الدعوات إلى الحوار والتهدئة في العراق هل تخدم المالكي أم الصدر

الدعوات إلى الحوار والتهدئة في العراق هل تخدم المالكي أم الصدر

بغداد – يسعى قادة العراق لإيجاد مخرج سياسي للوضع الحالي وذلك بعد تصاعد التوتر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي وسط مخاوف من أن ينعكس سلبا على الاستقرار في البلد.

وقال الرئيس العراقي برهم صالح خلال المؤتمر الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي عقد السبت إن العراق يمر بظرف دقيق وحساس وتحديات جسيمة.

وأضاف أن “التعثر السياسي الراهن في إنجاز الاستحقاقات الوطنية الدستورية بعد مضي عشرة أشهر على إجراء الانتخابات هو أمر غير مقبول”.

وتابع “يجب الانتصار لخيار الحوار مهما بلغت درجة الأزمة والخلاف”، مشددا على ضرورة “الإصلاح ومعالجة مكامن الخلل القائمة وصولاً إلى حلول جذرية تُمكّن العراقيين من بناء حقيقي لدولة حامية وخادمة لمصالح كل العراقيين”.

وقال إن “الحراك السياسي بتعدد مساراته يجب ألّا يتحول إلى خلاف يهدد سلامة المشروع الوطني”.

ولا يزال العراق يشهد أزمة سياسية منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في البلاد في العاشر من أكتوبر الماضي، حيث لم يتم تشكيل حكومة أو اختيار رئيس للبلاد.

ويطالب أنصار التيار الصدري الذين يواصلون منذ الثلاثين يوليو الماضي اعتصامهم داخل وقبالة البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء، بحل مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات مبكرة للخروج من الأزمة.

الحراك السياسي بتعدد مساراته في العراق يجب ألا يتحوّل إلى خلاف عميق يهدّد سلامة المشروع الوطني بأسره

من جانبهم يطالب أنصار الإطار التنسيقي الشيعي الحليف لإيران بحماية هيبة الدولة واحترام الإطار الدستوري والقانوني والإسراع بتشكيل حكومة جديدة بقيادة الكتلة الأكثر عددا في البرلمان العراقي التي تمثلها قوى الإطار التنسيقي.

ودخل الصدر في خلافات شخصية مع رئيس الوزراء العراقي الأسبق وأبرز قيادات الإطار التنسيقي نوري المالكي حيث دعاه الشهر الماضي إلى اعتزال السياسة أو تسليم نفسه إلى القضاء، متهما إياه بالتحريض على الاقتتال بين الشيعة بسبب أحد التسجيلات المسربة له.

وكان زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي هدد في التسريب بالهجوم على النجف لإسقاط ما أسماه “مشروع الصدر”.

والشهر الجاري دعا الصدر إلى تشكيل حكومة عراقية لا تضم تياره ولا ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي كمخرج لحالة الجمود السياسي، وهو اقتراح يؤكد حجم العداوة القائمة بين الرجلين.

ويظهر أن تصاعد التوتر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي وخاصة ائتلاف دولة القانون يدفع قادة العراق إلى التدخل، وسط تساؤلات إن كانت الدعوة إلى الحوار تخدم المالكي أم الصدر الذي بات يتمتع بقوة بعد نجاحه في الفوز في الانتخابات التشريعية الماضية.

وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال مشاركته في أعمال المؤتمر إن “الأزمات السياسية في العراق من غير المعقول أن تبقى بلا حلول وقد تغلبنا على أزمات أمنية طاحنة وتجاوزنا أزمة اقتصادية ووفرنا الرواتب للموظفين”.

وأضاف أن “البلد مازال يمتلك اليوم فرصة كبيرة لتحقيق طفرات اقتصادية”، داعيا “الجميع إلى تقديم التنازلات والحرص على البلد لأن العراق أكبر من الجميع”.

وطالب الجميع بتحمل المسؤولية في التوصل إلى حلول للأزمة، مؤكدا أن مفتاح الحل يكمن في جلوس الجميع على طاولة الحوار الوطني.

من جانبه جدد رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي تأييده لمبادرة الحوار الوطني لأن وضع العراق لا يمكن أن يستمر في هذه الحالة.

وقال إن “ما وصلنا إليه اليوم يمثل تراجعاً عما كنا عليه ويجب الجلوس على طاولة الحوار والمضي بانتخابات مبكرة من خلال الجلوس على طاولة حوار تصل إلى حلول للأزمة السياسية الراهنة”.

بدوره دعا عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة الوطني جميع الأطراف والشركاء إلى تغليب مصلحة الوطن لتجاوز الأزمات الراهنة والانطلاق نحو مستقبل آمن ومزدهر لأبناء الشعب العراقي.

وقال الحكيم خلال المؤتمر إن “الذهاب إلى انتخابات مبكرة بحاجة إلى تمهيدات ومناقشات برلمانية وقانونية تجعل من هذا الخيار مسارا عمليا آمنا ومقبولا من جميع الشركاء”.

وأضاف “أوجه رسالة محبة وتقدير لأخينا مقتدى الصدر وأبناء التيار الصدري الكرام وأقول لهم كنا ومازلنا وسنبقى أبناء وطن واحد وتاريخ واحد وأسرة واحدة، يجب ألّا يفرقنا اختلاف الآراء وسوء الفهم ولا تمزق وحدتنا أيدي الفتنة والجهل والبغضاء”.

وأكد أن “حشد جميع الطاقات الاجتماعية والسياسية واستثمارها وتوحيد بوصلتها يمثل الحل الأمثل لما نمر به”، مشيرا إلى أن “رمي الاتهامات والتنصل من المسؤوليات والتصعيد المفتوح كلها أمور لا تخدم المواطنين بشيء ولا تزيدهم إلا نفورا وحنقا على جميع الأطراف”.

ولفت الحكيم إلى أن “رفع سقف المطالب السياسية من دون وجود مشاريع واقعية وعملية لا يمثل مدخلاً لحل الملفات العالقة والضاغطة خدمياً وعمرانياً واقتصادياً وأن سياسات التزمّت والتنمر لا يمكنها أن تكون بديلاً لما ينتجه الحوار”.

العرب