استثمار أميركي – سعودي في الذكاء الاصطناعي لرصد تهديدات إيران بحرا

استثمار أميركي – سعودي في الذكاء الاصطناعي لرصد تهديدات إيران بحرا

تشكل مياه الخليج ساحة صراع متحركة بين الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين من جهة وإيران من جهة ثانية، وتراهن واشنطن لحسم هذا الصراع لصالحها على تطوير منظومات دفاع ومراقبة، قائمة على الذكاء الاصطناعي.

الرياض – تشكل النشاطات الإيرانية في مياه الخليج مصدر قلق دائم بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها في دول الخليج والشرق الأوسط، ما يدفع هذه الأطراف نحو المزيد من التعاون للتصدي لمثل هذه التحديات، مراهنين في ذلك على الأنظمة الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

ويرى مراقبون أن إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران لا تعني أن واشنطن ستستكين لباقي التحديات التي تمثلها طهران في المنطقة لاسيما في علاقة بطرق الملاحة الدولية.

ويقول المراقبون إن هناك تنافسا على أشده بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وإيران من جهة ثانية حول الطرق البحرية في المنطقة، لافتين إلى أن استخدام المنظومات الحديثة بالتأكيد سيحسم الصراع لفائدة واشنطن والقوى الحليفة.

جاريد كوشنر: تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل أمر حتمي

وكشفت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ أن البحرية الأميركية تعمل مع كل من المملكة العربية السعودية وإسرائيل ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط على بناء شبكة من المسيرات البحرية (زوارق غير مأهولة يتم التحكم فيها عن بعد) لرصد نشاطات الجيش الإيراني بالمنطقة.

وجاء هذا الكشف في خضم تضارب روايات بشأن “احتجاز” إيران لفترة وجيزة سفينة بحرية غير مأهولة تابعة للقوة البحرية الأميركية في مياه الخليج.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن ضباط أميركيين قولهم إن وزارة الدفاع (البنتاغون) تأمل في أن يكون هذا البرنامج نموذجا للعمليات في جميع أنحاء العالم.

وامتنع الضباط عن الكشف عن عدد المسيرات الجوية والبحرية التي نشرتها الولايات المتحدة وحلفاؤها أو الإدلاء بتفاصيل حول مكان وكيفية استخدامها، قائلين إن هذه المعلومات سرية. لكنهم أوضحوا أن الزوارق المسيرة والطائرات دون طيار تمنحهم رؤية أفضل لمياه المنطقة.

وسبق أن أعلنت البحرية الأميركية عن نيتها نشر 100 مسيرة بحرية صغيرة مخصصة للاستطلاع تعمل من قناة السويس في مصر إلى مياه الخليج العربي قبالة الساحل الإيراني بحلول صيف العام المقبل، حيث تزود هذه الزوارق غير المأهولة مقر الأسطول الأميركي الخامس في البحرين بالمعلومات.

وقال قائد الأسطول الخامس نائب الأدميرال براد كوبر إن العمل جار مع الشركاء الإقليميين للاستفادة من الأنظمة الجديدة، معربا عن “حماسه للمستقبل بالشراكة مع حلفائنا في المنطقة”. وتحدث حينها في لقاء مع شبكة “الحرة” الأميركية “نحن نحاول بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي والأنظمة غير المزودة بالرجال، أن نضع المزيد من العيون على المياه في الخليج”.

وتأتي جهود الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة مع تزايد القلق بشأن نفوذ إيران في أحد أهم الطرق الاقتصادية بالعالم. وكانت طهران قد نشرت سفنا وغواصات مزودة بطائرات مسيرة وحذرت من استعدادها لاستخدامها.

وتوعد قائد الجيش الإيراني، عبدالرحيم موسوي، في مؤتمر صحافي جرى بالتوازي مع زيارة قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن في يوليو الماضي لكل من السعودية وإسرائيل “إذا أخطأ الأعداء، فإن هذه الطائرات دون طيار ستقدم لهم ردا مؤسفا”.

