على الرغم من استبعاد وجود تدخل دولي في حل الأزمة العراقية الحالية المستمرة بين الأطراف الشيعية منذ انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ربما يكون الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة التي تنذر باندلاع نزاع مسلح في حال استمرارها.
التدخل الدولي
وربما استشعر رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي خطر الأزمة الحالية على السلم والأمن في البلاد عندما دعا عبر بيان إلى ضرورة الاحتكام للدستور لإخراج البلاد من مأزقها، وحذر من أن استمرار هذه الأزمة قد يؤدي إلى عدم اعتراف دولي بكامل العملية السياسية وهيكلية الدولة ومخرجاتها، وتابع أن ما وصل إليه الوضع العراقي اليوم للأسف يمثل تراجعاً في الوضع السياسي عما كان عليه من تعطيل المؤسسات الدستورية، فمجلس النواب معطل ومجلس القضاء كذلك، إضافة إلى حكومة تسيير أعمال”.
أسباب إنسانية
ويرجح مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل تدخل المجتمع الدولي في البلاد لأسباب إنسانية نظراً إلى عدم توافر الأمن والاستقرار، فيما أشار إلى أن مثل هذا “التدخل سيلقى تأييداً شعبياً ورفضاً من حلفاء إيران وسط استمرار الفراغ الدستوري والانقسامات الحادة بين أطراف العملية السياسية والصراع للاستحواذ على مراكز النفوذ واحتكار السلطة، إلى جانب الفساد المالي المستشري على صعيد مختلف المؤسسات”، مبيناً أن هذا “الفراغ يجري بالتزامن مع انعدام الأمن والاستقرار واتساع دائرة الفقر والعجز في تقديم الخدمات وانتشار الميليشيات المسلحة، بالتالي يمكن أن يكون هناك تدخل دولي بالعراق”.
انتهاكات خطيرة
وأوضح أن تقارير منظمة “هيومن رايتس ووتش” حول العراق أكدت “وجود انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والديمقراطية، إلى جانب عدم عودة مليون مواطن من النازحين إلى مدنهم وقراهم وإجراء تغييرات ديموغرافية قسرية كما في جرف الصخر وعدم السماح لأهلها بالعودة”، لافتاً إلى أن “تقرير الممثلة الأممية في العراق بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي قدم قاعدة من المعلومات تدين الطبقة السياسية وتكشف معاناة الشعب العراقي، مما يستدعي أن يتدخل المجلس الدولي لأسباب إنسانية لحماية الشعب”.
التدخل دبلوماسياً
وتابع أن الرئيس الأميركي جو بايدن وقع بداية العام على “استمرار وضع العراق تحت قانون الطوارئ لعدم توافر الأمن والاستقرار واستمرار الميليشيات بانتهاك حقوق الشعب العراقي في حياة آمنة ومستقرة، مما يتيح المجال للمجتمع الدولي للتدخل دبلوماسياً أو عسكرياً لإنقاذ الشعب العراقي”، ورجح أن “يحظى التدخل الدولي بتأييد شعبي في العراق للخروج من اليأس، إلا أن حلفاء إيران سيواجهون هذا التدخل وربما تتدخل طهران لحماية حلفائها”، وبحسب فيصل، فإن “الصدر سيقف مبدئياً ضد أي تدخل عسكري”.
التدويل مرحب به بشروط
فيما يشير رئيس مركز كلوذا للدراسات وقياس الرأي باسل حسين إلى أن “عدداً من العراقيين يرون أن الأزمة السياسية في البلاد لا يمكن حلها إلا من خلال التدويل”، مستبعداً أن تكون “هناك مبادرات دولية أو يتم الاتجاه إلى التدويل في الوقت الحالي”.
وقال إن “المجتمع الدولي أصيب بالإرهاق من العراق ولا يمكن توقع انغماسه بشدة في المشهد السياسي به، إذ إن استمرار الأزمة العراقية لمدة 19 عاماً مع ظهور أزمات جديدة أديا إلى تراجع البلاد في سلم أولويات المجتمع الدولي”.
واستعبد حسين أن “تكون هناك في الأفق القريب مبادرات دولية أو محاولات لتدويل المسألة العراقية، إيماء أو تلميحاً أو تصريحاً”، مرجحاً أن “التدويل لن يتم إلا في حال تحول الصراع إلى اقتتال، حينها يمكن الحديث عن ذلك”، وتابع أن “مبادرات بعثة الأمم المتحدة ما زالت خجولة وتتجنب الدخول في تفاصيل الأزمة وإنما تحاول أن تكون جسراً واصلاً بين المتخاصمين”.
ويعتبر حسين أن “المطالبين بالتدخل الدولي يرون أن الفرقاء في العراق غير قادرين على إيجاد الحلول السياسية للأزمة من دون تدخل دولي”، مشيراً إلى أن “تدويلها سيساعد على إمكان الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف من جهة ومن أخرى مع انعدام الثقة بين أطراف النزاع، فإن الاتفاقات بحاجة إلى ضامن دولي”.
بدوره، يرى الخبير القانوني علي التميمي أن “التدخل الدولي آت إذا لم يوضع حد للأزمة السياسية عبر حل البرلمان من خلال المحكمة الاتحادية، وقال إن “مجلس الأمن يحق له اتخاذ قرار تجاه العراق وفق المواد 39 و34 و24 من ميثاق الأمم المتحدة لأن ما يجري يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين”.
وأضاف أن “حكومة الكاظمي يمكنها طلب مساعدة قوات التحالف وفق المادة 27 من الاتفاق الاستراتيجي بين العراق وأميركا وفق قرارات مجلس الأمن التي وضعت العراق تحت الفصل السابع والسارية المفعول”، وتابع أن “البرلمان يتوجب عليه عقد جلسة طارئة لحل البرلمان، خصوصاً أنه يحتاج إلى 165 نائباً للتصويت و110 يقدمون طلب الحل، كما يمكن عقد جلسة استثنائية للبرلمان في أي مكان من العراق وفق المادة 21 من نظام البرلمان الداخلي”.
اندبندت عربي