّاء لدعم الاستقرار في البلاد التي مزقتها الحرب.

وأشار بكران إلى أنه في المهرة يتكثف مشهد الدور العماني المرتبك حيث تدعم عمان وبشكل علني قوى التمرد على الشرعية المتمثلة في مجاميع الحريزي، وهي خليط من العناصر الجهادية والحوثية والعناصر المنفلتة.

وعن انعكاس التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة على الدور العماني، أضاف “أعتقد أن التطورات الأخيرة تحتم على عمان إعادة قراءة المشهد بعقلانية وواقعية والاقتراب أكثر من الأطراف الجديدة في صفة الشرعية، كالمجلس الانتقالي والمقاومة الوطنية، وفتح قنوات حوار معها من أجل ضبط الارتباك ولمنع الانزلاق نحو الفوضى في المهرة ذات الموقع الحساس”.

وكان القيادي الجنوبي فادي باعوم، الذي كان يعد أبرز الموالين لمسقط والدوحة في جنوب اليمن، قد وصل إلى عدن قبل أيام وأدلى بتصريحات مؤيدة للمجلس الانتقالي ومشيدة بالدور السعودي والإماراتي في اليمن، وهو ما قالت مصادر يمنية مطلعة إنه بداية انشقاق الكثير من القيادات السياسية التي دعمتها مسقط في السنوات الماضية.

وقال الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر إن الموقف العماني إزاء اليمن يتأثر إلى حد كبير بالعلاقات العمانية – الإيرانية ومخاوف عمان من تكرار تجربة انتقال الصراع في اليمن إلى داخل حدودها.

وتابع في تصريح لـ”العرب” أن “مشاركة عمان بكتيبة الحدود الغربية ووحدات من المشاة بالجيش الأميركي في مناورة وادي النار، رسالة عسكرية، ردًا على الأحداث الأخيرة التي حصلت في شبوة وتوسع المجلس الانتقالي الجنوبي”.

وفي تصريح لـ”العرب” أيضا قال عزت مصطفى، رئيس مركز فنار لبحوث السياسات، إن “السلطنة تجاوزت حدود ما تصفه بالوساطة في الملف اليمني ودعم ميليشيات على حدودها في المهرة إلى دعم ميليشيات في تعز لتمكينها من السيطرة على مرتفعات تهدد أمن وسلامة الملاحة في البحر الأحمر”

العرب