وقال مسؤولون أميركيون الثلاثاء إن سفينة يديرها الحرس الثوري الإيراني حاولت الاستيلاء على مسيرة بحرية أميركية مزودة بكاميرات ورادار وأجهزة استشعار أخرى، لكنها تخلت عن ذلك عندما اقتربت سفينة حربية وطائرة هليكوبتر أميركية من الموقع في مياه الخليج.

وصرح النقيب مايكل براسور، الذي يرأس فرقة البحرية الأميركية العاملة على بناء أسطول المسيرات البحرية في الشرق الأوسط، “أعتقد أننا حقا على أعتاب ثورة تكنولوجية للزوارق المسيرة غير المأهولة”.

ورد الحرس الثوري على تصريحات المسؤولين الأميركيين، ببيان صدر الأربعاء قال فيه إن قوته البحرية نجحت في التحكم في قطعة بحرية أميركية، وقد تم جر قطرها بواسطة سفينة إسناد تابعة للحرس الثوري، قبل أن يجري الإفراج عنها بعد أن ثبت أنها لا تشكل تهديدا للأمن القومي الإيراني.

وسبق أن اتهمت الولايات المتحدة وإسرائيل، إيران باستخدام طائرات مسيرة لاستهداف ناقلة تجارية تابعة لإسرائيل قبالة سواحل إيران العام الماضي في هجوم أسفر عن مقتل اثنين من أفراد الطاقم. ونفت إيران ذلك.

ويعد البرنامج، الذي دخل شهره السادس، جزءا من علاقة تعاونية مزدهرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج في أعقاب اتفاقيات إبراهام.

ويعكس البرنامج جهودا أخرى بقيادة الولايات المتحدة لتوحيد جهود إسرائيل وجيرانها في الخليج في إنشاء شبكة دفاع جوي إقليمية.

وتدير الأسطول الخامس للولايات المتحدة شبكة من الأنظمة المأهولة وغير المأهولة وفقا للقانون الدولي. ويعزز دمج الأنظمة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي في عمليات الأسطول من اليقظة البحرية للقوات الأميركية والشركاء الدوليين في المياه في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كما تقول البحرية الأميركية.

البحرية الأميركية تعمل مع كل من المملكة العربية السعودية وإسرائيل ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط على بناء شبكة من المسيرات البحرية

ومن مركز العمليات الروبوتية في المنامة، يراقب أفراد البحرية الأميركية والمتعاقدون الخاصون تقدم المسيرات البحرية، حيث تعرض شاشات الفيديو تنبيهات حمراء وامضة عندما تحدد هذه الزوارق غير المأهولة “الأهداف المظلمة” أو التهديدات المشتبه بها.

وتختبر البحرية الأميركية مجموعة من المسيرات البحرية، بما في ذلك واحدة تشبه قاربا سريعا ويمكن أن تصل سرعتها إلى ما يقرب من 90 ميلا في الساعة.

كذلك، تعمل البحرية الأميركية مع المسيرات من طراز “بريداتور” وزوارق غير مأهولة من نوع “سال درون”، والتي يمكنها البقاء في البحر لمدة ستة أشهر.

وقال نائب الأدميرال براد كوبر، إن الأسطول أثبت قيمته من خلال الكشف عن نشاط مثل تحرك سفينة بحرية صينية عبر المنطقة، وعمليات النقل المشبوهة من سفينة إلى سفينة، والسفن التي تستخدم أجهزة التعقب الإلكترونية لإخفاء هوياتها.

وتابع “لقد تمكنا من اكتشاف نشاط لم نكن نعلم أنه كان يحدث من قبل”.

ووفق صحيفة “وول ستريت جورنال” فإن المسيرات البحرية التي يجري اختبارها الآن غير مسلحة. لكن محللي الدفاع يتوقعون أن تتحرك البحرية نحو تجهيز بعضها بالأسلحة في المستقبل، وهو أمر من المرجح أن يثير جدلا حادا.

العرب