احتل العراق المرتبة 79 عالمياً ضمن قائمة أفقر شعوب العالم، وعلى الرغم من الإمكانات والثروات التي تعد “نعمة” تملكها بلاد الرافدين فإنها أصبحت نقمة على العراقيين نتيجة التردي الاقتصادي والسياسات الخاطئة التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة والفساد المستشري في مفاصل الدولة وعدم تفعيل القطاع الخاص، حيث ارتفعت نسبة الفقر إلى مستويات أعلى من السابق، وذلك وفقاً لمجلة “غلوبال فايننس” الأميركية، في حين توقعت وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية ارتفاع نسبة الفقر في البلاد إلى 25 في المئة خلال العام الحالي 2022 بعد أن سجل 22.5 في المئة في آخر إحصاء لعام 2019.
وقالت المجلة في تقرير لها إن “أفقر دول العالم عانت حروباً أهلية وصراعات عرقية وطائفية، ثم جاء فيروس كورونا مما زاد الأوضاع السيئة سوءاً”، مبينة أن “العالم يمتلك ما يكفي من الثروة والموارد لضمان تمتع الجنس البشري بأسره بمستوى معيشيأساسي”.
وأضافت، “مع ذلك، ما زال الناس في بلدان مثل بوروندي وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى -الأفقر في العالم- يعيشون في فقر مدقع”.
وبينت المجلة بحسب جدول أعدته لذلك أن “العراق احتل المرتبة الثامنة عربياً والـ79 عالمياً من أصل 192 دولة مدرجة بالجدول ضمن أفقر شعوب العالم، حيث بلغ نصيب الفرد العراقي من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً 12.141 ألف دولار”.
استراتيجية لتحسين الدخل
في المقابل، كشفت وزارة التخطيط عن عزمها على إعداد استراتيجية لتحسين دخل ومعيشة الأسر الفقيرة، فيما أكدت قرب إطلاق أكبر مسح اقتصادي واجتماعي.
وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في تصريح صحافي إن “الوزارة تستعد وبالتنسيق والتعاون مع مجموعة وزارات ومؤسسات بينها وزارتا التجارة والعمل والشؤون الاجتماعية لإعداد استراتيجية خفض مستوى الفقر الثالثة في العراق للسنوات من 2024 – 2028”.
وأضاف أن “الهدف من الاستراتيجية تحسين مستوى العيش لذوي الدخل المحدود، والتي تركز على محورين الأول: إعادة النظر وتقييم شبكة الحماية الاجتماعية بحيث نضمن وصولها إلى المستحقين للإعانة وإعادة دراسة مستوى خط الفقر حتى نضمن وصول الدعم إلى الأسر الفقيرة”.
وأشار إلى أن “المحور الثاني يركز على إصلاح نظام البطاقة التموينية والعمل مع وزارة التجارة بهدف تخصيص هذا البرنامج للأسر الفقيرة، مع إعادة النظر بالمشمولين، حيث إن كثيرين منهم من ميسوري الحال، والأولى أن تذهب هذه المواد للأسر الفقيرة”.
وتابع، “كما أن الاستراتيجية تهدف إلى تحسين دخل ومستوى معيشة العوائل الفقيرة من خلال مسارات أخرى ترتبط بالتعليم والصحة والسكن”.
وأكد أنه “من هذا الإطار تستعد وزارة التخطيط لإطلاق أحد أكبر المسوح الاقتصادية والاجتماعية في العراق، وقريباً سوف يتم إطلاق العمل بهذا المسح والذي سيعطينا مؤشرات مهمة جداً عن مستوى الفقر وخط الفقر ومستوى معيشة الفقراء ومناطق تركزهم، ومن ثم سنستخدم مخرجات هذا المسح ومؤشراته في كتابة استراتيجية الفقر التي يتم الإعداد لها حالياً”.
مكافحة الفقر مهمة صعبة
إلى ذلك يرى الباحث الاقتصادي بسام رعد أنه على الرغم من الموارد المالية الضخمة المتأتية من عائدات النفط والتي تجاوزت 72 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الماضية من هذا العام فإن معدلات البطالة ارتفعت إلى 16.5 في المئة، وهي تمثل النسبة المئوية للقوى العاملة العاطلة عن العمل، كما ارتفعت معدلات الفقر إلى حدود 25 في المئة من السكان بحسب بعض التقديرات، وهو ما يؤشر إلى أننا نعيش في مرحلة حرجة للغاية”.
ويلفت إلى أن “مكافحة الفقر في العراق ستكون مهمة صعبة، إلا أنها باتت ضرورة قصوى وينبغي العمل على إنهاء الفقر بكل أشكاله والعمل على تعزيز التنمية المستدامة مع ضمان التعليم اللائق وفرص التعليم، والعمل على تعزيز النمو الاقتصادي الشامل المستدام والعمالة المنتجة والعمل اللائق للجميع، وهذا يتطلب إصلاحاً اقتصادياً شاملاً، بالإضافة إلى القضاء على مظاهر الفساد الإداري والمالي، حيث يُعد الفساد الإداري والمالي واحداً من أهم الإشكاليات التي يعانيها البلد ويعيق بشكل كبير سياسات خفض معدلات الفقر والبطالة”.
ورأى رعد بأن خفض معدلات الفقر بشكل سريع ممكن من خلال دعم مكونات البطاقة التموينية وزيادة مبالغ الرعاية الاجتماعية للفئات الهشة، والتي تعاني البطالة والفقر، وبخلاف ذلك فإن خارطة الفقر في البلد سوف تتوسع، مما ينذر بمخاطر اجتماعية خطيرة تهدد وحدة المجتمع وسلامته.